أحب دوما أن أدغدغ اولئك الذين لايضحكون عندما نمر على ذكر الديمقراطيات الغربية الرصينة.. بل يكادون يقفون باحترام اذا ما تحدث احد عن قداسة الديمقراطية الطاهرة في اميریكا والغرب.. وتدمع عيونهم من فرط التأثر لغيابها في الشرق والعالم كله.. ويرون ان العالم مأزوم بسبب غياب النموذج الديمقراطي المخملي الغربي.. ولكن لكلماتي اصابع تأبى الا ان تمر على المناطق الحساسة لمشاعرهم الديمقراطية.. لتثير جنونهم.
اليوم سأضع أصابعي على جسد ديمقراطية “عم شنبو*” الاميريكية.. وكل من تصله أصابعي وتلامس بقعة الديمقراطية الغربية في عقله ستدغدغه أو ستؤلمه.. وانا على يقين بأنه سيضحك الا أولئك الذين صاروا من اتباع ديانة “الديمقراطية” التي لايقبلون المساس بها والتجديف برموزها أو اهانتها.. كأنها بقرة مقدسة.. وانا أعلم انهم يقاومون الضحك في قرارة نفوسهم ولكنهم لايجرؤون على الاعتراف انهم يعيشون كذبة العمر الكبرى.
ديمقراطية أميریکا اليوم يقود ديبلوماسيتها الخارجية اليوم رئيس مخابرات شرس.. ويوضع جون بولتون المعروف –بأنه يصوّت لكل الحروب– في المنصب الأهم في الامن القومي.. فتخيلوا اننا قلدنا ديمقراطية اميركا وعزلنا السيد وليد المعلم وعينا السيد علي مملوك وزيرا للخارجية.. والسيد عاطف نجيب مستشارا للأمن القومي.. لا أشك لحظة ان مجلس الامن سينعقد وسيتم اطلاق موجة نحيب على حقوق الانسان في طول العالم وعرضه وسيتم اطلاق برامج الضحك والسخرية والانتقادات والشتائم في كل صحف العالم التي سترى في تعيين ضابط مخابرات وزيرا للخارجية اهانة لقيم الديمقراطية واعلانا للحرب على الانسان.
ولكن أميريكا يحل لها مالايحل لغيرها.. هي تضرب بالسلاح الذري ولكنها اذا شمت رائحة غاز المطابخ في الغوطة فانها تدافع عن حقوق الانسان وتضرب المطارات التي شمت فيها رائحة الغاز.. وهي تفتح غوانتانامو وتعين ملائكة التعذيب والاستجواب مسؤولين في المخابرات ثم تدافع عن حقوق الانسان.. وهي ترفض ديكتاتورية ضدام حسين والقذافي والأسد ولكنها ترحب بدكتاتورية آل سعود وآل نتنياهو.. وهي تمر بتجربة فشل المحافظين الجدد وعنفهم لكنها تعيدهم الى أدق المناصب واكثرها حساسية وتطلبا للرزانة.
أميريكا جورج بوش تعيد انتاج نفسها واستنساخ تجربتها مع المحافظين الجدد.. فالمحافظون الجدد يتسربون الى ادارة ترامب الذي تقاسم السلطة مع دولة المخابرات الاميريكية.. وكان الاتفاق هو اعطوا مالله لله.. وأعطوا مالقيصر لقيصر.. فالله هو دولة المخابرات والبنتاغون في اميريكا.. وقيصر هو رجال الاقتصاد والتجارة والصناعة والصفقات.. اي ترامب ومعسكره.
ولكن اعادة انتاج ذات الشيء تخضع لمقولة فلسفية شهيرة لهراقليطس هي أنك لاتستطيع ان تقفز في ذات النهر مرتين.. لأن مياه النهر تجري وتتجدد.. وهي من أكثر الأقوال الفلسفية حكمة.. والاميريكون يقفزون في النهر ثانية معتقدين أنهم يسبحون في نفس المياه التي سبحوا فيها في عام 2003 وقبله في مياه البيريسترويكا وأوهام عم غورباتشوف.. ولكن جمهورية جون بولتون أو من نحب ان نلقبه بـ “عم شنبو” لم تعد نفس الجمهورية كما أن عم شنبو صار دقة قديمة في عالم فلاديمير بوتين والروس الجدد.
