اليمن والعالم الأخرس

في عام 2015 كان اليمن واحدا موحدا بين الشمال والجنوب ، وكانت الحياة تسير فيه طبيعية كما تسير في باقي البلدان الاخرى ،  وكان تنظيم القاعدة الارهابي يمر في اضعف مراحله ، خلا بعض الخلافات بين الجماعات السياسية ، وهي خلافات كثيرا ما نشاهدها في بلدان أخرى من العالم بين وقت وآخر.

كان بالامكان حل هذه الخلافات السياسية ، والتي تطورت الى اشتباكات مسلحة ، عبر الحوار والمفاوضات وتشجيع اليمنيين على الجلوس حول طاولة واحدة ، لبحث جميع القضايا الخلافية ، وهي قضايا كانت مجملها قابلة للحل عبر الحوار ، نظرا لعدم وجود اي امكانية لاي طرف يمكن ان يفرض نفسه بالقوة على الاطراف الاخرى ، وهذه الحقيقة يعرفها اليمنيون قبل غيرهم.

الكارثة التي حلت باليمن جاءت من جارته الشمالية ، التي وقعت في خطأ تاريخي كبير ، عندما اعتقدت انه بالامكان تقوية جانب على جانب آخر ، واخراجه من الحياة السياسية بالقوة العسكرية، وكذلك اخطأت خطا اكبر فداحة عندما استخدمت السلاح الطائفي الخطير حينما زرعت الفرقة بين ابناء الدين الواحد من خلال اشعال نيران الفتن الطائفية.

منذ عام 2015 وحتى اليوم واليمن يتعرض لاخطر كارثة انسانية يشهدها التاريخ المعاصر ، تنفذها دول تدعي انها “شقيقة” لليمن ، بذرائع تضحك الثكلى ، وضعت العدالة الانسانية والدولية على المحك ، حتى عاد اسم العدوان على اليمن يعيد للاذهان كل الفظاعات التي ارتكبت في التاريخ ضد الانسانية ، فلم تتوان الجهات التي تقف وراء هذا العدوان من ارتكاب كل ما يمكن تصوره من اعمال قبيحة وشنيعة ضد الحياة والانسانية والطفولة والحضارة والتاريخ والقيم والدين والجيرة.

العدوان على اليمن اباد اغلب مقومات الحياة في هذا البلد الفقير اصلا ، وقتل عشرات الالاف من ابنائه ، وآخر المجازر التي ارتكبها باحدث الاسلحة الامريكية والبريطانية والفرنسية ، كانت مجزرة اطفال الباص في صعدة والتي ذهب ضحيتها نحو 60 طفلا وجرح نحو 100 آخرين ، واعترفت السعودية وعلانية بانها هي التي نفذت المجزرة ، واعتبرتها شرعية.

اذا ما وضعنا جانبا عدد الضحايا الابرياء الذين ارهقت ارواحهم ظلما في العدوان السعودي الاماراتي على اليمن ، فان هذا العدوان قسم اليمن وبشكل عملي ، فهذه عدن التي اتخذها الرئيس المخلوع والهارب عبدربه منصور هادي عاصمة له ، دون ان يتمكن فعلا من المكوث فيها ، تحولت الى مرتعا خصبا للانفصالين وعصابات الجريمة المدعومة من الامارات ، وآخر فعاليات وانشطة الانفصالين ، كان الهجوم الذي نفذه مسلحون امس السبت على حفل تخرج في أكاديمية عسكرية بعدن ، واسفر الهجوم عن قتلى وجرحى.

أحد ضباط الأكاديمية اكد في حديث تناقلته وكالات الانباء العالمية ، إن قوات انفصالية جنوبية تقاتل إلى جانب تحالف تقوده السعودية ، ضد حركة انصار الله واللجان الشعبية ، فتحت النار من قاعدتها الجبلية في الجهة المقابلة للأكاديمية ، فور رفع علم اليمن الموحد في حفل التخرج.

وياتي هذا الهجوم ، تتويجا للتوتر والصراع الدائر بين الانفصاليين الجنوبيين، المتحالفين مع دولة الإمارات، بين حكومة عبد ربه منصور هادي ، المدعومة ، كما يتم الاعلان عن ذلك منذ اكثر من ثلاث سنوات من قبل التحالف السعودي الاماراتي!!.

اما على صعيد عودة الروح الى جسد القاعدة والتكفيريين في اليمن بعد العدوان السعودي الاماراتي ، فهذه وكالة “أسوشيتد برس” الامريكية كشفت قبل ايام في تحقيق مطول ن اتفاقيات سرية ابرمتها السعودية والامارات مع تنظيمات تكفيرية إرهابية في اليمن، وفي مقدمتها القاعدة.

وذكرت الوكالة انه في ربيع عام 2016 تم عقد اتفاقية انسحب بموجبها الآلاف من مقاتلي القاعدة من المكلا، خامس أكبر مدينة في اليمن وميناء رئيسي على بحر العرب، وتم تأمين طريق الخروج للمقاتلين الذين سمح لهم بالاحتفاظ بأسلحتهم والأموال التي نهبوها من المدينة والتي تصل إلى 100 مليون دولار حسب بعض التقديرات.

وتستند المعلومات التي توصلت إليها وكالة الأسوشيتد برس، إلى تقارير في اليمن ومقابلات مع أكثر من 20 مسؤولاً، من بينهم ضباط أمن يمنيين وقادة ميليشيات ووسطاء قبليين وأربعة أعضاء في فرع القاعدة. وفضل معظمهم  دون الكشف عن هويتهم خشية أعمال انتقامية، حيث تُتهم الفصائل المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، مثل معظم الجماعات المسلحة في اليمن، باختطاف أو قتل منتقديها.

امام كل هذه الفظاعات التي تنزل باليمن بسبب نزوة امراء اغرتهم اموالهم الطائلة ، ووقوف الغرب المنافق وعلى راسه امريكا معهم ، والعالم الاخرس ، على ان يتمادي في قتل اليمنيين العزل ، يبقى الحق اليمني صخرة صماء ، يتكسر عليها ، كل نفاق الغرب ، وكل طغيان الامراء ، فللباطل جولة وللحق دولة.

*فيروز بغدادي

Check Also

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *