أكد المفكر الإسلامي السيد محمد السماوي التيجاني، أن الأحداث التي تمر بها المنطقة هي مخطط صهيوني قديم يرسم منذ أكثر من 50 سنة مستشهدا بحديثين لهنري كيسنجر وكوندليزا رايز، وبين إن المعركة بين الشيعة والسنة مفتعلة وهي جزء من هذا المخطط، لانه زار العراق في عام 1967 وكان سنيا ومتعصبا ورغم ذلك استقبل من قبل الشيعة بكل حفاوة وأنزلوه منزلة كبيرة.
وأوضح تيجاني أن الحوزات العلمية الشيعية عندما يأتي السني يطلب العلم لا يفرضون عليه أي شيء من أفكارهم ويعطونه الحرية في الدراسة والبحث والكتابة، وتأسف التيجاني من بعض المغرضين حسب ما سماهم من الشيعة ومن السنة المتطرفين الذين فتحت لهم الفضائيات من أجل أن يسب الشيعة السنة وأن يسب السنة الشيعة، وأشاد بما قدمه الحشد الشعبي من تضحيات، لان ما قدموه لم يقدم مثله في تاريخ المجاهدين القدامى، والحشد سيكون هو جيش الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف الذي تنتظره البشرية كلها ولكن بمسميات مختلفة، متوقعا استمرارية الصراع بين الحق والباطل حتى الظهور الشريف، وتحدث التيجاني في نهاية الحوار عن أصله ونسبه.
وقال التيجاني في حوار مطول، تطرق فيه إلى مواضيع سياسية وتاريخية ومستقبلية تطرح عليه لأول مرة، وفاجأناه بسؤال لم يكن يتوقعه، كان يخص الوضع السياسي الراهن وما تمر به المنطقة من أحداث بعيدا عن الأمور الدينية، سيدنا الجليل: لماذا استهدف العراق وسوريا بالهجمة الداعشية؟ فأجاب: “الان الناس عرفت وكشفت المؤامرة، أنهم كانوا يريدون أن يقسموا العراق وسوريا، وهذا مخطط صهيوني قديم يرسم له منذ أكثر من 50 سنة، فهم مخططون لهذه القسمة وبالتالي كوندليزا رايز عندما زارت لبنان في وقتها وعانقها السنيورة قالت أتيت لبنان لإعلان مولد لشرق أوسط جديد، وهو تقسيم كل هذه الدول للحفاظ على الكيان الصهيوني، لأن وجود قوة عراقية وقوة سورية يهددان باستمرار الكيان الإسرائيلي، كيف لا وان حزب الله وهم شباب قليلون وجهوا ضربة للكيان الصهيوني، فما بالك أذا كانت هناك قوة العراق وما أدراك ما العراق، الذي كان يعد من الجيوش الكبرى التي لا تهزم ولكنهم خططوا لكل هذا ليهزموا ويدمروا الجيش العراقي، فهذا إذن مخطط معروف”.
وبعد وقفه قليلة أكمل السيد حديثه: “ولكن إرادة الله ربي سبحانه وتعالى وقفت وحالت دون هذا التقسيم وبأسبابها، ومن أهم أسبابها هو الحشد الشعبي، بكافة مكوناته والقوات العراقية بصورة عامة وكثير من المؤمنين الشرفاء وقفوا ليصدوا هذا الهجوم ويمنعوا هذا التقسيم الذي ولو حصل لا سمح الله فانه كان سيقتل العراقيين ويدمرهم تدميرا”.
وأضاف السيد التيجاني في ذات الموضوع: وأنا قرأت مقالة لهنري كيسنجر يقول فيها سيأتي وقت قريب وسيمحق المسلمون إلى رماد ولكن الله سبحانه وتعالى يكذب دعايته لان وعد الله حق، بسم الله رحمن الرحيم ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ))، ونحن موعودون بهذا الاستخلاف وأنا اذكر هذه الآيات القرآنية الشريفة باستمرار لأنها دليل واضح على ظهور الإمام المهدي عليه السلام عجل الله فرجه الشريف، وإلا كيف تقرأ الآية القرآنية، بسم الله الرحمن الرحيم ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))، فهل ظهر الدين الإسلامي على الدين كله منذ نزولها قبل أكثر من1400 عام، فلم يظهر على الدين كله لحد الآن، لان فيه يهودا ونصارى وفيه ملحدين ومشركين وفيه وفيه…. والإسلام في وسطهم قليل جدا، إذن متى سيظهر؟.
