اللقاء بالامام (لقاء البقال به عليه السلام في مسجد السهلة(1))

لّما كنت مجاوراً في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية وذلك في حدود السنة (1275هـ) كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة يصفون رجلاً يبيع البقل أنه رأى مولانا الامام المنتظر عليه السلام ، فطلبت معرفة شخصه حتى عرفته، فوجدته رجلاً صالحاً متديناً، وكنت أحب الإجتماع معه في مكان خال لاستفهم منه كيفية رؤيته مولانا الحجة (روحي فداه)، فصرت كثيراً ما أسلّم عليه واشتري منه مّما يتعاطى بيعه، حتى صار بيني وبينه مودّة، كل ذلك مقدمة لتعرف خبره المرغوب في سماعة عندي حتى اتفق لي أني توجهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الاربعاء.

ورد في كتاب النجم الثاقب للعلامة آية الله الشيخ حسين النوري ج2 ص 163: قال:

أخبرني السيد المؤيد المذكور ـ يريد به السيد الجليل علي خان الشيرازي صاحب كتاب شرح الصحيفة الصمدية ـ مشافهة وكتابة قال:

لّما كنت مجاوراً في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية وذلك في حدود السنة (1275هـ) كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة يصفون رجلاً يبيع البقل أنه رأى مولانا الامام المنتظر عليه السلام ، فطلبت معرفة شخصه حتى عرفته، فوجدته رجلاً صالحاً متديناً، وكنت أحب الإجتماع معه في مكان خال لاستفهم منه كيفية رؤيته مولانا الحجة (روحي فداه)، فصرت كثيراً ما أسلّم عليه واشتري منه مّما يتعاطى بيعه، حتى صار بيني وبينه مودّة، كل ذلك مقدمة لتعرف خبره المرغوب في سماعة عندي حتى اتفق لي أني توجهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الاربعاء.

فلما وصلت إلى  باب المسجد رأيت الرجل المذكور عند الباب، فاغتنمت الفرصة وكلّفته المقام معي تلك الليلة، فأقام معي حتى فرغنا من العمل الموظف في مسجد السهلة، فتوجهنا الى مسجد الكوفة وعملنا بعض الأعمال فالتمست منه أن يحدثني بالقصة، تفصيلاً فقال ما معناه:

إني كنت كثيراً ما أسمع من أهل المعرفة والديانة أن من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية بنيّة رؤية الامام المنتظر عليه السلام  وُفّق لرؤيته، وأن ذلك قد جُرّب مراراً، فاشتاقت نفسي إلى ذلك ونويت ملازمة عمل الاستجارة كل ليلة أربعاء، ولم يمنعني من ذلك حرّ ولا برد ولا مطر ولا غيره، حتى مضى لي ما يقرب من مدة سنة وأنا ملازم لذلك العمل، وأبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.

ثم أني خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشياً على عادتي وكان الوقت شتاءً، وكانت تلك العشية مظلمة جداً لتراكم الغيوم مع قليل من المطر، فتوجهت الى المسجد وأنا مطمئن بمجيء الناس على العادة المستمرة، حتى وصلت الى المسجد وقد اشتد الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتد بي الخوف وأخذني الرعب من الوحدة لأنّي لم أصادف في المسجد الشريف أحداً، حتى أن الخادم المقرر للمجيء ليلة الاربعاء لم يأتِ تلك الليلة.

فاستوحشت لذلك للغاية، ثم قلت في نفسي: ينبغي أن أصلي المغرب، وأعمل عمل الاستجارة عجالة وأمضي إلى مسجد الكوفة، فصبّرت نفسي، وقمت إلى صلاة المغرب فصلّيتها، ثم توجهت لعمل الاستجارة وصلاتها ودعائها، وكنت احفظه.

فبينما أنا في صلاة الاستجارة، إذ حانت مني التفاتة الى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان عليه السلام  وهو في قبلة مكان المصلين، فرأيت فيه ضياءً كاملاً وسمعت قراءة مصّلٍ (فطابت نفسي وحصل كمال الأمن والاطمئنان، وظننت أن في المقام الشريف بعض الزوار وأنا لم أطّلع عليهم وقت قدومي الى المسجد، فأكملت عمل الاستجارة وأنا مطمئن القلب.

ثم توجهت نحو المقام الشريف ودخلته، فرأيت فيه ضياءً عظيماً، لكني لم أرَ بعينيّ سراجاً وكنت في غفلة عن التفكر في ذلك، ورأيت فيه سيداً جليلاً مهاباً بصورة أهل العلم وهو قائم يصلي، فارتاحت نفسي اليه، وأنا أظن أنه من الزوار الغرباء، لأني تأملته في الجملة فعلمت أنه ليس من سكنة النجف الاشرف.

فشرعت في زيارة مولانا الحجة عليه السلام  عملاً بوظيفة المقام وصلّيت صلاة الزيارة، فلما فرغت أردت أن أكلّمهُ في المضي الى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا أنظر الى خارج المقام فأرى شدة الظلام، واسمع صوت الرعد والمطر، فالتفت اليّ بوجهه الكريم برأفة وابتسام، وقال لي: تحب أن تمضي الى مسجد الكوفة؟ فقلت: نعم يا سيدنا، عادتنا أهل النجف إذا تشرّفنا بعمل هذا المسجد نمضي الى مسجد الكوفة ونبات فيه، لأن فيه سكاناً وخدّاماً وماءً.

فقام وقال: قم بنا نمضِ الى مسجد الكوفة، فخرجت معه وأنا مسرور به وبحسن صحبته، فمشينا في ضياء وحسن وهواء وأرضٍ يابسة لا تعلق بالرجل، وأنا غافل عن حال المطر والظلام الذي كنت أراه،حتى وصلنا الى باب المسجد وهو ـ روحي فداه ـ معي وأنا في غاية السرور والأمن بصحبته، ولم أرَ ظلاماً ولا مطراً.

فطرقت الباب الخارجة عن المسجد، وكانت مغلقة، فأجابني الخادم: من الطارق؟ فقلت: إفتح الباب، فقال: من أين أقبلت في هذه الظلمة والمطر الشديد؟ فقلت: من مسجد السهلة، فلما فتح الخادم الباب إلتفت إلى ذلك السيد الجليل فلم أره، واذا بالدنيا مظلمة للغاية، وأصابني المطر، فجعلت أنادي: يا سيدنا، يا مولانا، تفضل فقد فتحت الباب، ورجعت الى ورائي أتفحص عنه وأنادي فلم أرَ أحداً أصلاً. وأضر بي الهواء والمطر والبرد في ذلك الزمان القليل.

فدخلت المسجد، وانتبهت من غفلتي، وكأني كنت نائماً، وجعلت ألوم نفسي على عدم التنبّه لما كنت أرى من الآيات الباهرة، وأنا غافل عن كراماته: من الضياء العظيم في المقام الشريف مع اني لم أرَ سراجاً، وانه سمّاني بأسمي مع إني لم أعرفه ولم أرهُ قبل ذلك، وقد أفادتني هذه الأمور اليقين بأنه الحجة صاحب الزمان عليه السلام  الذي كنت أتمنّ    ى من فضل الله التشرف برؤيته، والحمد لله رب العالمين.

الهوامش

(1)  العنوان قد يكون: في الطريق الى الكوفة.

شاهد أيضاً

الإمام المهدي خليفة الله في أرضه(عجّـل الله فرجه)

انّ النعوت التي وردت في وصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كثيرة. وأردت أن أستطرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *