المسألة ليست مسألة كلّية بحيث يناصره كلّ أهل الكتاب ويخذله كلّ العرب، بل المسألة تعود إلى الفطرة الإنسانيّة، فكلّ من كانت فطرته سليمة اتّبعه (عليه السلام) ولو كان يهوديّاً أو نصرانيّاً.
آية الله الشيخ جعفر السبحاني
عرض نص الشبهة:
لماذا يقوم المهدي بعقد الصلح والسلم مع اليهود والنصارى ، بينما يقوم بقتل العرب والقرشيين عند ظهوره ؟
الرد على الشبهة :
ما ذكره ليس سوى بهتان كبير، فالمهدي لا يعقد صلحاً مع اليهود كما يدّعي السائل ولا يقاتل العرب وقريشاً، إنّما يقوم بإقامة حكومة إسلاميّة عالميّة قوامها العدل والقسط، ويبثّ الحياة من جديد في جسد الإسلام الحقيقي الذي جاء به جدّه العظيم (صلى الله عليه وآله)، هذا الإسلام الذي أُلصقت به البدع عبر الزمن وغطت وجهه الاختلافاتُ.
وكلّ ما في الأمر أنّه عند ظهوره (عليه السلام) يلتفّ حوله فريقٌ من اليهود والنصارى من ذوي النفوس الطاهرة، ويخالفه فريقٌ من العرب المتظاهرين بالإسلام، فيقوم بمصالحة الفريق الأوّل ويجاهد الفريق الثاني، إذاً عمله (عليه السلام) يشابه عمل جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكّة، حيث خالفه بعض قومه وعشيرته، وناصره البعض الآخر من أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
فالمسألة ليست مسألة كلّية بحيث يناصره كلّ أهل الكتاب ويخذله كلّ العرب، بل المسألة تعود إلى الفطرة الإنسانيّة، فكلّ من كانت فطرته سليمة اتّبعه (عليه السلام) ولو كان يهوديّاً أو نصرانيّاً، ومَنْ كانت فطرته سيّئة خرج عليه وحاربه ولو كان عربيّاً قرشيّاً.
ولو تمعّن السائل في الروايات الواردة حول المهدي (عليه السلام) يتّضح له أنّ مسألة ظهوره (عليه السلام) هي حادثة طبيعيّة، فكم من أشخاص يُعتبرون من أصحابه وخواصّه، ثمّ ينقلبون عليه ويخالفونه عندما تتعرّض مصالحهم للخطر، وكم من أشخاص في غاية البُعد عنه، يصبحون من خواصّه ومقرّبيه، فأبو سفيان وأبو جهل وأبو لهب والحكم بن العاص من أقارب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهله وعشيرته، فإذا بهم أوّل من أخرجه من مكّة وحاربه، أمّا صُهيب الرومي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي الذين كانوا ينتمون لأقوام بعيدة، فقد أصبحوا من خلّص أصحابه وأتباعه