جون بولتون: شخصية مستفزة وميالة للحرب على رأس الأمن القومي الأمريكي

جون بولتون، السياسي المثير للجدل والمعروف بدوره الكبير في حرب العراق، يُعين من طرف ترامب في منصب حساس هو مستشار الأمن القومي. ولبولتون مواقف مثيرة للجدل في عدة ملفات عربية فكيف يتأثر الشرق الأوسط بهذا التعيين؟

“الجيد بخصوص جون بولتون مستشار ترامب الجديد للأمن القومي، هو أنه يقول ما يفكر فيه، والسيء فيه هو ما يفكر فيه”، هكذا وصفت صحيفة نيويورك تايمز جون بولتون، أحد المحافظين الجدد المتشددين الذي يعمل محللا لدى قناة فوكس نيوز، غداة تعيينه اليوم مستشارا للأمن القومي للبيت الأبيض، وهو المنصب الذي يتمتع بتأثير كبير على القرار السياسي الأميركي خارجياً وداخلياً.

يأتي هذا التعيين في وقت يُفترض أن تبدأ فيه مفاوضات تاريخية مع كوريا الشمالية، ومع اقتراب الحسم في مستقبل الاتفاق النووي مع إيران الذي كان جون بولتون، السفير الأسبق للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، من أشد منتقديه.

يعتبر بولتون من المدافعين الشرسين عن استخدام القوة في الساحة الدولية، وهو لا يتفق مع الرئيس الأمريكي في كل الملفات. وعلى رأس هذه الملفات حرب العراق التي ساهم بولتون في إطلاقها، بينما عبر ترامب أكثر من مرة عن معارضته لها. وبالإضافة إلى موقفه الداعم لاستخدام القوة ضد كوريا الشمالية وإيران، لبولتون أيضا آراء مثيرة للجدل فيما يتعلق بملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويتوقع بعض المراقبين أن يدعم سياسة خارجية صدامية خاصة مع روسيا. فمن يكون المستشار الجديد للأمن القومي الأمريكي وكيف سيؤثر تعيينه على الشرق الأوسط؟.

“صقر محافظ”

تعيين بولتون في منصب مسؤولية لم يكن مفاجئا وإن عبر هو نفسه عن عدم توقعه لهذا القرار في تغريدة له على تويتر، فقد كان على لائحة الأسماء المرجحة لشغل المنصب إلى جانب كل من رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش والسفير الأمريكي السابق في أفغانستان زلماي خليل زادة. وأضاف بولتون في تغريدته: ” لدي آرائي وسأعرضها على الرئيس”، مدافعا عن ضرورة أن يتمكن ترامب من “تبادل الأفكار بحرية” مع مختلف مستشاريه، لكن آراءه هذه معروفة مسبقا في أمريكا بانها مستفزة ومثيرة للجدل تماما كشخصيته، ويوصف السياسي الأمريكي البالغ من العمر 69 سنة بأنه من الصقور المحافظين، مع أنه يرفض تصنيفه في هذه الخانة.

ويؤكد إدموند غريب الأكاديمي والخبير في الشؤون الأمريكية هذا في حديث لـDW عربية أن بولتون: “فعلا شخصية مثيرة للجدل وهذا ما جعل سياسيين جمهوريين مثل كوندليزا رايس وزيرة الخارجية سابقا وروبرت غيتس وزير الدفاع الأسبق ينصحان ترامب خلال حملته الانتخابية بعدم إعطائه أي منصب بمسؤولية مهمة، ومع ذلك اختاره ترامب لأنه يريد إلى جانبه أشخاصا قريبين منه أيديولوجيا وعقائديا وفي نفس الوقت يعتبر بولتون شخصية ذكية تعرف كيف تدافع عن أفكارها”، كما يقول المحلل السياسي.

ولد بولتون سنة 1948 وتخرج من كلية الحقوق في جامعة ييل واشتغل محاميا قبل أن يتنقل بين عدة مناصب حكومية، خلال فترة رئاسة رونالد ريغان وجورج بوش الأب. سبق أن انتُقد بولتون داخل الأمم المتحدة بسبب افتقاره للسلوك الدبلوماسي. وفي هذا السياق يقول غريب إن جورج بوش الأب اضطر لتعيين بولتون سفيرا لدى الأمم المتحدة خلال عطلة الكونغرس، لأنه كان يعلم أن لا أحداً كان ليقبل ببولتون إذا عُرض قرار التعيين على الكونغرس، وداخل الأمم المتحدة، سبق أن صرح بولتون بأن “لا شيء سيتغير في الأمم المتحدة إذا حُذفت عشر طوابق من مبناها”.

