قام المسؤولون في كليّة تعليم التحدّت أمام الجمهور، وهي كليّة أكاديميّة في تل أبيب، بإدراج خطاب الأمين العّام لحزب الله اللبنانيّ، عن أنّ “اسرائيل” هي أوهن من بيت العنكبوت، في البرنامج الدراسيّ لفنّ الخطابة والبلاغة في التعبير، وإنْ دلّ هذا الأمر على شيءٍ، فإنّه يدُلّ على مدى التأثير الذي يحظى به سيّد المقاومة على “الجمهور” الإسرائيليّ، وأيضًا على صنّاع القرار من المُستويين السياسيّ والأمنيّ.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، يقول أحد المحاضرين في الكليّة في شرحه عن الخطاب، إنّ نصر الله هو أوّل زعيم عربيّ يقوم بتهديد “إسرائيل” بتوجيه ضربةٍ مؤلمةٍ للمفاعل النوويّ في ديمونا.
وفي هذا السياق، قال د. ينيف ليفيتان، وهو باحث إسرائيليّ مختّص في الحرب النفسيّة، إنّ أحدى أهّم العبر والنتائج المفصليّة في بحث الدعاية (البروباغندا) خلال التاريخ هي أنّ “الدولة مُجبرة على الدفاع عن جمهورها من الدعاية التي ينتهجها العدّو، وتحديدًا في زمن الحرب” حسب تعبيره.
وتابع قائلاً إنّ المؤرخّين الذين سيبحثون بشكلٍ علميٍّ وعمليٍّ الحرب الإعلاميّة بين حزب الله وبين “إسرائيل” سيتناولون وبشكلٍ مُوسّعٍ، التسهيلات التي قامت بتقديمها قنوات التلفزيون الإسرائيليّة عندما منحت المنصّة الرئيسيّة للأمين العّام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ خطابات السيد نصر الله، التي تمّ بثّها عبر التلفزيون الإسرائيليّ بشكلٍ حيٍّ ومباشرٍ خلال حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، شملت رسائل خطيرةً للغاية، لأنّ البثّ قدّم الخطابات للمُشاهدين الإسرائيليين دون أنْ يقوم المسؤولون بشطب المقاطع الموجهّة التي كان السيد نصر الله يُصّر على استخدامها لإرهاب الإسرائيليين، على حدّ تعبيره.
ورأى الباحث الإسرائيليّ، في مقال نشره على موقع صحيفة (معاريف) العبريّة، أنّ أحد الأسباب التي دفعت الإعلام العبريّ إلى نقل الخطابات كما هي من دون رقابة أوْ تحرير، كانت بسبب اعتماد (السيد)نصر الله على إستراتيجيّة الحقيقة، وأوضح أنّ هذه الإستراتيجيّة موجودة في العالم منذ الحرب العالميّة الثانيّة.
وأقّر الباحث الإسرائيليّ في سياق تحليله أنّه خلال حرب لبنان الثانية، تمكّن نصر الله من الانتصار في الحرب الإعلاميّة، مُشيرًا إلى أنّ القشّة التي قصمت ظهر البعير كان خطاب (السيد)نصر الله حول ضرب البارجة الإسرائيليّة، التي كانت بالقرب من شواطئ العاصمة اللبنانيّة بيروت، وما منح الأمر زخمًا ومصداقيّة، شدّدّ د. ليفيتان، أنّ الخطاب الذي ألقاه نصر الله عن استهداف البارجة، كان ببثٍ حيٍّ ومباشرٍ، ولم تتمكّن “إسرائيل” من منع البثّ، ووصلت الرسالة إلى المجتمع الإسرائيليّ الذي توصّل إلى قناعةٍ بأنّ العدو اللدود كان صادقًا مائة بالمائة، الأمر الذي رفع أسهم مصداقيته في عيون الإسرائيليّ، خصوصًا وأنّ الصور التي تمّ بثها بالتوازي مع خطاب (السيد)نصر الله ، أظهرت بشكلٍ قاطعٍ أنّ حزب الله تمكّن من توجيه صاروخٍ دقيقٍ للبارجة وإصابتها وقتل ستّة من الجنود الذين كانوا على متنها، على حدّ قوله.
علاوةً على ذلك، أوضح الباحث د. ليفيتان، أنّه حتى قبل اندلاع حرب لبنان الثانية كانت الفرضيّة المقبولة في المجتمع الإسرائيليّ تؤكّد على أنّ نصر الله يقول الحقيقة، والحقيقة فقط، وهذه الفرضيّة وجدت الطريق إلى الترسيخ والتكريس في عقول وقلوب الإسرائيليين، أضاف الباحث، على وقع التصريحات غير المسؤولة وغير الصحية التي أطلقها قادة الدولة العبريّة.
بالإضافة إلى ذلك، لفت الباحث إلى أنّ هذه الفرضيّة حصلت على المزيد من المصداقيّة في عيون الإسرائيليين بعد أنْ وصل الردع الإسرائيليّ إلى الحضيض، ولم تتمكّن الحكومة في تل أبيب من إيجاد طرقٍ خلاقّة للردّ على استفزازات حزب الله، وهكذا عندما اندلعت الحرب، أيْ حرب لبنان الثانية، كانت الأرض خصبةً لكي يتلقّف المجتمع الإسرائيليّ الرسائل التي وجهها حزب الله عن طريق خطابات (السيد) نصر الله المتلفزة.
وقال الباحث أيضًا انّ جمهور الهدف الإسرائيليّ استمع للمعلومات المزورّة وغير الصحيحة، لأنصاف الحقائق، للتهديدات وعمليات الإخافة لأنّه كان وما زال يؤمن بأنّ نصر الله هو رجل يحمل عقيدة قتاليّة، والأخطر من ذلك أنّه صادق وأمين، وأنّه إذا هدّدّ نفذّ تهديده، وأشار إلى أنّ هذه المصطلحات عن مصداقية (السيد)نصر الله ، تحولّت إلى جملٍ عاديّة يستخدمها الإعلاميون في “إسرائيل” وأيضًا المُحللون، بالإضافة إلى الجمهور العاديّ.
المصدر : راي اليوم