نشرت صحيفة “الغارديان” مقالا مشتركا لكل من الكاتبة والمترجمة الإسرائيلية إيلانا هامرمان، ونائب مدير الأكاديمية الإسرائيلية للعلوم والآداب ديفيد هرئيل، يدعوان فيه المجتمع الدولي التدخل نيابة عن الفلسطينيين، محذرين من الكارثة التي تواجه إسرائيل، التي قد تقود إلى سفك الدماء.
ويقول الكاتبان في مقالهما، إن الوقت قد حان أمام المجتمع الدولي للتحرك بحزم، مشيرين إلى أن دعما وضغطا خارجيا قويا -سياسيا واقتصاديا وثقافيا- هو الفرصة الوحيدة للخروج من هذا الوضع الصعب قبل أن يفوت الوقت.
ويعتقد الكاتبان أن الضغط يجب ألا يكون مثل حملة المقاطعة لإسرائيل، لكن خطة متنوعة يتم رسمها وتنفيذها بعناية، وتكون بمثابة ضغط، لافتين إلى أنهما يمثلان مجموعة من المثقفين والرموز الثقافية المركزية للمجتمع الإسرائيلي، وعدد منهم مشهور على مستوى العالم في مجالاتهم الثقافية.
ويقول الكاتبان: “نحن مواطنان إسرائيليان، لا تنقصنا الوطنية، ونحب بلدنا، الذي نسهم فيه بشكل مستمر، في مجال العلوم والثقافة وللعالم بشكل عام، ونريد البقاء بشكل كامل هنا لمواصلة المساهمة، لكننا نشعر بالرعب من هذا الوضع، ونخاف على حياتنا وأبنائنا، وحياة 13 مليون يهودي وعربي يعيشون هنا ولا يعرفون بلدا آخر”.
ويضيف الكاتبان أنه “يجب ألا يتم التعامل مع قرارنا توجيه مناشدتنا للعالم الخارجي بتساهل، وفعلنا هذا بقلوب حزينة، ويجب أن يأتي الضغط، كما نعتقد، من الحكومات والبرلمانات، وأيضا من المجتمع المدني والأفراد والمؤسسات، ومنذ عام 1967 لم تضع ولا حكومة إسرائيلية حدا للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وأكثر من هذا فإنه في خلال السنوات الماضية كانت السياسةالأيديولوجية العلنية للحكومة الإسرائيلية هي أن الأرض ما بين البحر المتوسط ووادي الأردن هي فقط للشعب اليهودي في أي مكان وجدوا فيه”.
ويجد الكاتبان أنه “بناء على هذه الأيديولوجية فإنه تم توسيع وتعميق عمليات القمع والطرد والتطهير للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية، وهذا يضم القدس، التي تم ضمتها إسرائيل في عام 1967، والمناطق الحدودية من بيت لحم في الجنوب إلى رام الله في الشمال”.
ويشير الكاتبان إلى أن “المحاكم تقوم بإجراءات لشرعنة تدمير قرى كاملة، ومرر الكنيست قوانين جديدة لتقلل من قدرة المحاكم على إصدار أحكام، وتقوم قوانين أخرى بشرعنة إضافية لمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، في تحيز للمستوطنات التي أقيمت عليها، وتخرق قوانين المصادرة من جانب واحد البنود في القوانين الدولية الداعية لحماية المدنيين في المناطق المحتلة، وبعضها يخرق القانون الإسرائيلي ذاته”.
ويعلق الكاتبان قائلين إن “المجتمع الدولي يتحدث ولسنوات طويلة عن حل يقوم على دولتين منفصلتين، للإسرائيليين والفلسطينيين، تعيشان بسلام وأمن، إلا أن السياسة الإسرائيلية الحالية تجعل من هذا الحل أمرا مستحيلا، وخلال 51 عاما من الاحتلال صادرت إسرائيل مساحات واسعة من الأرض، وأسكنت عليها حوالي 600 ألف من مواطنيها في مستوطنات، وقدمت لهم الطرقات والمياه والكهرباء، وبنت ومولت مؤسسات تعليمية وصحية وثقافية، ومنحتهم الحقوق المدنية والسياسية ذاتها التي يتمتع بها السكان أنفسهم في مناطقها السيادية”.
ويلفت الكاتبان إلى أن “إسرائيل تقوم في المقابل بتضييق المساحة التي يعيش فيها الفلسطينيون، الذين لا يتمتعون بحقوق مدنية أو سياسية، وبمساعدة من القوانين والتنظيمات الخاصة والأوامر العسكرية تقوم بمنعهم من المناطق التي خصصتها لمواطنيها والتدريب العسكري، وتقوم بتحديد ومصادرة الأراضي العامة والخاصة، بناء على قواعد رسمتها لمنفعة مواطنيها فقط، بالإضافة إلى أنها تقوم بحصر قراهم من خلال إحاطتها بالأسيجة والحواجز، وتهدم بيوتهم، وترفض السماح لهم بتوسيعها، وتقوم بممارسة العقاب الجماعي، واحتجاز آلاف الرجال والنساء والقاصرين، وتحاكمهم في محاكم عسكرية، وتحتجزهم داخل أراضيها”.
ويبين الكاتبان أنه “تم اتخاذ هذه الأفعال كلها في خرق واضح للقانون الدولي، ولم يعد الوضع الناجم عن هذا كله موضوعا داخليا إسرائيليا، واتخذت المؤسسات الدولية قرارات تهدف إلى الحد من هذه الأفعال، لكن أيا منها لم تقترن بآلية لفرضها”.
ويذهب الكاتبان إلى أنه “لهذا فإن الحقيقة المدمرة والعنيفة أصبحت أمرا عاديا في هذه المناطق، ونحن من نقف وسط هذا الواقع نعتقد أن على المجتمع واجب المساعدة، خاصة أن هذا المجتمع مسؤول عن مراقبة الالتزام بمعاهداته، وبقرارات من مؤسساته، ويمكن في الظرف الحالي فعل شيء”.
ويختم الكاتبان مقالهما بالقول: “لم تكن هذه القضايا واضحة وعاجلة كما هي اليوم، إذا لم يتم إرساء السلام في هذا الجزء من العالم في القريب العاجل، في منطقة أصبحت قنبلة موقوتة من التوتر الديني والقومي، فإننا نعتقد أنه لن يكون هناك مستقبل للعيش فيها لنا أو للفلسطينيين”.