وعلى ما يبدو فإن آدم التزم بهذا التحذير ولم يقرب الشجرة طيلة مكوثه وحيدا في الجنة وهذا ما نفهمهُ من النص حيث ان الكلام موجه لآدم وحده…
مصطفى الهادي
على ما يبدو فإن التحذير من الشجرة المحرمة ونهي الله لآدم أن يأكل منها كان لآدم وحده حيث أن حواء لم تُخلق بعد. فقد خلق الله آدم ثم اسكنه الجنة وحذره من الشجرة كما نقرأ في سفر التكوين 2: 17 (وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسا حية. وغرس الرب الإله جنة في عدن ، وأخذ آدم ووضعه في جنة عدن وأوصى آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل ، وأما ــ تلك ــ الشجرة فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت).طبعا آدم حسب رواية التوراة أكل من الشجرة ولم يمت.؟!
وعلى ما يبدو فإن آدم التزم بهذا التحذير ولم يقرب الشجرة طيلة مكوثه وحيدا في الجنة وهذا ما نفهمهُ من النص حيث ان الكلام موجه لآدم وحده (وأوصى الرب آدم ، من جميع شجر الجنة تأكل ، أما تلك الشجرة فلا تأكل منها ، موتا تموت). فلا وجود لحواء في النص.
وهكذا بقى آدم ملتزما بوصية ربه إلى أن قرر الله -بعد سنين لا يعلم عددها إلا الله- أن يخلق حواء من ضلع آدم (1) وعندها وقع آدم في شراك المرأة واغرته بالأكل من الشجرة فأطاعها ونفّذ لها رغبتها فأكل منها فبدت لهما سوأتهما. وهكذا وقع آدم المسكين ضحية طاعته لإمرأته.
هذه الخيالات المريضة التي جاءت بها التوراة والتي قامت بتصوير الأنبياء بأنهم تبع لنسائهم حتى شيخ الأنبياء نبي الله إبراهيم لم يسلم من خبث اليهود فزعموا أنه أطاع زوجته سارة وقام بطرد زوجته الثانية هاجر مع ابنها إسماعيل ورمى بهم في صحراء قاحلة لا ماء ولا زرع ولا ضرع فيها لأنه لم يشأ ان يُغضب زوجته المدللة سارة : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع).(2)
من التوراة انتشرت الافكار المعادية للمرأة ثم رموا بكل ما جرى في و على رأسها، فأصبحت المتهم الأول ، لذا نرى الله يُنزل فيها احكاما قاسية جدا كما نقرأ في سفر يشوع بن سيراخ 25: 33 ـــ 36 (وغاية الخبث خبث المرأة وكل خبث ولا خبث المرأة لا رأس شر من رأس الحية ولا غضب شر من غضب المرأة. مساكنة الأسد والتنين خير عندي من مساكنة المرأة الخبيثة. كل سوء بإزاء سوء المرأة خفيف، غضب ووقاحة وفضيحة عظيمة المرأة التي تتسلط على رجلها. المرأة الشريرة ذلة للقلب، وتقطيب للوجه، وألم للفؤاد. من المرأة ابتدأت الخطيئة، وبسببها نموت نحن أجمعون فاقطعها عن جسدك، لئلا تؤذيك على الدوام). ولا ادري كيف يقطعها الانسان من جسده ؟
بسبب هذه النصوص المخجلة المجحفة الظالمة ، لحق بالمرأة ظلم عظيم على طول التاريخ.
الهوامش:
1-المشكلة في النص التوراتي انه كاذب ومفضوح ، لأنه يقول : (ثم اخذ الرب ضلعا من آدم ووضع مكانه لحما ، ثم خلق حواء من الضلع). وهذا يعني أن أحد الجهات فيها ضلع ناقص ، ولكن عندما تحسب عدد الأضلاع تجدها متساوية 24 ضلعاً هناك 12 ضلع على كل جانب من جانبي الجسم.
2-طبعا رواية القرآن الكريم تختلف عن رواية التوراة ، التوراة تجعل سبب انتقال هاجر وابنها اسماعيل بناء على طلب من سارة التي غارت من هاجر . بينما القرآن يذكر هدف اسمى وهو رفع قواعد البيت وبدء الديانة الكبرى التوحيدية.
المصدر: كتابات في الميزان