– تعتبر بعض الدول ، وخاصة العربية والاسلامية ، تبعيتها لامريكا وعلاقتها ب”اسرائيل” ، تمنحها سلطة فوق القانون الدولي ما يجعلها تقوم بشن حروب على دول وغزوها وارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ، دون ان تتجرأ اي منظمة دولية وفي مقدمتها منظمة الامم المتحدة ، حتى عن اصدار بيان “يُعاتب” هذه الدول على ما تقترفه من فظائع ضد الشعوب الاخرى ، الامر الذي جعل هذه الدول تتمادى في غيها دون رادع اومانع.
من هذه الدول التي استغلت علاقاتها مع امريكا لتعتدي على جيرانها وترتكب من الجرائم ما يندى لها جبين الانسانية ، هي السعودية وتركيا ، فالاولى مازالت ومنذ اربع سنوات تفتك باليمنيين المسالمين دون ذنب ، حتى اخذت المجاعة والامراض والاوبئة والعطش يقتل من اليمنيين اكثر مما تقتل طائرات وصواريخ ومرتزقة السعودية والامارات ، فلم تميز هذه الطائرات بين المستشفيات والمدارس والمعامل والمصانع والطرق والشوارع والاعراس ومجلس العزاء وآخرها جرائم الحديدة ، دون ان تتجرأ منظمة الامم المتحدة ان تقول للسعودية كفى.
اما تركيا فحدث ولا حرج ، فهذا العضو الفعال في الناتو والبلد الذي يرتبط بعلاقات استراتيجية مع “اسرائيل” ، فلا توجد امام اطماعها اي خطوط دولية حمراء ، فالجيش التركي يغزو العراق ويغزو سوريا ويحتل مدنا عراقية وسورية ، ويقتل اهلها ويطهرها عرقيا ويغير التركيبة السكانية فيها ، ويرفض كل نداءات الحكومتين العراقية والسورية للانسحاب من اراضيهما ، دون ان تتجرأ منظمة الامم المتحدة من الاشارة مجرد اشارة للفظاعات والانتهاكات ضد الشعبين العراقي والسوري.
قبل ايام اصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا دعت فيه تركيا إلى وضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الاكراد في مدينة عفرين السورية ، التي احتلها الجيش التركي في اذار / مارس الماضي.
وقالت المنظمة غير الحكومية في تقريرها إن الجيش التركي ومرتزقته ، يمارسون اعتقالات تعسفية واختفاء قسري ضد المواطنين السوريين الاكراد ، ومصادرة ممتلكاتهم ونهبها ، وتشريدهم ، وحضّت المنظمة انقرة على وضع حد فوري لهذه الانتهاكات ، التي تتحمل تركيا مسؤوليتها باعتبارها قوة احتلال.
يبدو ان تركيا لم يكفها قتل المئات من الاكراد في عفرين وتشريد عشرات آلاف من سكانها خلال العملية التي أُطلقت عليها اسم “غصن الزيتون” ، لذلك تحاول طرد ما تبقى من اهل عفرين منها واسكان مرتزقتها لتغيير تركيبتها السكانية بشكل عنصري سافر، وبشهادة منظمات دولية.
في المقابل يتفجر النفاق والصلف والعنجهية الامريكية بابشع واقبح صورها ، حيث تتذكر امريكا القانون الدولي وحقوق الانسان والعدالة والانسانية ، فقط عندما تسعى حكومات لمحاربة العصابات الاجرامية مثل “داعش” والقاعدة ، لان هذه الحكومات تناهض امريكا ، فهذه الحكومة السورية ، لم تعتد على اي دولة ، بل هي من اعتُدي عليها عبر تصدير مئات الالاف من المجرمين التكفيريين من مختلف انحاء العالم الى اراضيها ، تتعرض كل يوم لضغوط وقصف وحظر لانها تحارب الارهاب الامريكي المتمثل بالجماعات التكفيرية ، وطالما حرضت امريكا مجلس الامن والمحافل الدولية ضد الحكومة السورية ، لان الاخيرة لا تحترم حقوق الانسان !! ، وتختلق مسرحيات متنوعة كمسرحية السلاح الكيمياوي ، اخراج امريكا واسرائيل وانتاج السعودية وتمثيل الخوذ البيضاء ، بينما تمر امريكا من امام فظائع السعودية وتركيا التي ترتكب خارج اراض البلدين وضد شعوب اخرى مسالمة ، عربية ومسلمة.
ما نشهده اليوم في منطقة الشرق الاوسط من فوضى ودمار ، هو نتيجة طبيعية لفرض القانون الامريكي الاعور على المحافل الدولية ، والذي يجعل اذناب امريكا تتجاسر وتدوس على القانون الدولي ، وترتكب الفظائع بحق الشعوب الاخرى ، دون ان تكون هناك جهة يمكن ان تردعها ، لذلك تبقى جرائم هذه الاذناب متواصلة كما في عفرين والحديدة وغيرها.
*فيروز بغدادي