ويظن المحافظون الجدد انهم سيخيفون العالم بادارة الكلاب المسعورة.. ماتيس الكلب المسعور.. ومديرة المخابرات جين هاسبل ملاك التعذيب.. وجون بولتون الكلب العجوز.. وكأن العالم لايزال تخيفه شنبات جون بولتون التي كانت تهتز بغضب كلما تحداها أحد والتي رقصت على جثة بغداد وضاحية بيروت.. وكانت تريد الرقص على جثة دمشق ايام جورج بوش.. ولكن شنبات عم شنبو لم تعد تخيف احدا.. بل يجب ان يخاف عم شنبو على شنباته لأنه يواجه عالما ليس كالعالم الذي كان فيه صدام حسين وجورج بوش.. هذا عالم صنع في سورية حيث تمت حلاقة شنبات زعماء العالم كافة من الذين كانوا يمسكون شواربهم ويحلفون أنهم سيحلقونها كما في باب الحارة ويتعهدون ان يسقطوا الدولة السورية ورئيسها وجيشها.. وصارت لدينا مجموعة تذكارية ضخمة من شنبات الزعماء التي تمت حلاقتها في الحرب على سورية سنعرضها يوما في قلعة حلب.. الى جانب مجموعة من الضفائر النسائية.. منها ضفيرة هيلاري كلينتون.
عالم اليوم صنع في سورية.. وفيه روسيا العظمى تعود.. وتتمطط الصين من شواطئ بحر الصين الى بحر طرطوس.. ووصلت صواريخ فلاديمير بوتين الى سورية.. فيما طارت صواريخ الأسد فوق تل ابيب وفتكت بأحدث طائرات اميريكا ف 35.. وظهر السيد سارمات المحترم من تحت الأرض.. وعاد حزب الله الى حدود فلسطين وجهز بخبرة حروب المدن.. وصار الجليل مكافأته التي ينتظرها في أي لقاء قادم مع جيش نتنياهو.
أميريكا التي تغير كلابها ولا تغير أنيابها.. كلب اسود يليه كلب أشقر ومعه كلب مسعور وعم شنبو.. ولكن ادارة الكلاب المسعورة لاتخيف الا قطعان النعاج في الخليج {الفارسي}المحتل.. ومزارع دجاج الاخوان المسلمين في تركيا والخليج {الفارسي}.. التي بالت في ثيابها من هول الرعب والفزع من هذه الادارة.
نصيحتي لعم شنبو ان لايزيد عيار تصريحاته وأن يعرف كيف يحافظ على شنباته وكرامة شنباته.. ادارة الكلاب المسعورة لاتخيف أحدا.
======================
* ملاحظة هامة: لقب عم شنبو اطلقه السيد حسن نصرالله على جون بولتون عندما كان الاخير ممثلا لجورج بوش في مجلس الامن ابان حرب 2006 وكان عم شنبو يستميت للدفاع عن كيان الاحتلال الاسرائلي واجتياح عواصم الشرق.. السيد حسن يومها عندما شاهد جون بولتون أحس انه رآه قبل ذلك اليوم ولكن لايتذكر أين وكيف على وجه الضبط.. وفجأة تذكر انه شاهد مرة مسلسلا للأطفال بعنوان (مغامرات بن بن) وهي عن كلب صغير.. وكان من بين شخصيات المسلسل الكرتوني شخصية (العم شنبو).. وهو كلب كبير وله شنبات كبيرة.. لاتشبهها الا شنبات جون بولتون.. انه هو عم شنبو بشحمه ولحمه وذيله
وشنبه.
* شام تايمز/ نارام سرجون