عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ” بين يدي القائم موت أحمر و موت أبيض و جراد في حينه و جراد في غير حينه كألوان الدم. فأما الموت الأحمر فالسيف. و أما الموت الأبيض فالطاعون.و تدل عبارة(بين يدي القائم) على أن هذه الحرب و الموت الأحمر تكون قريبة جداً من ظهور المهدي عليه السلام. و لا يُعَيِّن الحديث مكان وقوعها.
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ” بين يدي القائم موت أحمر و موت أبيض و جراد في حينه و جراد في غير حينه كألوان الدم. فأما الموت الأحمر فالسيف. و أما الموت الأبيض فالطاعون.(1)
و تدل عبارة(بين يدي القائم) على أن هذه الحرب و الموت الأحمر تكون قريبة جداً من ظهور المهدي عليه السلام. و لا يُعَيِّن الحديث مكان وقوعها.
و عن الإمام الباقر عليه السلام قال: لا يقوم القائم إلا على خوف شديد و زلازل و فتنة و بلاء يصيب الناس، و طاعون قبل ذلك، ثم سيف قاطع بين العرب، و اختلاف بين الناس، و تشتت في دينهم، و تغير في حالهم، حتى يتمنى المتمني الموت صباحا و مساء من عِظَم ما يرى من تكالب الناس و أكلهم بعضهم بعضاً.(2)
و هو يدل على وقوع الطاعون قبل الخوف الشديد الذي قد يكون الحرب العامة و لكن يصعب استفادة التسلسل في أحداثه حتى لو فرضنا أن الراوي لم يقدم و يؤخر فيها، لأن جملة(سيف قاطع بين العرب) المعطوفة بـ(ثم) يصح عطفها على جملة(و طاعون قبل ذلك) المعترضة، فيكون اختلاف العرب هذا بعد الطاعون، و يصح عطفها على جملة(و بلاء يصيب الناس) فيكون قبل الطاعون. مضافا إلى الإجمال في هذه الحوادث.
نعم يفهم منه وجود فترة شديدة على العرب و الناس أمنياً و سياسياً و اقتصادياً، و قد تكون هي سنة الجوع الموعود في الرواية التالية عن الإمام الصادق عليه السلام قال: ” لا بُدَّ أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس و يصيبهم خوف شديد من القتل.(3)
و يدل الحديث التالي على أن هذه الشدة و الحرب، أو حالة الحرب، تستمر حتى يكون النداء السماوي في شهر رمضان قرب ظهور المهدي عليه السلام.
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: يختلف أهل الشرق و أهل الغرب، نعم و أهل القبلة. و يلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف. فلا يزالون بتلك الحال حتى ينادي مناد من السماء. فإذا نادى فالنفر النفر.(4)
و هو يدل أيضاً على أن خسائرها تقع أساساً على الأمم غير الإسلامية، فعبارة: يختلف أهل الشرق و أهل الغرب، نعم و أهل القبلة ” عبارة دقيقة تشعر بأن اختلاف أهل القبلة أي المسلمين ثانوي بالنسبة إلى اختلاف الغربيين و الشرقيين، و كأنه ناتج عنه و تابع له.
و هذا هو الأمر الطبيعي في الحرب العالمية المتوقعة حيث ستكون أهدافها عواصم الدول الكبرى و قواعدها العسكرية و لا تصل إلى المسلمين إلا بشكل غير أساسي، و قد صرحت بذلك بعض الأحاديث، فعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ـ الإمام الصادق عليه السلام ـ يقول: لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس.
فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟
قال: أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي(5) و لعل أكثر النصوص تحديداً لوقت هذه الحرب و سببها الخطبة المروية عن أمير المؤمنين عليه السلام التي يذكر فيها عدداً من علامات ظهور المهدي عليه السلام و أحداث حركته، و قد ورد فيها فقرتان تتعلقان بالحرب العالمية قال عليه السلام: ” ألا أيها الناس، سلوني قبل أن تشغر برجلها فتنة شرقية، تطأ في خطامها بعد موت و حياة، أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض، رافعة ذيلها تدعو ياويلها، بذحلة أو مثلها. و يخرج رجل من أهل نجران(راهب من أهل نجران) يستجيب الإمام فيكون أول النصارى إجابة، و يهدم صومعته و يدق صليبها، و يخرج بالموالي و ضعفاء الناس و الخيل، فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى، فيكون مجمع الناس جميعاً من الأرض كلها بالفاروق وهي محجة أمير المؤمنين عليه السلام بين البرس و الفرات، فيقتل يومئذ ما بين المشرق و المغرب ثلاثة آلاف(ألف) من اليهود و النصارى، يقتل بعضهم بعضاً، فيومئذ تأويل هذه الآية﴿فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾(6) بالسيف.(7)
و قوله عليه السلام: قبل أن تشعر برجلها فتنة شرقية يدل على أن بداية هذه الحرب من الشرق، أو من نزاع في منطقة الشرق.
