إن موضوع ظهور الإمام المهدي قد اكتسب الآن حقاً أهمية ملحة فى عالم الإسلام – الشيعة وكذلك السنة.
عمران نزار حسين
ليس لدنيا شك فى أن بعض افراد أمة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) سيتم مباركتهم بأحلام ورؤى حقيقية التى سوف تنقل لهم معلومات تتعلق بمجئ الإمام المهدى لأخر الزمان (عليه السلام).
ومع ذلك يجب أن يعلم القراّء، بأن المعلومات التى تم الحصول عليها لا يمكن التحقق منها بشكل موضوعى ومن هنا لا يوجد اكراه على أى واحد ليقبل مثل هذه المعلومات كحقيقة.
هذا الكاتب لم يحاول استخدام مثل هذه المعلومات نهائياً فى تحليله للأحداث التى تتكشف الآن بشكل غامض فى العالم، وفى الأرض المقدسة على وجه الخصوص. بل جاهد بشكل مستمر لفهم “نظام المعنى” لمادة أخر الزمان على النحو المستمد من البيانات الموجودة فى القرآن وفى أحاديث النبى محمد (صلى الله عليه وسلم). وهو على ثقة بأن طلابه ان شاء الله سيواصلون هذا الجهد متى لم يعد موجوداً فى هذا العالم. إن استنتاجاته ،التى تستند إلى التحليل المنطقى (والبصيرة الداخلية بديهية)، لابد أن تكون مصحوبة بعبارة الله أعلم.
أولئك الذين ليسوا على اقتناع بوجهات نظره التى أعرب عنها فى هذا المقال، أو فى غيره من الكتابات والمحاضرات، فلديهم كل الحق فى حجب القبول. وعلى الجانب الآخر أولئك الذين يرفضون أراءه، لا يمكن الإعتراف بهم كنقاد جادين يستحقون الرد مالم وحتى يعرضوا وجهات نظرهم “الصحيحة” الخاصة بهم والتى يتم نشرها تحت اسم يمكن من خلاله التعرف عليهم ومسائلتهم. هذا الكاتب واثق من أن الحوار العلمى القائم على المنطق والإحترام (رداً على هذا المقال وغيره المتعلق بهذا الموضوع) سوف يثرى كل أولئك الذين يشاركون فى هذا الموضوع بزيادة الفهم والبصيرة ان شاء الله.
إن موضوع ظهور الإمام المهدى قد اكتسب الآن حقاً أهمية ملحة فى عالم الإسلام – الشيعة وكذلك السنة. إن الأتباع المضللين لنبى قاديان المزيف ميرزا غلام أحمد الكذاب، عليهم أن يتبعوا بدقة النقاش حول هذا الموضوع، بحيث أنهم قد يتعرفون بإذن الله على إدعاءات ميرزا المزيفة بأنه الإمام المهدى وكذلك المسيح الموعود. هذا الموضوع له أهمية ملحة منذ الهجوم العسكرى الأنجليزى – الأمريكى – الإسرائيلى على العرب، ويمكننا توقع باكستان وايران فى أى وقت الآن، وبالتالى يمكننا أن نتوقع بأن شخصاً ما سوف يبرز مع ادعاء أخر مزيف ليكون الإمام الموعود.
لقد حذرنا فى مقال سابق أن أى هجوم اسرائيلى على ايران من المؤكد أنه سيحدث ظهور مدعي للشيعة على أنه الإمام المهدى. ويمكننا أن نتوقع مدعياً للسنة من جهة أخرى عندما يبدأ الهجوم ضد العرب أو باكستان.
هذا المقال الذى كتب فى بوينس أيرس فى الأرجنتين وأنا فى طريقى للمؤتمر الإسلامى العالمى الثانى فى كيب تاون، يحاول أن يشرح موضوع ظهور الإمام المهدى فى سياق أخر الزمان وبالتالى تقديم وجهة نظر بشأن الجدول الزمنى لظهور الإمام الموعود.
إن هناك بعض المسلمين الذين أعجبوا بأراء العلماء البارزين مثل إبن خلدون والدكتور محمد اقبال التى ترفض الاعتقاد فى ظهور الإمام المهدي. حتى أن بعضهم قد رفض إنشغالنا بهذا الموضوع بازدراء وبتعليقات كاذبة.
يجب أن يحذروا بأنه ليس فقط خطأ بل هو ذنب بأن يقولوا أن من يسعى لفهم مادة ظهور الإمام المهدى (عليه السلام ) بعمق هم أناس رضوا بأن يقعدوا مكتوفى الأيدى فى انتظار الإمام بينما لا يفعلون شيئاً لمحاربة الباطل والظلم فى العالم.
إن فهمنا لـ ” نظام المعنى ” الذى يدمج بإنسجام جميع البيانات من القرآن والأحاديث التى تتعلق بأخر الزمان، يعرّف عودة المسيح الحقيقى عيسى إبن مريم العذراء (عليهما الصلاة والسلام) بأنها علامة العلامات لأخر الزمان (انظر “رؤية اسلامية ليأجوج ومأجوج فى العالم الحديث”) وبالتالي فإن موضوع ظهور الإمام المهدى لابد وأن يندمج بإنسجام مع هذه العودة الهامة.
منطقياً هناك تعارض في فكرة أن رباً حكيماً خلق مخلوقاته على أكمل وجه ، يرسل المسيح الحقيقى مرة أخرى إلى هذا العالم قبل أن ينهي الدجال المسيح الكذاب مهمته فى إنتحال شخصية المسيح الحقيقى. إن مهمة إنتحال الشخصية هذه لا يمكن أن تكتمل حتى يعلن على الملأ أنه هو المسيح الموعود. وبالإضافة إلى ذلك، أنا أعتقد أنه ليس هناك يهودى متعلم سيستجيب بجدية في أي وقت لمن يدعي بأنه المسيح الموعود مالم يكن المدعي يهودياً، ويقوم بدعواه من داخل الأرض المقدسة (القدس تحديداً) ويقوم بإدعائه بينما يقدم الدليل الصريح على أنه قد أنشأ بالفعل حكمه (أو لديه القدرة على القيام بذلك) على العالم بشكل عام وعلى العالم العربى/ الإسلامي الذى يحيط بالأرض المقدسة من جميع جوانبها بشكل خاص. أنا أحمل وجهة النظر هذه لأن الكتب المقدسة اليهودية تعلن قدوم المسيح الذى سيحكم العالم (إلى الأبد) من عرش داود (عليه السلام).
لقد ناقشت في “القدس فى القرآن” وكذلك فى كتابات أخرى، أن “يوم” الدجال “كشهر” يأتى الآن إلى نهايته وأن “يومه كجمعه (أسبوع)” على وشك أن يبدأ. إن الأدلة التى تنبثق من “نظام المعنى” لهذا الموضوع هى ذلك الإنتقال من “يوم كشهر” إلى “يوم كجمعة” لا يمكن أن يحدث من دون حروب كبرى، الأمر الذى سيؤدي إلى فقدان أرواح الملايين. هذا هو ما حدث أثناء الإنتقال من “يوم كسنة” إلى “يوم كشهر”.
وعندما تندلع تلك الحروب، وذلك للأسف سيكون قريباً، فإن هؤلاء الذين يعتبرون هذا الكاتب راشداً (أو على الأقل ليس ضالاً) سيفهمون ما يحدث فى العالم ونتيجة لذلك سيكون عليهم ألا يرتبكوا ولا يدخلون فى حالة من اليأس.
وسينظرون أيضاً فى الحقائق الحالية التالية لتكون ذات صلة بالموضوع عند الإجابة على السؤال الذى هو موضوع هذا المقال :
إن اسرائيل لم تفرض سيطرتها بعد على العالم العربى/الإسلامى الذى يحيط بالدولة اليهودية-الأوروبية؛
وإن حدود دولة اسرائيل لم يتم توسعتها بعد لتشمل حدود الأرض المقدسة المرسومة (زوراً) فى التوراة؛
وإن إسرائيل لم تحل محل الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن باعتبارها الدولة الحاكمة فى العالم؛ ولم يدعي أي يهودي حتى الآن (أي فى الأونة الأخيرة) بأن يكون المسيح الموعود.