سألناه متى؟، فأجاب، “حتى البشرية كلها تنتظره ولكن كل واحد يسميه باسمه فاليهود يقولون منا والنصارى يقولون منا والشيعة يقولون منا والسنة يقولون منا، وأحد السنة قال لي شخصيا بأنهم ينتظرون ظهوره ولكننا نقول سيولد وانتم تقولون موجود ولكن مخفي، وإذا ظهر سنسأله ووقتها سوف نصدقكم ونكون شيعة”.
قاطعنا اتصال هاتفي بالسيد من الواضح انه كان من احد أصدقائه المقربين لأنه أشار لي بضرورة الرد، ليدور بينهما حديث ولكن لفت انتباهي عبارة للشيخ حول كربلاء، “وأنت أعز مني، لكن مازالت (شادتني) كربلاء إلى الآن، عندما اذهب إلى النجف سوف ازور سيادتكم”.
ودخلت في صلب الموضوع لأسأله، سيدنا العزيز لماذا اعتبر البعض الحروب الدائرة سنية شيعية سواء في العراق او البلدان الأخرى؟، فأجاب بنص القول: “إن هذه ليست حربا بين السنة والشيعة لأنني أتيت إلى العراق في عام 1967، وكنت سنيا ومتعصبا واستقبلني الشيعة بكل حفاوة وصافحوني وعانقوني وأنزلوني منزلة كبيرة وضيفوني، وانا ذكرت كل هذا في احد كتبي، فلا يوجد أي عداء بين السنة والشيعة، بل على العكس فانا شاهدت بعيني إن الشيعة يفرحون بأي سني يصلي في أي مكان من مدنهم ومناطقهم الشيعية، بالرغم من أنه يصلي بنفس صلاة أهل السنة ويعمل حركات في الصلاة التي هي عكس حركاتهم في الصلاة.
وعن ما رآه أيضا في الحوزات العلمية استرسل السيد التيجاني: “شاهدت الحوزات العلمية في العراق أو في إيران عندما يأتي السني يطلب العلم لا يفرضون عليه أي شيء من أفكارهم، ويعطونه الحرية في الدراسة والبحث والكتابة، من هذا فانه ليس هناك معركة بين الشيعة والسنة وهي مفتعلة وتخطيط صهيوني يركز على الشيعة والسنة، ووجدوا لذلك مع الأسف بعض المغرضين من الشيعة ومن السنة المتطرفين، الذين فتحوا لهم الفضائيات من أجل أن يسب الشيعة السنة وأن يسب السنة الشيعة، وتقع بذلك عداوات وانشقاقات، ولكن كل هذا باء بالفشل والحمد لله بوقفة العراقيين”.
وتطرق السيد التيجاني في اللقاء إلى الافتراء على الشيعة: “الشيعة الان تمتد عبر الفكر المثقف والمتحرر، وان كلَّ من يقرأ التاريخ سوف يعرف إن الشيعة مفترى ومكذب عليهم، فالشيعة ناس مؤمنون وصادقون، والدليل على ذلك إن الذين ماتوا في التدافع في الحج أكثر من السنة مئات المرات، فهم يحجون ويشهدون أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله، والمشكلة إنهم يقولون اشهد وان عليا ولي الله وهذا الذي لا يحب اهل السنة أن يقال”.
