أفاق المجتمع اليمني على خبر نزل عليهم كالصاعقة وذلك عندما أعلنت وزارة حقوق الإنسان اليمنية في تقرير نشرته بأنها رصدت أكثر من 50 حالة رق في اليمن ولقد جاء هذا التقرير عندما طفت إلى السطح أول قضية لبيع رجل يُدعى “العبد قناف” بوثيقة رسمية تمّ المصادقة عليها من قِبل القاضي “هادي أبو عساج” في إحدى مديريات محافظة حجة شمال البلاد ولقد أثارت هذه القضية ضجّة واسعة ولكن للأسف الشديد سارعت في تلك الفترة …
أفاق المجتمع اليمني على خبر نزل عليهم كالصاعقة وذلك عندما أعلنت وزارة حقوق الإنسان اليمنية في تقرير نشرته بأنها رصدت أكثر من 50 حالة رق في اليمن ولقد جاء هذا التقرير عندما طفت إلى السطح أول قضية لبيع رجل يُدعى “العبد قناف” بوثيقة رسمية تمّ المصادقة عليها من قِبل القاضي “هادي أبو عساج” في إحدى مديريات محافظة حجة شمال البلاد ولقد أثارت هذه القضية ضجّة واسعة ولكن للأسف الشديد سارعت في تلك الفترة العديد من وسائل الإعلام التابعة لبعض القادة السياسيين وبعض النافذين التابعين للنظام السابق في البلاد المتورطين بشكل أو بآخر بتلك القضية، إلى نفي تلك التقارير الصادرة عن وزارة حقوق الإنسان اليمنية واعتبروها بأنها تهدف إلى تشويه سمعة اليمن والإساءة إليها وألبسوا تلك القضية عباءة سياسية لتطوى في أدراج النسيان.
لقد استطاع النظام السابق أن يدفع تلك القضية إلى الانزواء لفترة طويلة، خشية الدخول في صراعات قبلية مع بعض القبائل اليمنية القوية الموجودة في المناطق الشمالية في اليمن وخلال تلك الفترة قام العديد من المسؤولين المتورطين بقضايا تخصّ ملف الرّق، بتهديد العديد من الصحفيين لمنعهم من عدم نشر المزيد من الأخبار والقصص حول المستعبدين ومارسوا أيضاً الكثير من الضغوطات على بعض المنظمات الحقوقية المهتمين بمثل تلك القضايا.
وفي تلك الفترة كشفت الكثير من التقارير الصادرة عن “منظمة وثاق للتوجّه المدني”، عن معلومات تُفيد بأن هنالك مشايخ وشخصيات نافذة بعضهم في مجلس النواب ممن كانوا ينتمون إلى النظام السابق، كان لديهم الكثير من العبيد والجواري بعلمٍ من السلطات المحلية وبتواطؤ من الحكومة ولهذا فلقد قامت العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية بإطلاق عدة حملات للقضاء على العبودية في اليمن وكانت منظمة “هود” هي أول منظمة محلية قامت بإطلاق حملة ضدّ الرّق في اليمن ولقد بذلت تلك المنظمة الكثير من الجهود لتحرير “العبد قناف” من الرق لكي ينعم بحياة كريمة كغيرة من اليمنيين وبعد قيام تلك المنظمة وبمساعدة العديد من وسائل الإعلام اليمنية، بالكثير من الملاحقات القضائية، استطاعوا في نهاية المطاف من تحرير “العبد قناف” وهذا الأمر كان له الكثير من ردود الأفعال داخل المجتمع اليمني الذي أظهر تكاتفه وتضامنه ضدّ مثل تلك القضايا التي يندى لها الجبين.
وبعد ذلك قامت “حورية مشهور” وزيرة حقوق الإنسان في ذلك الوقت وبالتعاون مع تلك المنظمات الحقوقية والإنسانية، بإجراء العديد من الدراسات الميدانية في الكثير من المدن النائية والمحافظات الشمالية والغربية للكشف عن العدد الحقيقي للعبيد وبعد مضي ستة أشهر من العمل الميداني، توصلت تلك الدراسات إلى وجود 190 حالة رقّ في شمال غرب البلاد وبعد ذلك قاموا بتشكيل لجنة مكونة من شخصيات اجتماعية وأعضاء في مجلس النواب للقيام بعملية التفاوض مع الأسياد من أجل تحرير العبيد الذين يملكونهم، ليعيشوا بقية حياتهم مثل باقي البشر. إلا أن عدداً من الصحفيين كشفوا بأن تلك اللجنة لم تقم بواجبها ولم تؤدِ وظيفتها بالشكل المطلوب وذلك يرجع إلى بعض الأوامر التي صدرت عن بعض السياسيين التابعين للنظام السابق والتي قوضت عملية التحرير تلك.
وبعد مرور عدة سنوات، طفت قضية الرّق مرة أخرى إلى السطح وانتشرت العديد من التقارير التي تُفيد بأن قضية الرّق والاستعباد لا تزال موجودة في الكثير من المناطق الشمالية وخاصة في محافظتي “حجة” و”الحديدة” ولهذا فلقد سارع المجلس السياسي في البلاد وحكومة الإنقاذ الوطنية، بتوجيه وزارة الداخلية للتحقيق في تلك القضايا ورفع تقرير كامل إلى القيادة السياسية لتقوم بإيجاد حل لتلك القضية وبالفعل تم تشكل لجنة أخرى ضمت العديد من علماء الدين والقضاة وبعض المشايخ الذين قاموا بالتوجّه إلى تلك المناطق لحلّ تلك القضايا وبعد مرور عدة أيام تم الإعلان بأنه قد تم تحرير جميع المستعبدين في تلك المناطق وبعد ذلك وجهت حكومة الإنقاذ الوطنية بتوفير الأماكن والظروف المناسبة لأولئك المحررين لكي يعيشوا حياة كريمة حالهم حال جميع اليمنيين.
لقد كان العبيد يعيشون في مرحلة ما قبل التحرير في بؤس وشقاء، حيث كانوا محرومين من الكثير من الأمور مقارنة ببقية أبناء الشعب اليمني، فكانوا يُمنعون من التعليم وامتلاك الأراضي والبيوت والزواج من طبقة غير طبقة العبيد.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه تمّ إلغاء الرق رسمياً في خمسينيات القرن الماضي في اليمن ولقد جرّم القانون اليمني في ذلك الوقت العبودية ووضع لها عقوبات صارمة تصل إلى الحبس لمدة عشر سنوات لكل من باع أو اشترى أو تصرّف بأي إنسان.
*الوقت