تساءل الكاتب إريك مانديل، مدير شبكة الشرق الأوسط السياسة والإعلامية، عما إذا كانت إسرائيل ستشهد حربًا الصيف المقبل مع أي من القوى الإقليمية الأخرى، سواء كانت هذه القوى هي «حماس»، أم إيران ووكلاؤها، أم النظام السوري.
وقال الكاتب في مقال نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية: «منذ إنشاء دولة إسرائيل قبل 70 عامًا، لم يكن السؤال دائمًا ما إذا كان سيكون هناك حرب، ولكن متى ستندلع هذه الحرب. والسؤال الوحيد الآن هو: هل ستكون هذه الحرب في الشمال ضد إيران ووكلائها: (حزب الله)، أم ضد الرئيس السوري بشار الأسد، ووحدات (الحشد الشعبي)، أم أنها ستكون في الجنوب ضد (حماس) و(الجهاد الإسلامي)…؟».
وأضاف الكاتب، أن احتمالية اندلاع الحرب في الشمال ستزداد هذا الصيف؛ إذا مضى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدمًا في خطته لسحب الجنود الأمريكيين من سوريا، وأنهى الدعم الأمريكي للحلفاء الذين يقاتلون الأسد في سوريا. بحسب الكاتب، سيُنظر إلى خطوة كهذه على أنها إشارة إلى إيران وروسيا وتركيا والعالم الإسلامي بأسره بأن أمريكا حاولت مرة أخرى التخلي عن المنطقة.
واستشهد الكاتب بما ذكره الصحافي توم روغان في صحيفة «واشنطن إكزامينر» بقوله: «ينبغي على الرئيس ترامب أن ينتبه لما حدث بعد الانسحاب المتسرع للرئيس السابق باراك أوباما من العراق في عام 2011. ولأن انسحاب أوباما قد أدى إلى التأثير المتزايد لإيران على السياسة العراقية… فإنه – وفي المقابل – قد ساعدت هذه السياسات على تعزيز صعود «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» وأدت إلى إجبار أوباما على إعادة القوات إلى العراق».
من وجهة نظر الكاتب، فإن هذا القرار من شأنه الاضرار بالمصالح الأمنية الإسرائيلية والأمريكية؛ لأنه يزيد من احتمال انجذاب إسرائيل إلى حرب في الشمال، في مواجهة القوات الروسية المتمركزة في سوريا.
صراع إقليمي أوسع
تتمركز قوات الحشد الشعبي وقوات حزب الله والقوات السورية والإيرانية، على سبيل المثال، بالقرب من المواقع العسكرية الروسية، وقد يكون هناك مستشارون عسكريون روس بين هذه القوات. ومن المحتم أن الضربات الإسرائيلية في سوريا ستقتل الجنود الروس؛ مما يزيد من فرص تحويل ذلك إلى صراع إقليمي أوسع.
وكان الصحافي رونين بيرغمان قد كتب في صحيفة «نيويورك تايمز»: «تطلب إسرائيل من روسيا أن تضمن أن الإيرانيين سيغادرون سوريا بمجرد انتهاء الحرب. وقد قوبلت هذه الطلبات بعدم اكتراث… تريد روسيا بناء موطئ قدم آمن في الشرق الأوسط، وتتطلب سياستها الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران… إذا لم يكن أحد يعلم بذلك بعد، فإن روسيا هي القوة المهيمنة في المنطقة».
وقد أدى إسقاط طائرة إيرانية بدون طيار في المجال الجوي الإسرائيلي، وسقوط طائرة مقاتلة إسرائيلية في فبراير (شباط) الماضي، إلى وصول جميع الخصوم إلى حافة الحرب، إلا أن الأمور قد هدأت وتيرتها آنذاك بعد أن تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مكالمة من الرئيس الروسي بوتين.