و قوله: أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض ” يدل على أن مركز تدميرها هو البلاد الغربية، و حطبها الكثير القابل للإشتعال، أي قواعدها العسكرية و عواصمها و مراكزها الهامة.
و يبدوأن معنى قوله عليه السلام: (فيكون مجمع الناس جميعاً من الأرض كلها بالفاروق) أن الناس يأتون يومئذ من أنحاء الأرض للإلتحاق بالمهدي عليه السلام، و يكون مقره في العراق بين الكوفة و الحلة، كما يأتيه ذلك الراهب النجراني في وفد من المستضعفين.
و يظهر أن عبارة(و هي محجة أمير المؤمنين و هي ما بين البرس و الفرات) حاشية من الراوي أو الناسخ، دخلت في الأصل.
و لعل معنى المحجة أنها مكان اجتماع قوافل الحج في زمن أمير المؤمنين عليه السلام، أو أنها كانت مكاناً تجتمع فيها رايات الوفود إلى معسكره أو زيارته.
فيقتل يومئذ ما بين المشرق و المغرب ثلاثة آلاف ألف أي ثلاثة ملايين، و قد وضعنا كلمة(ألف) بين قوسين لأنها وردت في رواية أخرى في البحار، و لعلها سقطت من هذه الرواية.
و لا يعني ذلك أن مجموع قتلى الحرب العالمية هو ثلاثة ملايين فقط، بل قد يكون قتلى ذلك اليوم أو تلك الفترة، و تكون مرحلة من مراحل الحرب العالمية، و آخر مراحلها. فقد تقدم أن مجموع خسائرها مع الطاعون الذي يكون قبلها أو بعدها يبلغ ثلثي سكان العالم، و في رواية خمسة أسباعهم، كما عن الإمام الصادق عليه السلام: قدام القائم موتان موت أحمر و موت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة،(8) و في بعضها تسعة أعشار الناس.
و قد يكون اختلاف الروايات بسبب تفاوت المناطق أو غيره من الأسباب. و على كل حال فخسائر هذه الحرب تكون من المسلمين قليلة.
و خلاصة القول: أن الأحاديث الشريفة تدل على أنه يوجد خوف عالمي شامل من القتل قبيل ظهوره عليه السلام، في سنة ظهوره مثلاً، و خسائر فادحة جداً في الأرواح، و بشكل أساسي في غير المسلمين.
و هو أمر يصح تفسيره بالحرب العامة و وسائلها التدميرية الحديثة المخيفة لجميع أطرافها و جميع الشعوب. إذ لو كانت حرباً تقليدية لما كان خوفها بهذا الشمول الذي تصفه الروايات، و لكان منها طرف على الأقل أو مناطق لا يشملها خوف القتل.
و لكن توجد روايات و قرائن ترجح تفسيرها بموجة من الحروب الإقليمية خاصة التعبير الوارد عن الإمام الباقر عليه السلام عن سنة الظهور: و تكثر الحروب في الأرض، حيث ينص على أنها حروب متعددة في تلك السنة. و عليه يكون الجمع بينها و بين روايات الإختلاف و الحرب بين أهل الشرق و الغرب، أن ذلك يأخذ شكل حروب إقليمية بينهم و يتركز دمارها على غربي الأرض.
أما وقتها، فيفهم من الأحاديث أنه قريب جداً من ظهوره عليه السلام، في سنة ظهوره مثلاً، و إذا أردنا أن نجمع بين أحاديث هذه الحرب و صفاتها، فالمرجح أنها تكون على مراحل حيث تبدأ قبيل بداية حركة ظهوره عليه السلام ثم تكون بقية مراحلها بعد حركة ظهوره، و يكون فتحه للحجاز في أثنائها، ثم تنتهي بعد فتحه العراق.
أما إذا فسرنا أحاديثها بحرب نووية شاملة، و أخذنا بما تكتبه الصحف عن الحرب النووية العالمية فإن مدتها تكون قصيرة جداً، لا تزيد عن شهر واحد كما يذكرون. والله العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإرشاد للمفيد: 405، و الغيبة للطوسي: 277.
(2) كمال الدين للصدوق: 434.
(3) البحار: 52 / 229.
(4) البحار: 52 / 235.
(5) البحار: 52 / 113.
(6) القران الكريم: سورة الأنبياء ( 21 )، الآية: 15، الصفحة: 323.
(7) البحار: 52 / 82 و 84.
(8) البحار: 52 / 207.