قلت للسيد التيجاني لماذا العراق هو المستهدف الأول في كل الصراعات سواء الإقليمية او الدولية؟ فأجاب بسرعة: السر في استهداف العراق لان العراق ليس (حاجة سهلة)، فالعراق منذ قديم الزمان كان محط العلم ومحط العلماء، منذ عهد دار الحكمة التي أسسها المأمون بن هارون الرشيد، فبغداد هي مقصد العلماء والفلاسفة من كل العالم والكتب التي ترجمت من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية كلها منبعها من العراق، بالإضافة إلى أن العراق هو معهد ومركز التاريخ القديم منذ عهد الحروف المسمارية، فالحروف الأولى للكتابة بدأت من هنا، بالإضافة إلى انه بلد النهرين وبلد الخيرات والبترول وغيرها، لهذا فانه مطمع للقوات الأجنبية والاستعمارية، لذلك فإنها اذا قسم العراق فان إسرائيل قد ضمنت أمنها وامتصت خيرات هذا البلد، باستعمار مقنع أو ما يسمى استعمار ثقافي، وهذا مقصدهم.
بادرناه بسؤال آخر بمجرد توقفه، لكي لا نخرج عن إطار الموضوع الذي دخل فيه السيد: متى سينتهي العداء لنا؟، ليواصل حديثه: نحن لن نتوقع أن يكون نهاية لهذا العداء للعراق حتى ظهور الحجة عجل الله فرجه الشريف، فكل المعطيات التي نقرؤها في الأحاديث والدلائل العلمية تشير ان هذه هي سنة الله في خلقه، فلابد من استمرارية الصراع بين الحق والباطل وهو يتطور بعض الأحيان ويخمد بعض الأحيان إلى أن يشاء الله سبحانه وتعالى، وهذا كله ربما يرجع إلى تكوين نفوس أبية نفوس قوية نفوس قادرة على الوقوف بوجه الاستعمار، مثل وقفة الإمام الحسين عليه السلام الذي ضحى بنفسه وبعياله وضحى بكل شيء في سبيل أن ينقذ الإسلام ولولا تضحيته لدفن الإسلام منذ ذلك العهد وقبر ونحن الان في مواجهة مع هذا الاستعمار الذي يريد طمس معالم الدين وطمس المسلمين وقتلهم وتشريدهم.
وعندما تحدث السيد عن التضحية والنفوس القوية، توقعنا انه يقصد الحشد الشعبي، فقلنا له لنا سؤال أخر لو سمحتم سيدنا الجليل ما رأيكم بالحشد الشعبي الذي يتعرض إلى هجمة من قبل بعض الجهات، ولو بكلمة واحدة، ليجيب: “الحشد الشعبي هذا رحمة من رحمات الله سبحانه وتعالى، ولما أتكلم عنه أُكبر فيه هذه النفس الجهادية، لأنني عندما حضرت هنا وجدت العشرات يؤتى بهم شهداء، وهؤلاء (مش بلاش) والحشد ليس اسم فقط، بل هو اسم وعمل، والعمل الذي قدمه الحشد الشعبي لم يقدم مثله في كل تاريخ المجاهدين القدامى، ونحن كنا نسمع في التاريخ القديم عن فلان وفلان كان مجاهدا وبطلا”.
وأضاف بنبرة أكبار وإجلال: “ونحن نرى الان أبطالا منهم صغار السن وشباب في مقتبل العمر ومثلهم من يكن طامعا في الزواج أو في المشاريع من اجل أن يبني مستقبله، بينما هم طامعون بالله طامعون في جنة المأوى، وهذا الشيء الذي يجعل الإنسان يُكبر فيهم هذه النفس وهذه الروح الجهادية، ونسأل الله أن ينصرهم على أعدائهم جميعا، وهم حاملو راية الإمام المهدي، وفي ذلك الوقت سوف يقولون الحشد الشعبي هم جيش الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وهذه هي الحقيقة”.
