نشرت صحيفة “بوبليكو” الإسبانية تدوينة للكاتبة والمحللة “نازانين أرمانيان”، تحدثت فيه عن مافيا اختطاف الأطفال الإسرائيلية، التي اعترفت الحكومة الإسرائيلية بها بعد مماطلة وإنكار استمر طويلا، وتم التأسيس لهذه المخططات بين سنتي 1948 و1954، بالتزامن مع طرد الفلسطينيين وسرقة أراضيهم.
وقالت الكاتبة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21“، إن اليهود الذين انتقلوا من أوروبا إلى إسرائيل عملوا على إدارة مخطط شامل للإتجار بالأطفال حديثي الولادة، منذ السنوات الأولى لقيام إسرائيل، ويتمثل الفرق الوحيد بين هذه الشبكة وغيرها من الشبكات المتخصصة في الاتجار بالأطفال حديثي الولادة في كونها تمثل دليلا قاطعا يكذب القصة التأسيسية لقيام إسرائيل “ملاذ اليهود المضطهدين”.
في حقيقة الأمر يدير هذه الشبكة اليهود الأشكناز “القادمين من أوروبا الشرقية والوسطى”، الذين عملوا على اختطاف الأطفال الحديثي الولادة الذين تعود أصولهم إلى اليهود المزراحيون “الشرقيين”، وأكدت أرقام رسمية أنه قد تم اختطاف واحد من بين كل ثمانية أطفال يمنيين دون سن الرابعة، ووصل هذا العدد إلى حدود ثمانية آلاف طفل.
وأوضحت الكاتبة أن إسرائيل اتبعت سياسة تحسين نسل عنصرية، التي تعد في حد ذاتها أحد أسس الحركة الصهيونية التي اعتمدها “الشعب المختار”، تبعا لذلك، كانت إسرائيل تسعى إلى إعمار الأرض المحتلة “بعرق متفوق على غيره من الأعراق”.
لكن بحسب الصحيفة، فإنه في ظل عدم وجود الكثير من اليهود “البيض والمتحضرين”، عملت شبكة الاتجار بالأطفال الإسرائيلية على اختطاف الرضع من آباء “سود وبدائيين”، فيما بعد، قامت بتحويلهم إلى جزء من الكيبوتس أو ضمهم إلى العائلات الأشكنازية، الحديثة والعلمانية؛ التي تتبع المبادئ والمعايير التي تراها إسرائيل مناسبة لها.
وأوردت الكاتبة أن هذه الفضيحة أصابت المجتمع الإسرائيلي بالصدمة، وفي سنة 1994، أدان الحاخام عوزي مشولام عملية اختطاف إسرائيل لحوالي 4500 طفلا من يهود اليمن المهاجرين، وفي غضون شهرين فقط، قامت القوات الإسرائيلية باقتحام منزله، لينتهي أمره بالسجن لمدة خمس سنوات.
وذكرت أنه بالتزامن مع قيام إسرائيل، انتقل آلاف اليهود من جميع أنحاء العالم نحو “الجنة الموعودة”، وفي إطار هذه الحركة، انتقل حوالي 50 ألف يهوديا عربيا إلى إسرائيل عبر حوالي 380 رحلة سرية على متن طائرات بريطانية وأمريكية، وقد أطلق على هذه العملية اسم “بساط الريح”، وفي الوقت الذي تعرض فيه اليهود العرب إلى الإهانة بعد أن تم إيوائهم في مخيمات تفتقر إلى الشروط الصحية، استقبل المهاجرون الأوروبيون بكل احترام وتم إيوائهم في مراكز ملائمة ومكيفة.
وبينت الكاتبة أن السوق السوداء للإتجار بالأطفال تخصص طاقما متكاملا لخدمتها، ومن بين المندمجين في هذه السوق، نذكر العاملين في مجال الصحة، والأخصائيين الاجتماعيين، والمحامين، والعاملين في وزارة الداخلية “بما في ذلك القضاة”، ويعمل في هذا المجال أيضا المتخصصون في تزوير الوثائق الرسمية، الذين يعملون على تجهيز وثيقة وفاة مزورة قبل تجهيز وثائق رسمية جديدة تحمل اسما جديدا ورقم هوية مغاير.
وأوردت أن القانون الذي ينظم عمليات تبني الأطفال المختطفين يعتبر أنه ليس من الضروري الحصول على موافقة الآباء البيولوجيين ويجرم الكشف عن وثائق التبني، مما يساعد على منع الآباء البيولوجيين من معرفة مصير أبنائهم، وقد وصل بهم الحد إلى تغريم أحد الأولياء عندما رغب في معرفة مصير ابنه الرضيع المختفي.
وبين الكاتبة أن شهادات ضحايا شبكة الاتجار بالأطفال الإسرائيلية تسلط الضوء على الطرق والأساليب المستعملة لاختطاف الأطفال حديثي الولادة، وفي هذا الصدد، أكدت إحدى الضحايا، التي تدعى يونا يوسف، أن إحدى الممرضات الميدانيات في مخيمات المهاجرين إلى إسرائيل طلبت منها أن يتم اصطحاب ابنتها وابني اختها إلى المستشفى لإجراء بعض “الفحوصات”، في وقت لاحق، تم منع هؤلاء الأمهات من زيارة أطفالهن، ولم تتمكن من رؤيتهم مرة أخرى.
ولفتت إلى أن العديد من الأمهات الأخريات أدن حالات اختفاء أحد توائمهم أو كلاهما؛ وكان السبب الذي يتكرر دائما متمثلا في “عدم البقاء على قيد الحياة بعد الولادة”، كما تتكرر نفس الكذبة عندما تكون الأم من اللاتي تملكن الكثير من الأطفال، أما العامل المشترك الآخر بين هذه القصص، فيتمثل في عدم الحصول على جثة الرضيع، أو شهادة الوفاة، أو حتى معرفة مكان الدفن.
وفي الختام، أشارت الكاتبة إلى أن هذه الأساليب التي اعتمدتها إسرائيل عند قيامها ليست جيدة، إذ عمدت إلى توظيفها العديد من الحكومات الديكتاتورية حول العالم، وقد اعتمد على إدارة شبكات الاتجار بالأطفال لتحقيق أهداف مختلفة، النازيون وحكومة فرانكو في إسبانيا، وأيضا ديكتاتور الأرجنتين، خورخي فيديلا.