فشل مجلس الأمن الدولي في تبني مشروعي قرارين روسيين حول التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية بسوريا، فيما استخدمت روسيا حق الفيتو ضد مشروع قرار أميركي بشأن القضية ذاتها.
وقال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في كلمة ألقاها خلال جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي، بشأن التصويت على 3 مشاريع حول التحقيق في كيميائي سوريا، إن روسيا ترفض مشروع قرار الولايات المتحدة حول تشكيل آلية خاصة بسبب غياب أي ضمان لاستقلالها حال عملها وفقا للإطار الأميركي.
وأشار نيبينزيا إلى أن إجراء تحقيق أولي في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية بدوما لا يتطلب تشكيل آلية خاصة، فيما شدد على أن الوثيقة الأميركية لن تأخذ بعين الاعتبار طالب الطرف الروسي حول التحقيق.
وأكد أن المعطيات الأولية تدل بوضوح على أن الأسلحة الكيميائية لم تستخدم في دوما ولا أثر لذلك على الإطلاق.
واتهم المندوب الروسي الجانب الأميركي باتخاذ خطوة جديدة نحو تصعيد التوتر من خلال توزيع مشروع قراره، لافتا إلى أن واشنطن تريد أصلا عدم اتخاذ قرار في مجلس الأمن حول دوما لمواصلة نهجها.
وأوضح نيبينزيا أن الولايات المتحدة تعمل حاليا بالتوافق مع النموذج الذي التزمت به عام 2017، عندما وجهت ضربات إلى سوريا.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة كانت منذ البداية تسعى للحصول على ذريعة لتطبيق هذا النهج، وهو ما قدمته لها مؤسسة “الخوذ البيضاء”، المعروفة باستفزازاتها السابقة، لكنه أعرب عن أمله بمراجعة واشنطن حرصها على توجيه ضربات عسكرية على سوريا حال اعتزامها شنها.
وأكد نيبينزيا مسبقا أن روسيا سستخدم الفيتو ضد الوثيقة الأميركية، مشددا على أنها تلجأ لممارسة هذا الحق “للدفاع عن القانون الدولي والأمن والسلام العالميين”.
وفي تطرقه إلى مشروع القرار الروسي حول التحقيق في كيميائي سوريا، أشار نيبينزيا إلى أن هذه الوثيقة تنص على تشكيل آلية مستقلة حقا ستضمن محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
ولم يحصل مشروع القرار الروسي على عدد الأصوات الكافي لتبني الوثيقة، وحصلت على دعم 6 أعضاء في مجلس الأمن، بينها الصين، فيما عارضته 7 بلدان أخرى، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وامتنعت دولتان عن التصويت.
كما لم يتبن مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الروسي الثاني الذي نص على توجيه بعثة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا لإجراء تحقيق في الهجوم المزعوم بدوما.
وصوت 4 دول، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ضد الوثيقة الروسية، التي وصفها نيبينزيا سابقا بأنها مشروع غير سياسي يهدف فقط إلى دعم عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فيما حظيت الوثيقة بدعم 5 بلدان بينها الصين، وامتنعت 6 دول أخرى عن التصويت.
وتعليقا على هذا التصويت الثالث، أكد نيبينزيا أن الجانب الأميركي وحلفاءه لا يريدون أي تحقيق حقيقي في مزاعم كيميائي سوريا، مضيفا: “إحباط مشروع القرار الروسي يدل على أشياء كثيرة تثير قلقنا البالغ”.
واتهم نيبينزيا الولايات المتحدة، بما في ذلك وفدها في مجلس الأمن، بـــ”إجادة توجيه التهديدات” للدول الأخرى، معتبرا أن التصرفات الأميركية “تضع العالم على وشك أحداث محزنة ومأساوية”.
وجدد المندوب الروسي دعوته للولايات المتحدة للتخلي عن مخططاتها الحالية حول سوريا.
كما أعرب نيبينزيا عن استغرابه من معارضة عدد من الدول لهذه الوثيقة، لافتا إلى أنها تضم نفس المبادئ التي شملها مشروع قرار تقدمت به السويد يوم الاثنين وحظي بدعم أعضاء المجلس خلال مناقشته.
من جانبها، قالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، خلال الجلسة، إن مشروع القرار، الذي تقدمت به روسيا حول إجراء التحقيق في دوما يمنح موسكو فرصة لاختيار المحققين الأمر الذي سيجعل آلية التحقيق غير مستقلة.
وأضافت هايلي أنه يجب إنهاء هذه الهجمات الوحشية التي يتعرض لها المدنيون في مدينة دوما.
من جهته، أشار مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، إلى أن استخدام السلاح الكيميائي أمر مروع للغاية ويهدد النظام الدولي وله تبعات خطيرة، لافتا إلى أن دمشق لم تلتزم بتعهداتها وتواصل استخدام هذه الأسلحة.
وصرح ديلاتر بأنه سيتم بذل كل الجهود لوقف سياسة الإفلات من العقاب، مضيفا: “لن نقبل أي آلية غير مستقلة”.
وأكد مندوب فرنسا أن انتهاء عمل آلية التحقيق المشتركة خلف فراغا كبيرا تم استغلاله من قبل دمشق.
فيما صرحت المندوبة البريطانية، كارن بيرس، بأنها تشكك في التحقيقات الروسية في سوريا، مشيرة إلى أن موسكو تقوض المعايير الدولية.
وبينت المندوبة البريطانية أن الجميع بحاجة إلى آلية تحقيق مستقلة، مضيفة في السياق أن روسيا ليست مخولة بالقيام بتحقيق في سوريا بشأن السلاح الكيميائي.