يواصل الجيش السوري استقدام تعزيزاته نحو الجنوب السوري، حيثُ لا تزال الإحتمالات تتراوح بين العمل السياسي “التصالحي” والآخر العسكري، الذي على ما يبدو سيكون عملاً ضخماً جداً بحسب ما تظهره تعزيزات الجيش المُستَقدَمة.
العمل العسكري في حال ترجيحه قد يتم على عدة مراحل وفق المعلومات. أعينُ المراقبين والمحللين تتجه نحو الأعداد الهائلة من جنود النخبة السوريين، وآذانهم تصغي إلى تصريحات الأطراف الدولية المنخرطة في الوضع هناك، فالمنطقة قد تقبلُ على معركة عسكرية ستكون لها تداعيات كبرى بلا شك، لكن المؤكد أنّ المعركة السياسية الغامضة والشائكة باتت في أوجها الآن مع عرقلة صهيو – أميركية للجهود الروسية الرامية للحل، إذ وصل التوتر بين اللاعبين الدوليين لمستويات غير مسبوقة، فهل ترجح كفة العمل السياسي “التصالحي” أم أنّ المعركة ستبدأ؟
استهدف الجيش السوري خلال اليومين الأخيرين مواقع المسلحين في المنطقة الواقعة على الحدود الفاصلة بين المحافظات الجنوبية الثلاث برشقات مدفعية وصاروخية متقطعة، كان أعنفها على مسلحي ريف القنيطرة، وذلك دون أي تحرك عسكري فعلي من قوات النخبة المُقاتلة المُستقدمة، تزامناً مع تفاعل سياسي لملف هذه المنطقة حيث جددت واشنطن قلقها قبل عملية عسكرية مقبلة للجيش السوري، إضافةً إلى كشف وسائل إعلام العدو الصهيوني عن زيارة لقائد الشرطة العسكرية الروسية المتواجدة في منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا فلاديمير إيفانوفيسكي؛ قالت أنها تهدف لإجراء محادثات مع كبار ضباط جيش العدو، وكل ذلك يجعل من مشهد الجنوب السوري ضبابياً مع توقعات بين التأكيد على حتمية تحرك الجيش السوري وأخرى ترجح حدوث سيناريو ما يبعد الحسم العسكري.
مصدرٌ سياسي سوري مراقبٌ للوضع في الجنوب السوري تحدث لموقع “العهد” الإخباري عن الاحتمالات التي قد تشهدها هذه المنطقة خلال الأيام القادمة، مؤكداً أنه “ليس من مصلحة الجميع خوض عملية عسكرية واسعة تؤدي إلى اشتباك إقليمي حتمي، فكيان العدو الصهيوني يدرك تماماً خطورة الوضع وتداعيات المسألة لن تكون في إطار مقدراته وحساباته، إضافةً إلى كون المنطقتين اللتين ستشكل استعادتهما من قبل الدولة السورية البداية الفعلية لنهاية الحرب على سوريا هما إدلب ودرعا، لذلك يتم التأخير بالاتفاق على أي سيناريو من قبل أميركا والعدو الصهيوني”.
المصدر لفت الى أنّ “ما يعقد مشهد ملف الجنوب أيضاً هو ارتباطه بملف التواجد الأميركي في منطقة التنف الذي يهدف لحجز مساحة في الحل السياسي النهائي بحسب مخططات أميركا التي تحاول الضغط على الدولة السورية عبر دفع فلول الإرهابيين هناك لشن هجمات على الجيش السوري، مع الإشارة إلى أنه ليس من مصلحتها حتماً البقاء في التنف”، وتابع إنّ “حدوث عملية عسكرية موضعية في الجنوب سيناريو وارد جداً وقد حدث بالعديد من المناطق السورية مسبقاً، لكن مثل هذا الأمر بالجنوب مختلف نوعاً ما عن غيره من المناطق لجهة التماس المباشر مع العدو الصهيوني ومع الأردن أيضاً، وبالتالي يبدو المشهد معقداً جداً”.
الحليف الروسي يقوم بدور الوساطة ويخوض محادثات معقدة وشائكة جداً مع الحلف المعادي لسوريا وزيارة قائد الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب السوري لكيان العدو الصهيوني بحسب ما نشرت وسائل إعلام الأخير تأتي في إطار مسار المحادثات، وعندما تنتهي هذه الوساطة وينسحب الحليف الروسي منها، فإن بدء العملية العسكرية للجيش السوري على التنظيمات الإرهابية المدعومة من كيان العدو الصهيوني سيكون أمراً حتمياً، ولكن هذا العمل التفاوضي يبدو أنه لا يزال مستمراً حتى اليوم وذلك حسب حديث المصدر السياسي السوري ذاته. وأكد المصدر لـ”العهد” الإخباري أنّ “الروس يسعون جاهدين لإيجاد حل سلمي التزاماً منهم باتفاق هامبورغ المبرم بينهم وبين الأميركيين، ورغم أنّ المنطقة الجنوبية تبقى مفتوحةً على كل الاحتمالات إلا أنّه يمكن البناء على الجهود الروسية لتجنب تعقيدات جديدة تؤدي للعمل العسكري الذي لن يكون لصالح التنظيمات الإرهابية”.
علي حسن-العبد