وبالتالى فالأدلة واضحة بأن الإمام المهدي لا يمكن أن يظهر فى هذا التوقيت. من شأن هذا ألا يتفق مع “نظام المعنى” الذى يدمج جميع البيانات المتعلقة بأخر الزمان ككل بشكل مناسب.
وجهة نظرنا، والله أعلم هو أن الإمام يمكن أن يظهر فقط فى ذلك الوقت عندما يكون “يوم” الدجال “كجمعة” وصل إلى نهايته وظهر فى هيئة بشرية فى عالمنا من الزمان والمكان. وهذا هو الحال للأسباب الآتيه:
الحديث فى صحيح الإمام البخارى يبلغنا بأن مجيئ الإمام سيكون معاصراً لعودة المسيح (عليه السلام)
“كيف أنتم (فى ذلك الوقت) إذا نزل إبن مريم فيكم وإمامكم (فى ذلك الوقت) منكم (أى مسلم) “(صحيح البخارى)
أولئك الذين يرغبون بذلك يمكنهم أن يتمسكوا بوجهة النظر التى تقول بأن هناك فترة ستدوم ما بين عشرين أو لثلاثين سنة ستنقضى بين ظهور الإمام وعودة المسيح (عليه السلام). ونحن نحمل وجة نظر مختلفة. نعتقد بأن دولة اسرائيل – والنظام العالمى ليأجوج ومأجوج الذى يدعم تلك الدولة اليهودية الأوروبية – سوف تستجيب يائسة ًبسرعة لظهور الإمام فى مكة وسوف تحاول القضاء عليه دون تأخير. إذا كان هذا صحيحاً، إذن فبمجرد ظهور الإمام فى الكعبة المشرفة ويعلن نفسه بأنه الإمام الموعود، يمكن التوقع بأن تتحرك الأحداث بسرعة نحو المواجهة مع أولئك الذين يسيطرون فى العالم. تلك المواجهة ستؤدى إلى مواجهة شخصية بين الإمام والدجال فى نهاية المطاف كما هو موضح فى الحديث فى صحيح مسلم. وهذه بدورها، ستكون هي اللحظة التى ينزل فيها عيسى (عليه السلام) من السماء ” واضعا كفيه على أجنحة ملكين “.
خلاصة القول لدينا، هو أنه ليس هناك سوى فترة وجيزة من الوقت سوف تنقضى بين ظهور الإمام وعودة المسيح (عليه السلام).
بما أننا نناقش أيضاً بأن المسيح(عليه السلام) لن يعود حتى يكمل الدجال (المسيح الكذاب) مهمته ويدعي علناً بأنه المسيح، فيترتب على ذلك أن العالم قد يضطر إلى الإنتظار لمدة لا تقل عن عقدين أو ثلاثة عقود على ظهور الإمام المبارك وعلى الأحداث لتتصاعد بعد ذلك بسرعة إلى أن يعود المسيح (عليه السلام)، ويُقتَل الدجال وتٌدمر يأجوج ومأجوج وتستعاد الخلافة فى القدس. والله أعلم!
يجب أن يسعى قرآئنا الكرام جاهدين على أن يبقوا يقظيين عن أى وقت مضى أثناء الوقت الذى تبقى قبل ظهور الإمام، مهما طال هذا الوقت، ولا ينخدعوا بالأئمة الكاذبين الذين قد يظهرون قريباً، والذين سوف يتبعون بإخلاص الخطوات الضالة لميرزا غلام أحمد القاديانى. وسأكون مندهشاً إذا كان الموساد الإسرائيلى/ ووكالة المخابرات المركزية لم يعدوا بالفعل المرشح المناسب .