وقلنا له سؤالا أخيرا ولو إننا أتعبناك سيدنا العزيز، فقاطعنا بالقول: هذا دخولكم وأسئلتكم بدون موعد واستئذان مسبقين، ملتفتا إلى شخص كان يرافقه، خاصة وأنا معي مراسل احد القنوات الفضائية ولم يحصل مني على لقاء لحد الان، ولا اعلم كيف أخذتنا في هذا الحوار الطويل، فأجبته، إن هذا نابع عن طمع بقليل من كرمكم الكبير المعروف به حضرتكم سيدنا العزيز، وهذه فرصة نستفيد بها من وجودك هنا، ولعلها لن تتكرر مرة أخرى ولو بموعد، ليرد “أعزك الله” مع ابتسامة واضحة لفتت انتباه الحضور أحسست من خلالها بأنها تعبير عن رضاه ومتعته بهذا الحوار، وبنوع الأسئلة المطروحة عليه، والتي لم يتطرق لها احد معه مسبقا بحسب ماعرفته فيما بعد.
ولكي نعود إلى الموضوع الرئيس قلنا سيدنا العزيز وفق المعطيات التي أشرت إليها سابقا، متى يُصلح المسلمون والعرب منهم بصورة خاصة أمرهم ويعرفون عدوهم الحقيقي؟ فقال: “نعم، يلزمهم وقت طويل من الزمن الله اعلم به هل يقصر أم يطول، لان مدة الانحراف دامت 1400 عام منذ وقت التحاق الرسول صلى الله عليه واله بالرفيق الأعلى، لأنه لا نعلم هل مات أم قتل وحتى علماء الأزهر يشككون بذلك، ولكن من وقتها وقع الانحراف، وعلينا أن نتصور هذه المدة الطويلة التي مرت على هذا الانحراف لا يمكن اصلاحه بين عشية وضحاها، فهذا المخاض وهذه الحروب وهذه التفاعلات والتشكيكات كلها في صالح الإسلام والمسلمين، لان الله له حكمة في ذلك نحن لا ندركها، ولله في خلقه شؤون، ولكننا بدأنا نشم روائح الانتصار والحمد لله، وان العراق في عام 2003 ليس العراق في عام 2017، فانه كان قاب قوسين او أدنى من الهاوية ومن الأفول بعد أن تكالبت عليه كل الدول، وحتى حدود العراق كانت منتهكة، وان اقرب الناس له كانوا يظهرون له الشر ولازال البعض منهم”.
وعمدنا أن نجعل من السؤال الأول هو الأخير، لنخرجه من الأجواء الروتينية التي تطرح على أي شخص ولكنه فاجأنا بمعلومة لم يعرفها أو يطلع عليها الكثير، لنسأله كيف نعرِّف السيد محمد السماوي التيجاني للناس؟ فأجاب وباعتزاز وارتياح كبيرين: “محمد التيجاني السماوي العبد الحقير الذليل الفقير لرحمة ربه، وأصلي من العراق وبالتحديد من سماوة العراق، وأجدادي نزحوا من سماوة العراق إلى تونس، ونحن من سلالة إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، وهذا يعني إننا موسويون وفي تونس لا يسموننا سادة وإنما يسموننا الأشراف، وعمري (74) عام والحمد لله، وعلمني أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام، أن أقول لا اعلم عندما لا اعلم، مهما أصل لمرحلة من العلم”.
وأبدى امتنانه في نهاية الحوار لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي بالقول: وممتن جدا من الشيخ عبد المهدي الكربلائي، لأنه أسكنني في (حجرة) مقابل احد الأبواب (باب السلطانية) التي استطيع من خلالها أن أرى قبر جدي إبراهيم المجاب، واجد من واجبي أن ابحث فيه لان اكبر الولادات كانت منه وهي متشعبة وكثيرة ويلزم فيه بحث خاص.
انتهى الحوار بكلمات طيبة من المفكر الإسلامي السيد محمد السماوي التيجاني، معبرا عن أهمية المواضيع والأسئلة التي طرحت عليه، ونحن لمسنا منه العالم المفكر الذي يجيد لغة الحوار العلمي المفيد، التي تنم عن إدراك ووعي كامل لخطورة الظرف الذي تمر به الأمة الإسلامية في الوقت الراهن.
محسن الحلو–وكالة نون الخبرية