قبيل حلول الذكرى السنوية الأولى لمعركة البوابات الإلكترونية يخوض الفلسطينيون في القدس معركة جديدة ضد الاحتلال داخل أسوار المسجد الأقصى، في حين حذرت مؤسسات إسلامية مقدسية من خطورة خطط الاحتلال للمنطقة الشرقية من المسجد.
وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) أن محور المعركة هذه المرة منطقة باب الرحمة بمحاذاة السور الشرقي للمسجد الأقصى إلى الشرق من مصلى قبة الصخرة، إذ استشعر الفلسطينيون خطرا يحيط بالمكان فقرروا أخذ زمام المبادرة لتثبيت هويته والتأكيد على أنه جزء لا يتجزأ من المسجد البالغة مساحته 144 دونما.
كانت نقطة التحول في معركة باب الرحمة اجتماع نحو ألف متطوع من المعتكفين ليلة 27 رمضان وتنفيذ أعمال تنظيف وصيانة للمنطقة وتأهيلها للصلاة بعد سنوات من المنع الإسرائيلي، لكن الاحتلال أبى إلا أن يحاول إفساد انتصارهم ومن ساندهم من المعتكفين الأجانب.
وقد اتخذت سلطات الاحتلال سلسلة إجراءات اعتبرت مسا بسيادة المسجد الأقصى، بينها اقتلاع عدد من الأشجار، وتخريب الساحات التي تم ترميمها مؤخرا بهدف الصلاة فيها، وإقامة نقطة مراقبة في منطقة باب الرحمة واعتقال رئيس قسم الحراسة فيه والسماح لمتطرفين بأداء طقوس زواج داخله.
إفشال مخططات
يقول المحاضر في كلية الدعوة والعلوم الإسلامية في مدينة أم الفحم الشيخ رائد فتحي إن فعالية ليلة القدر جاءت لإفشال مخططات الاحتلال الإسرائيلي بالمنطقة الشرقية للمسجد الأقصى، وأهمها باب الرحمة.
ويضيف أن الاحتلال يخطط للانقضاض على باب الرحمة في حين غفلة ظنا منه أن المسلمين تناسوا الجهة الشرقية للمسجد الأقصى، دون أن يدري أن مكانة تلك المنطقة لا تقل قداسة عن أي مكان بالمسجد.
ويتعرض باب الرحمة -وهو أحد أبواب المسجد الأقصى المشتركة مع سور القدس شرقا- لمخططات احتلالية عديدة للسيطرة عليه، منها منع وعرقلة ترميم وتحسين المنطقة المحيطة به وإغلاق القاعات الأثرية الكبيرة الملاصقة للباب.
كما يتعمد المستوطنون الذين يقتحمون المسجد الأقصى التوجه إليه والقيام بصلواتهم أمامه وتلقي شروحات تاريخية عن هيكلهم المزعوم بحماية شرطة الاحتلال.
أطماع استيطانية
ويزعم المستوطنون أن باب الرحمة كان يستخدم مدخلا رئيسيا للهيكل المزعوم ويقفون بمواجهته كأنهم سيدخلون من خلاله إلى ما يسمونها “قدس الأقداس”، وتصب هذه المخططات ضمن نوايا تقسيم المسجد مكانيا وضم باب الرحمة والمساحة المهجورة حوله إلى سيطرته.
ويعود بناء باب الرحمة بشكله الحالي إلى العهد الأموي وقد أغلق في العهد الفاطمي، كما يحتوي على قاعات كبيرة تعلوها قبة اختلى فيها الإمام أبو حامد الغزالي وألف كتابه “إحياء علوم الدين”.
وخرجت مؤسسات القدس عن صمتها إزاء ما جرى أمس، وجاء في بيان لمجلس الأوقاف والهيئة الإسلامية العليا ودائرة الأوقاف الإسلامية أن الشرطة الاحتلالية تحاول فرض هيمنتها على إدارة شؤون المسجد الأقصى وتتطلع إلى الجانب الشرقي منه بما في ذلك منطقة باب الرحمة وتحاول منع حراسه من أداء واجبهم في هذا الجزء.
وأكد البيان أن “المسجد الأقصى هو ما أحاط السور من مساطب وممرات ولواوين وأشجار، بالإضافة للمباني المسقوفة”، وأنه “لا تنازل عن أي جزء من الأقصى أو ذرة تراب منه”.
من جهته، دعا الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى المبارك إلى “ضرورة التحرك العاجل لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك مما يتهدده من اعتداءات وممارسات خطيرة جدا”.
إرادة لن تهزم
وحذر مفتي القدس من خطورة قيام سلطات الاحتلال بمحاولة نصب أبراج مراقبة فوق سطح قاعة باب الرحمة”الأمر الذي يخفي وراءه نوايا احتلالية خطيرة”.
بدورها، تقول الناشطة المقدسية خديجة خويص إن حجم التخريب في المنطقة الشرقية أمس والانتقام من شجيرات الزيتون والدرجات الحجرية على التلة يبينان حجم أثر الإعمار في ليلة القدر على جماعات الهيكل وأتباعهم وحكومتهم “فلو لم يحرق دمهم هذا الإعمار لما انتقموا بهذه الطريقة”.
ورأت أن سلطات الاحتلال بهذا التخريب تسعى إلى تحطيم معنويات أحباب المسجد الأقصى الذين فرحوا بالإعمار “ولكن هيهات هيهات أن تنهزم إرادة المقدسيين ومعنوياتهم”.
وأضافت في تغريدة على حسابها بفيسبوك أن “الهمم التي ناطحت الصخور في ليلة القدر لن يهزمها اقتلاع شجيرات أو تخريب درج حجري”، واصفة بيان الأوقاف أمس والذي تحدث عن عودة الأمور إلى طبيعتها بأنه “ضعيف جدا جدا، ولا يرقى أبدا أبدا للقرصنة والعربدة التي حدثت”.
المصدر : الجزيرة نت