أعلنت نيكي هيلي، أحد صقور إدارة الرئيس دونالد ترامب، والمندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، أن حكومتها قررت تجميد خطة انسحاب قواتها من سورية، حتى تحقيق الأهداف المرجوة، مما يعني حدوث تغيير في السياسة الأمريكية الحالية التي تعترف بالهزيمة، والتخطيط لمرحلة تصعيد جديدة ربما تتمحور حول “الإطاحة بالنظام”.
تعداد القوات الأمريكية في سورية لا يزيد عن 2000 جندي يتمركزون في شرق الفرات، ويدعمون قوات سورية الديمقراطية الكردية، ومن غير المستبعد أن تتضمن الخطة الجديدة زيادة أعداد هذه القوات، وتقوية تحالفها مع الأكراد، والمضي قدما في تطبيق تعهداتها في إقامة دولة كردية مستقلة في المنطقة الشمالية الشرقية من سورية في الحسكة والقامشلي وصولا إلى عين العرب والباب وجرابلس، وربما عفرين أيضا.
***
إذا كان الرئيس ترامب أنفق 70 مليارا على مدى السنوات السبع الماضية في سورية، ولم يستطع “إسقاط النظام “خاصة بعد تغير المعادلات على الأرض لغير صالح حلفائه، فهل سينجح مخططه الجديد في ظل الوجود الروسي الإيراني الداعم للحكومة السورية؟
إنها علامات التخبط، والإقدام على محاولات يائسة لتحقيق أهداف ميؤوس منها، ولكن الخطورة تكمن في حجم الخسائر السورية البشرية التي يمكن أن تترتب عليها، في ظل تصاعد الحرب الباردة بين العملاقين، وقرب صدور القرار الأمريكي بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران.
أمريكا أرسلت أكثر من 170 ألف جندي إلى العراق، غير المتعاقدين، أي القوات المرتزقة، التابعة لشركة “بلاك ووتر”، ولم تستطع الصمود وتحمل الخسائر البشرية والمادية من جراء عمليات المقاومة، وبلغت حوالي ثلاثة تريليون دولار، وأكثر من 5000 قتيل و30 ألف جريح، فهل يستطيع 2000 جندي الصمود في وجه مقاومة جديدة تتشكل بشكل متسارع لمواجهة هذه القوات؟
الرئيس ترامب يلعب بالنار، ويقامر بأرواح جنوده لتحويل الأنظار عن فضائحه الداخلية السياسية والجنسية، على أمل البقاء في السلطة، ولكنه سيفشل في الحالين.
***
المشهد السوري يتغير على الأرض وبشكل متسارع لصالح المحور السوري الإيراني الروسي اللبناني (حزب الله) وهو محور ليس أمامه ما يخسره، واكتسب خبرة كبيرة، في الصمود والقتال بالطرق كافة، والأمر المؤكد أن الأشهر الأمريكية المقبلة ستكون صعبة جدا، وحافلة بالخسائر، ليس في سورية فقط، وإنما في العراق أيضا.
إننا لا نستبعد أن تكون “إسرائيل” واللوبيات الداعمة لها تقف خلف هذا التحول في الاستراتيجية الأمريكية في سورية، لأنها باتت تعيش حالة من الهلع بسبب انهيار علاقاتها الخاصة مع الروس بعد غارتها الأخيرة على قاعدة “التيفور”، وازدياد الوجود الإيراني على الأرض السورية.. والسؤال الملح هو عن الجهة التي ستغطي تكاليف هذه الخطوة الأمريكية؟
نترك الإجابة لفهمكم.. وهي مكتوبة على الحائط، ولا تحتاج إلى عناء كبير.
عبد الباري عطوان – رأي اليوم