كان الكاتب سايمون تيسدال قد ذكر في مقال نشرته صحيفة «الجارديان» أنه وفي حال رفضت إيران مغادرة سوريا واستمرت في توسيع وجودها العسكري، وإذا استمرت إسرائيل في شن غاراتها عبر الحدود، فمن المحتمل أن تتصاعد الأمور بشكل كبير عاجلًا أم أجلًا.
وتابع الكاتب بقوله: «قبل سنوات قليلة تحدثت إلى أحد كبار الشخصيات الطبية الدولية المرابطة في لبنان وهو يعتني باللاجئين السوريين. وﻗﺎل ﻟﻲ: إﻧﻪ ﻓﻲ كل قرية ﻣﻦ اﻟﻘﺮى اﻟﺒﺎﻟﻎ عددها 300 ﻗﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب ﻟﺒﻨﺎن، اﻟﺘﻲ يسيطر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺰب الله، هناك صواريخ ﻣﺨﺒﺄة ﻓﻲ ﺑﻴﻮت اﻟﻨﺎس». اليوم هناك ما يزيد عن 150 ألف صاروخ في ترسانة حزب الله، وهو ما يكفي لتجاوز الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية واستهداف أي موقع في إسرائيل.
هل تندلع الحرب في الجنوب؟
إلى الجنوب، تبدو حماس في غزة محاصرة دون مخرج. يزداد الوضع الاقتصادي سوءًا؛ حيث تشدد السلطة الفلسطينية من الخناق حول رقبتها. تسمح السلطة الفلسطينية بتشغيل الكهرباء في القطاع لأربع ساعات فقط في اليوم، وقد بلغت معدلات البطالة حوالي 50٪.
قبل أربع سنوات كانت حماس في وضع اقتصادي مماثل، واختارت الحرب كوسيلة لجذب انتباه المجتمع الدولي. ورجح الكاتب أن تكون قوة حماس قد ازدادت فتكًا بعد تجربة امتدت لثلاث حروب ماضية مع إسرائيل. لا تريد إسرائيل أن تسيطر على غزة، وأن تصبح مسؤولة عن خدماتها، وتخشى من أنها إذا أطاحت بحماس، فقد ينشأ كيان أسوأ، أو فوضى لا يمكن السيطرة عليها.
في الضفة الغربية ما زال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يحاول إظهار أنه يمكن أن يكون معاديًا لإسرائيل، مثل حماس، بينما بدأت المعركة لخلافته بالفعل. إنه يريد أن يُذكر على أنه قائد مقاومة لم يصنع السلام مع اليهود. وقد يقرر من يخلفه، من رئيس المخابرات، ماجد فرج، إلى رؤساء الأمن السابقين، جبريل الرجوب، ومحمد دحلان، إلى نائب رئيس حركة فتح، محمود علول، أن التحريض والعنف هذا الصيف قد يمنحهم اليد العليا، وفق ما ذكره الكاتب.
وتساءل الكاتب: هل ستكون هناك حرب هذا الصيف؟ وأجاب بقوله: لا أحد يعرف. لكن إمكانية نشوب حرب منسقة بين حزب الله وحماس وإيران ستفرض على إسرائيل تحديات غير مسبوقة. وقال الكاتب: «إنه يتعين على إسرائيل أن تكون مستعدة للحرب القادمة في أي وقت؛ لأنه حتى مع الدعم الاستخباراتي، يمكن أن تخرج الأحداث عن السيطرة، حتى لو لم يكن أي من الخصوم مستعدًا لحرب شاملة».
واختتم الكاتب بقوله: «إن أفضل طريقة لتقليل فرصة الحرب في بلاد الشام هذا الصيف هي أن يقنع الأعضاء الجدد في الإدارة الأمريكية، جون بولتون، ومايك بومبيو، ترامب أنه من مصلحة أمريكا البقاء بسوريا في المستقبل القريب، وأن عليه أن يكون حازمًا بأن إيران لن تبقى في سوريا بعد انتهاء الحرب الأهلية».