فقط السذج هم من صدق “كذبة” مندوبة امريكا بالأمم المتحدة نيكي هيلي التي اطلقتها في يوم الخميس 28 ايلول / سبتمبر الماضي ، والتي زعمت فيها ان بلادها تدعو الى تعليق إمداد ميانمار بالأسلحة بسبب العنف ضد مسلمي الروهينجا إلى أن يتخذ الجيش الإجراءات الكافية للمحاسبة.
هيلي في كلمة امام مجلس الأمن الدولي قالت ايضا “يجب أن يحترم جيش بورما حقوق الإنسان والحريات الأساسية. يجب استبعاد من اتهموا بارتكاب انتهاكات من الاضطلاع بمسؤوليات القيادة فورا ومحاكمتهم لما اقترفوه من مخالفات”.”.
واضافت ان “على أي دولة تمد جيش بورما حاليا بالسلاح أن تعلق هذه الأنشطة لحين اتخاذ إجراءات المحاسبة الكافية”.
لم تمر سوى اقل من ثلاثة اشهر على هذا التصريح لمندوبة ترامب في المنظمة الدولية ، حيث اتخذت واشنطن موقفا متناقضا بالكامل مع مضمون التصريح ، حيث وجهت امريكا دعوة لجيش ميانمار ، المسؤول الاول على كل الفظاعات والابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية ، التي يتعرض لها مسلمو الروهينجا ، للمشاركة في مناورة عسكرية ضخمة تشارك فيها عدة دول بقيادة الولايات المتحدة وتايلاند العام المقبل.
لما كانت فضيحة امريكا مدوية في شأن دعوة جيش ميانمار المتورط حتى اذنيه ، بشهادة تقارير منظمة الامم المتحدة ، في التطهير العرقي الذي يتعض له الروهينجا في ميانمار ، حاول اللفتنانت كولونيل كريستوفر لوجان وهو متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاجون) ، ان يبعد اي تهمة عن بلاده في دعم القتلة والعنصريين في ميانمار ، من خلال الاشارة الى الجهة التي وجهت الدعوة الى جيش ميانمار للمشاركة في المناورة كوبرا جولد السنوية التي تضم آلاف الجنود الأمريكيين والتايلانديين ومن دول آسيوية أخرى ، هي تايلاندا وليس امريكا ، وفاته ان امريكا هي التي تقود هذه المناورات ولا يمكن لاي جهة المشاركة فيه الا بعد ان تسمح امريكا بذلك.
قلنا ان السذج فقط هم من صدق تصريحات مندوبة ترامب في الامم المتحدة نيكي هايلي في الدفاع عن الروهينجا ، وهي المعروفة بحقدها الغريب على العرب والمسلمين ، كسيدها ترامب ، فليس من المنطقي ان تتخذ ادارة ترامب موقفا متعاطفا مع المسلمين في قضية الروهينجا ، بينما هذه الادارة تكرر مواقف الجيش في ميانمار ضد المسلمين ، كل يوم ولكن باساليب اخرى ، مثل فرض الحظر على سفرهم الى امريكا ، ونعتهم بالارهاب والتخلف ، وصف الدين الاسلامي بانه “دين ارهاب” ، ودعم المنظمات العنصرية المعادية للمسلمين في امريكا ، ومناهضة سياسات بعض الدول الاوروبية بسبب ما تعتبره تساهلا مع اللاجئين المسلمين، واخيرا موقفها من الفلسطينيين والقدس الشريف.
كان واضحا منذ اليوم الاول حجم التواطؤ الامريكي مع الزمرة العسكرية في ميانمار ، فلم تتخذ امريكا موقفا منددا من العسكر منذ بداية مأساة الروهينجا وحتى بعد تواتر التقارير والاخبار والشهادات الاممية ، التي اكدت على منع الجيش وصول المساعدات الانسانية الى من تبقى في ولاية راخين من المسلمين الروهينجا ، الذين هرب اكثر من نصف مليون منهم الى بنغلاديش ، بعد مقتل الالاف ذبحا وحرقا وغرقا على يد الجيش والعصابات البوذية.
امريكا لم تول تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اي اهتمام ، والتي دعا فيها الى حماية من تبقى من المسلمين الروهينجا في الجزء الشمالي من ولاية راخين ، وتاكيده امام مجلس الأمن الدولي ، على ان العنف ضد المسلمين الروهينجا قد تصاعد ليصبح أسرع أزمة لاجئين طارئة آخذة في التصاعد وكابوسا إنسانيا لحقوق الإنسان.
سلطات ميانمار وبدعم من امريكا ، لم تسمح بوصول المساعدات الانسانية الى مسلمي الروهينجا المحاصرين فحسب ، بل اتهمت وبشكل عنجهي منظمات الإغاثة الدولية بمساعدة من اسمتهم بالمتمردين.
في المقابل رفضت جماعات الإغاثة الاتهامات التي قالت إنها تشعل الغضب ضدها بين البوذيين في ظل ما تعيشه البلاد من انقسام طائفي ودعت لوقف المعلومات المضللة والاتهامات التي لا أساس لها ، واصدرت بيانا مشتركا اعربت فيه عن قلقها المتزايد من القيود المشددة على الدخول لأغراض إنسانية ومن العراقيل أمام تسليم مساعدات إنسانية ضرورية بشدة في جميع أنحاء ولاية راخين.
للاسف ، رغم كل الظلم الذي يتعرض له مسلموا لروهينجا على يد الجيش والعصابات البوذية بمباركة السلطات في ميانمار والدعم الامريكي لها ، الا انه لم يحرك مشاعر الحكومات الاسلامية ، الا ما ندر ، ويبدو ان حالة اللامبالاة هذه ستستمر، ما دامت قدس اقداسنا تغتصب امام عيون هذه الحكومات فيما هي غارقة في نزاعات وهمية ، لا منتصر فيها الا “اسرائيل”.