هكذا ساعدت صحيفة «واشنطن بوست» في استمرار القصف السعودي لليمن

نشرت منظمة «فير» المستقلة والمتخصصة في فضح وتحدي تحيزات الإعلام بمختلف أشكاله، والتي تأسست عام 1986، تقريرًا أعده آدم جونسون، ينتقد فيه المحررين الرئيسيين في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية بعنوان: «محررو واشنطن بوست: حتى ننقذ اليمن يجب أن نساعد في هدمه».

يقول التقرير: إنه «على مدار العام الماضي كانت هيئة التحرير في واشنطن بوست تتجاهل – بشكل متعمد – التدخل الأمريكي في حصار اليمن، حملة القصف والتجويع التي قتلت أكثر من 15 ألف مدني، وتركت مليون آخرين على الأقل يعانون من الكوليرا». يشير تقرير المنظمة إلى حملة هيئة التحرير (كتاب الافتتاحية) والتحليلات التي أطلقتها الصحيفة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي أوردت فيها تفاصيل المجازر التي تقع في اليمن، لكن دون الإشارة – ولو مرة واحدة – للدور الأمريكي في الأزمة، وبدلًا عن ذلك ألقت باللوم على «السعوديين الأوغاد»، و«الإيرانيين الأخِسَّاء».

كان ذلك بالإضافة إلى مقال رأي أعده عضو هيئة التحرير جاكسون ديل، الصيف الماضي، والذي لم يتجاهل فيه فقط الدعم الأمريكي للقصف السعودي، ولكنه ذهب إلى تصوير الولايات المتحدة على أنها منقذ اليمنيين، ووصف ليندسي جراهام الداعم الأكبر للسعودية في الكونجرس على أنه بطل حقوق الإنسان.

وفي الشهور الأخيرة – بحسب تقرير المنظمة – فإن صحيفة «واشنطن بوست» اتخذت مسلكًا جديدًا: اعترفت بطريقة غير مباشرة بدور واشنطن في الحصار الدموي، لكنها أيضًا أصرت على أن الولايات المتحدة يجب أن تظل منخرطة في قصف اليمن لأجل الإنسانية.

أشار تقرير المنظمة إلى افتتاحية الصحيفة في آخر مارس (آذار) الماضي بعنوان: «هل يمكن للكونجرس دفع ولي العهد تجاه الخروج من اليمن»، وإلى افتتاحية أخرى في نهاية مايو (آيار) الماضي بعنوان: «أسوأ كارثة إنسانية في العالم يمكن أن تزداد سوءًا»، ويعلق التقرير أن الصحيفة في هاتين الافتتاحيتين صنعت دورًا تعذيبيًا جديدًا للولايات المتحدة؛ إذ قالت إنها لا يجب أن تتوقف عن دعم السعوديين – وهي الخطوة التي قال عنها بروس ريدل ضابط «سي آي إيه» المخضرم لمدة 30 عامًا والزميل في معهد بروكينجر: إنها «ستنهي الحرب في ليلة واحدة» – ولكن حث السعوديين بهدوء على ارتكاب جرائم حرب أقل في حين تحرك باتجاه استراتيجية خروج يغلفها الغموض.

يضيف التقرير أنه في افتتاحية مارس الماضي – التي سبق الإشارة – إليها أصرت «واشنطن بوست» أنه «يجب على الولايات المتحدة استخدام نفوذها وتأثيرها لإيقاف هذه العملية المتهورة». كما أن «ترامب أصدر أمرًا بمساعدات أمريكية أكبر من أجل الإغاثة الإنسانية». يقول التقرير: أنك قد تحسب أن هذه خطوات في الطريق الصحيحة، لكنها على العكس تمامًا. عندما يقرأ المرء عن قرب؛ فإنه من الواضح أن الصحيفة تريد أن يتراجع ترامب باعتدال عن جرائم الحرب الأكثر فضيحة، لكنها أيضًا ما زالت تضغط ضد مشروع قانون «لي-ساندرز» الذي كان لينهي الحرب بالفعل.

أخذت افتتاحية «واشنطن بوست» في نهاية مايو الماضي هذه التدابير الإنسانية المؤقتة الزائفة إلى خطوة أبعد حينما ذكرت هذا الجزء كمراجعة تاريخية، تقول الصحيفة: «كل من إدارة أوباما وترامب زودتا التحالف السعودي بمساعدات محدودة في محاولة لكبح القصف المتهور الأزمة الإنسانية المتفاقمة».

يعلق التقرير على هذه المراجعة التاريخية القصيرة موضحًا أن فكرة أن أوباما وترامب زودا السعوديين بمساعدات «محدودة» هي كذبة مفضوحة. إن المساعدات الأمريكية كانت حاسمة في استمرار الحملة ضد اليمن على مدار ثلاث سنوات، وأوضح التقرير أن أشكال هذه المساعدات التي تنوعت بين مساعدات لوجيستية، وتزويد وقود، ومبيعات أسلحة تقدر بـ110 مليار دولار، وغطاء سياسي في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى اختيار أهداف بعينها على الخريطة لتدميرها. مرة أخرى، يعود التقرير ليؤكد أن المساعدات الأمريكية للسعودية لم تكن إضافية، لكنها كانت أساسية، فبدونها لم يكن ليستمر قصف اليمنيين.

يضيف تقرير المنظمة أن المشكلة هي أن «واشنطن بوست» موكل إليها مهمة متناقضة: أن تظهر كأنها بطلة في القلق على حقوق الإنسان، في حين أنها تدعم جوهر مبادئ السياسة الخارجية الأمريكية الإمبريالية. إنها براعة صعبة للغاية عندما تدعم الولايات المنحدة حملة قصف تستهدف أفقر شعب على وجه الأرض، مع تصوير دعم هذه المذبحة على أنها محاولة لكبح جماحها. إن الولايات المتحدة ستهدم النظام من الداخل.

«إن الطريقة الأكثر منطقية التي يمكن للولايات المتحدة أن توقف بها مذبحة اليمن هي أن تتوقف عن الانخراط فيها»، بحسب التقرير. لكن بالنسبة لصحيفة «واشنطن بوست» فإن ذلك عكس سياسة القصف التي تتبناها الولايات المتحدة، كما أنه عكس سياستها في فرض عقوبات على كل ما هو على صلة بإيران حتى من بعيد، لذلك فإن هذا الحل البسيط هو غير مطروح. بدلًا عن ذل فإن هدف الصحيفة الدعائي – بعد سنوات من غض الطرف ببساطة عن الدور الأمريكي بالكامل – هو إظهار انخراط أمريكا في جرائم الحرب هذه على أنه طريقتها لمنع جرائم حرب أسوأ؛ فهي الشرطي الجيد للشرطيين السعوديين السيئين.

تقول المنظمة في ختام تقريرها: «إن ذلك يسمح للعمل بالاستمرار كالمعتاد، مع الحفاظ على زعم الولايات المتحدة في اهتمامها بحقوق الإنسان في نفس الوقت. بعبارة أخرى: هذا هو الهدف الأيدولوجي الأساسي للصحيفة».

مترجم عنWaPo Editors: We Have to Help Destroy Yemen to Save Itللكاتب Adam Johnson

هدير الساموني

شاهد أيضاً

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.