يُعتبر بولتون ثالث شخصية تشغل منصب مستشار الأمن القومي في عهد ترامب، وقد أثار تعيينه ردود فعل متضاربة داخل الولايات المتحدة. فقد قال الجمهوري لي زيلدين عضو الكونغرس الوفي لترامب، إن بولتون “يتمتع بمؤهلات استثنائية” لشغل هذا المنصب، وإنه “لن تحدث تسربيات بعد اليوم من مجلس الأمن القومي”، موضحا أن “الذين بقوا من عهد الرئيس السابق (باراك أوباما) سيرحلون والفريق سيضاعف جهوده”.

أما ارون ديفيد ميلر الدبلوماسي المحنك الذي عمل في إدارات جمهورية وديموقراطية، فقد رأى أنه “مع تعيين جون بولتون، سيكون فريق ترامب للسياسة الخارجية الأكثر تشددا وأيديولوجية والأقل براغماتية في الذاكرة الحديثة، في وقت تتطلب فيه التحديات على الساحة الدولية الحزم ولكن أيضا مرونة وبراغماتية”، حسب موقع بلومبرغ.

مؤيد لنقل السفارة إلى القدس

فيما يتعلق بملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سبق أن صرح بولتون بأن حل الدولتين قد مات، وفي انسجام كبير مع توجهات ترامب قال بولتون مرارا إنه لا يرى مانعا في نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، وذلك حتى قبل  القرار الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإعلان نية نقل السفارة الأمريكية إليها. وهذا ما سيعني المضي في سياسة ترامب المتعلقة بهذا الصراع كما يقول إدموند غريب ويضيف أن ذلك يدخل أيضا في دوافع ترامب لاختيار شخصية كهذه في فريقه.

كوريا الشمالية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني والملف الإيراني هي المسائل التي لطالما ركز عليها بولتون في كتاباته وتحليلاته، وفيما يتعلق بالأزمة السورية يقف مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد ضد الرئيس السوري بشار الأسد ويسعى لتغيير في سوريا، في انسجام مع موقفه الصارم من إيران. وفي هذا السياق الإيراني يؤيد بولتون بشدة اتجاه ترامب الرامي إلى الانسحاب من الملف النووي مع إيران أو “إصلاحه”، بل الأكثر من ذلك، يدعو إلى استخدام القوة ضد إيران وقلب النظام فيها. وذلك على عكس توجهات وزير الخارجية المُقال أخيرا ريكس تلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس اللذين لا يحبذان الانسحاب من الاتفاق التاريخي، حسب قول إدموند غريب.

قد تكون أحد المواضيع القليلة التي يختلف فيها ترامب مع بولتون هي حرب العراق فالأخير يُعتبر أحد مهندسيها والمدافعين عنها بشدة لدرجة أنه قال وقتها بأن العراقيين سيرحبون بالجنود الأمريكان معتبرا أن العملية العسكرية الأمريكية لن تطول هناك وسرعان ما سيتمكن العراقيون من التحرر من صدام حسين وبناء ديمقراطية. ولم يتراجع بولتون عن موقفه، بينما انتقد ترامب أكثر من مرة التدخل الأمريكي في العراق خلال حملته الانتخابية. ويقول إدموند غريب إن الاختلاف في هذه النقطة لا ينفي أن بولتون مقرب من ترامب ويتبنى أفكارا مشابهة لأفكاره، وذلك رغم أن ترامب على عكس بولتون صرح مرارا بأنه ضد التدخلات العسكرية الأمريكية ولا يريد حروبا، لكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه بحسب غريب هو “كيف يمكن لبولتون صاحب المواقف الواضحة والمعروفة مسبقا أن يؤدي عملا جيدا في منصب يُفترض أن يقدم من خلاله للرئيس الأمريكي كل الآراء والسياسات الممكنة المتعلقة بالأمن القومي الأمريكي؟”

سهام أشطو

Check Also

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *