أعادت التفجيرات التي ضربت دمشق أجواء التوتر التي رافقت جولة محادثات جنيف الماضية، فيما تستعد وفود ضامني “أستانا” لعقد اجتماع تحضيري قبيل انطلاق الجولة الجديدة. وبالتوازي، تستكمل أنقرة مشاوراتها المكثفة، لإخراج “تفاهم” دولي يتيح لها إطلاق معركتها الجديدة في الشمال السوري.
فيما ينتظر أن تشهد العاصمة الكازاخية، أستانا، اليوم، لقاءً استباقياً لجولة المحادثات الجديدة المقرر انطلاقها غداً، تجريه وفود الدول الضامنة، كانت مدينة دمشق على موعد أمس مع ثلاثة تفجيرات انتحارية بسيارات مفخخة، استهدفت مواقع على الأطراف الشرقية للمدينة. وأتت التفجيرات لتعيد حالة التوتر إلى العاصمة، بعد أيام على تخفيف بعض الإجراءات الأمنية داخل شوارعها، وخاصة مع نشاط العمل العسكري على أطراف الغوطة الشرقية من محور عين ترما المجاور.
التفجيرات التي أسفرت عن استشهاد 19 شخصاً بين مدنيين وعسكريين، وإصابة عشرات آخرين بجراح، استهدفت ساحة الغدير في منطقة باب توما، ومنطقة دوار البيطرة (عقدة المطار) المجاور لكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية.
وأوضحت وزارة الداخلية أن القوى الأمنية لاحقت 3 سيارات مفخخة، وتمكنت من تفجير اثنتين منها قرب عقدة المطار، في حين فجر السيارة الثالثة انتحاري، في ساحة الغدير بعد دخوله إلى منطقة باب توما.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن بعض سكان المنطقة التي استهدفتها التفجيرات، أنه سمعت أصوات إطلاق نار قبيل وقوعها، في ما يشير إلى محاولات لإيقاف تلك السيارات من قبل عناصر القوى الأمنية في محيط عقدة المطار.
وتسببت الانفجارات باحتراق عدد كبير من السيارات الموجودة في المكان، إلى جانب أضرار كبيرة لحقت بالمنازل المجاورة.
ومع عودة التوتر إلى محيط العاصمة، شهدت باقي جبهات الميدان هدوءاً نسبياً مقارنة بالأيام الماضية، في وقت يتابع فيه الجيش السوري تثبيت نقاطه الجديدة على طول الجبهات ضد تنظيم “داعش” في البادية.
في موازاة ذلك، لا يعكس الهدوء الذي ساد أمس محيط منطقة عفرين، زخم التحضيرات العسكرية التي شهدها الأسبوع الماضي، من قبل الجيش التركي والفصائل المسلحة المنضوية تحت قيادته. غير أن نشاط أنقرة الدبلوماسي يعزز المعلومات التي نقلتها وسائل إعلام تركية عن قرب العملية ضد مواقع “وحدات حماية الشعب” الكردية، في ريف حلب الشمالي الغربي، إذ شهدت اسطنبول، أمس، لقاء هاماً بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
وبرغم بقاء مجريات اللقاء بعيدة عن التداول الإعلامي، يمكن التأكيد أن تحركات الجيش التركي الأخيرة، كانت المحور الأبرز لهذا اللقاء، إلى جانب محادثات أستانا وصفقات الأسلحة الثنائية بين البلدين، على رأسها صفقة منظومة “اس ــ 400” المتوقع إنجازها قريباً.
وكان لافتاً أن وسائل الإعلام التركي لم تنقل أي تفاصيل عن الاجتماع، واكتفت بالتعليق على صورة نشرتها الرئاسة التركية، تظهر حضور رئيس الأركان خلوصي أكار، ورئيس جهاز الاستخبارات حقان فيدان، إلى جانب أردوغان.
ومع أهمية الدور الروسي في تحديد حجم وفاعلية أي تحرك تركي محتمل في الشمال السوري، وفي إطار التعاون ضمن صيغة محادثات أستانا، كثّفت موسكو نشاطها الدبلوماسي والعسكري مع الدول المعنية بالملف السوري. وزار نائب وزير دفاعها ألكسندر فومن، العاصمة الإيرانية طهران، حيث التقى مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية حسين جابري أنصاري، لبحث تفاصيل التحضيرات والتنسيق لجولة أستانا.
وبدا لافتاً مع النشاط التركي، أمس، ما تناقلته مصادر معارضة مقربة من فصائل “درع الفرات” سابقاً، عن إتمام عملية إعادة هيكلة لتلك الفصائل، تحضيراً للعمليات المرتقبة في ريف حلب ضد “الوحدات” الكردية.
ومع غياب تسريبات تركية عن طبيعة العمليات المرتقبة في محيط عفرين، والتي يتم تداولها تحت مسمى “سيف الفرات” الذي ذكر للمرة الأولى في نيسان الماضي، نقلت صحيفة “صباح” بنسختها التركية، عن قائد فصيل “لواء السلطان مراد”، فهيم عيسى، تفاصيل حول التحضيرات الجارية للمعارك.
وأوضح عيسى أن الهدف الأول للعملية سيكون السيطرة على منطقة تل رفعت ومطار منغ العسكري، بالتوازي مع تحرك من حدود عفرين الجنوبية في محيط دارة عزة، عبر بلدة أطمة الحدودية في ريف إدلب. وتوقع أن تكون المعركة “أسهل من حصار مدينة الباب”، على اعتبار ارتفاع عدد مقاتلي الفصائل “من 5 آلاف وقت معركة الباب، إلى 20 الفاً حالياً”.
المصدر: الأخبار