شد الرحال.. الحل الامثل للمعضلة الأميركية في سوريا

سعت الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي للعمل على انجاز مهمتين استراتيجيتين في سوريا، الاولى اسقاط الرئيس السوري بشار الاسد وتدمير سوريا وتجزئتها واحلال بديل مهادن “من الجماعات السورية المعارضة وموال لواجهات حاكمة عربية”، لا يتورع عن القيام بتطبيع علاقات راسخة مع الكيان الاسرائيلي، والمهمة الثانية تأمين الحدود الشمالية للكيان الاسرائيلي وعدم زعزعتها من قبل اي طرف كان بعد ازاحة الرئيس الاسد.

التحالف الاميركي الدولي قدم الى المنطقة من اجل انجاز هاتين المهمتين “اسقاط الاسد” وتأمين حدود “الكيان الاسرائيلي”، مستعينا بالمعارضة المسلحة ثم ما اطلقوا عليها اسم المعارضة المعتدلة لايجاد التغيير المنشود، غير ان المساعي الاميركية الاسرائيلية الاممية الاقليمية فشلت فشلا ذريعا.

الرياح جاءت بعكس ما تشتهيه واشنطن وتل ابيب..

المحاولات الاميركية الاسرائيلية الاممية ومعها الحكومات العربية الرجعية العميلة بالمنطقة “التي استضافت الارهابيين المسلحين القادمين من اكثر من 80 بلدا وساندت الارهابيين تمويلا وتسليحا واعلاميا مبطنا”، فشلت فشلا ذريعا في كبح الارادة السورية وحلفائها، الساعية للقضاء على المسلحين بكافة اشكالهم وتحرير كل ذرة تراب سورية، ما دفعهم للاستسلام للامر الواقع ولم يبق امامهم غير بصيص امل صغير هو التحرك الدبلوماسي الدولي باستمالة روسيا واقناعها تأمين المصالح الاسرائيلية في سوريا وعدم اقتراب الجيش السوري وحلفائه (حزب الله وايران) من الجولان المحتل.

لا يخفى ان التطورات الاخيرة في سوريا دفعت الكيان الاسرائيلي الى الانكفاء على وجهه، فيما فضحت اوساط سياسية واعلامية صهيونية المخاوف “الاسرائيلية” والاميركية والاردنية من اقتراب الجيش السوري وحلفائه من الشريط الحدودي لسوريا مع فلسطين المحتلة ومع الاردن.

الهلع الاسرائيلي الاميركي

بالامس القريب كان الكيان الاسرائيلي في وضع هجومي يهدد ويضع الشروط، واليوم بات مع سيده الأميركي والأمم المتحدة يتحدثون عن عودة هدنة الـ74 التي جرت في 2014 “لولاها لواجه قادة الاحتلال الكبار انهيارا معنويا وانهيارا دبلوماسيا حسب صحيفة هآرتس الاسرائيلية”.

بل انهم باتوا يتحدثون عن انسحاب كافة المسلحين من جنوب سوريا دون استفزازها للقوات السورية، ما يشير الى الفشل الذريع الذي واجهوه رغم كل المساعي العسكرية والتواجد العسكري المباشر بصيغة التحالف الاميركي الدولي في سوريا.

من جهته، بات الجيش السوري وحلفاؤه قاب قوسين او ادنى من الخطوط الاسرائيلية الحمراء، ما جعل الاحباط يدب في نفوس الاسرائيليين والاميركان الامر الذي دفعهم لتعليق الامال على الواجهة الدبلوماسية بدل العسكرية بتحييد الجانب الروسي لتأمين المصلحة الاسرائيلية.

كيف سيتحرك الاميركان مع الروس؟

موقف جديد للولايات المتحدة تجاه الرئيس السوري سربته واشنطن من خلال ما كشفه يوم امس الاحد، جون بولتون مستشار الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، للأمن القومي، عن تغير مهم ولافت في موقف سلطات الولايات المتحدة من الرئيس الأسد قائلا في مقابلة مع قناة “CBS” الأميركية، ردا على سؤال حول ما إذا كان الرئيس السوري حقق انتصارا في الحرب الدائرة في بلاده: “بصراحة، لا نعتقد أن الأسد يمثل مشكلة استراتيجية”.

وذلك ما يؤكد اقتناع واشنطن وتل ابيب بالامر الواقع “بقاء الاسد في سدة الحكم”، وذلك يعني حرق ورقة المهمة الاستراتيجية الاولى التي جاءت واشنطن من اجلها للمنطقة، وباتت تراهن على تأمين الورقة الثانية “تأمين الحدود الشمالية للكيان الاسرائيلي” من الاحتراق.

الى ذلك، تحدثت القناة “الإسرائيلية” العاشرة، عن “صفقة شاملة” يريد ترامب أن يناقشها مع بوتين في لقائهما في هلسنكي تتضمن بقاء الرئيس السوري ​بشار الاسد​ في السلطة مقابل خروج إيران من سوريا.

من هنا توقّعت القناة “الإسرائيلية” أن يكون اجتماع الرئيسين الأميركي والروسي حاسما لناحية المصالح “الإسرائيلية” في سوريا، تقوم على اساس “إبعاد الخطر الإيراني” وذراع المقاومة المتمثل بـ”حزب الله” عن شمال “اسرائيل”، زاعمة ان صفقة أميركية ـ روسية تلوح في الافق حول القيادة السورية وبقائها مقابل خروج إيران من البلاد.

هذا السيناريو سعت تل ابيب لتأمين مقدماته من خلال زيارة نتن ياهو الى موسكو، غير ان تقدم الجيش السوري في الغوطة واقترابه من الحدود الاردنية وحدود الجولان المحتل يؤكد فشل هذا المسعى جملة وتفصيلا.

هل وصلنا نهاية المطاف؟

لم يعد بأيدي اميركا غير حل واحد هو اغراء روسيا بالاعتراف امميا بتبعية “القرم” لروسيا مقابل السعي لاخراج ايران وحزب الله من سوريا.

نعم انه ثمن باهظ جدا تدفعه اميركا “فيما لو تحقق”، مقابل خروج ايران وحزب الله من سوريا، لا احد يتوقع ان تقدم عليه اميركا مطلقا لانه يقوض مصداقيتها عالميا خصوصا بين الدول السائرة على ركبها.

لكن في المقابل يمكننا توقع الرد الروسي الذي عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من أن روسيا تدعم الرئيس السوري بشار الأسد، لا لأنه يعجبها بل لدفاعه عن سوريا والمنطقة برمتها من الإرهاب، وذلك اشارة لاهمية دور الرئيس الأسد في حفظ منطقة الشرق الأوسط وفي دائرة اوسع اوروبا برمتها من الارهاب الذي لم يبق على ابادته الا اللمم.

السيد ابو ايمان

Check Also

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *