توقعات بتصعيد محتمل ضد قطر بعد إنتهاء المهلة التي حددتها دول “المقاطعة”

انتهت المهلة التي حددتها عدد من الدول التي قاطعت قطر، والتي طالبت فيها الدوحة بتنفيذ ثلاثة عشر شرطا لعودة الحوار معها، وقد وصفتها الأخيرة بأنها “غير منطقية وغير قابلة للتنفيذ” رغم أنها أبدت استعدادها للحوار، حيث يتوقع أن يقوم وزير خارجية قطر بتسليم أمير الكويت الرد على مطالب الدول المقاطعة اليوم غد الاثنين.

ونشرت “رويترز” تقريرا أمس الأحد، عن الأزمة الخليجية والمهلة التي وضعتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر لتسوية النزاع مع قطر، حيث أشارت إلى أن الكويت، التي أدت دور الوسيط في الأزمة، سلمت إلى الدوحة يوم 23 من حزيران الماضي، قائمة بمطالب تضمنت خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، والاقتصار على التعاون التجاري معها والإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية، إضافة إلى إغلاق وسائل الإعلام التي تدعمها قطر وعلى رأسها قناة الجزيرة.

وأضاف التقرير أن قطر تواجه عقوبات إضافية محتملة من الدول العربية التي قطعت علاقاتها معها، حيث بقت ساعات على المهلة المحددة لها لقبول المطالب والتي انتهت مساء الأحد، دون أي مؤشرات على انتهاء الأزمة، وهذا ما بدا في تصريح وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي أفاد بأن “المطالب وُضعت لتُرفض مضيفا أن المهلة التي حددتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر لا تستهدف مكافحة الإرهاب وإنما تقليص سيادة بلاده”.

وتابع الوزير القطري قائلا إن “قطر مستعدة للحوار بالشروط المناسبة، ولا مانع لديها من بحث أي مطالب من هذه الدول لكن شرط أن تكون مبنية على أسس واضحة، وأن تكون هناك مبادئ يتفق عليها بألا تنتقص سيادة أي دولة وألا يكون هناك فرض وصاية لأن هذا الأمر غير مقبول بالنسبة لنا”.

من جانبه أوضح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، الأحد، بأن “الولايات المتحدة تحث كل الأطراف على ممارسة ضبط النفس لإفساح المجال لمناقشات دبلوماسية بناءة، لن نستبق تلك المناقشات، ندعم الوساطة الكويتية بالكامل”.

وبالعودة إلى المطالب فقد أعلنت الدول المُقاطعة أن المطالب غير قابلة للتفاوض، وأكد السفير الإماراتي لدى روسيا إن قطر قد تواجه عقوبات جديدة إذا لم تنفذ المطالب، حيث يتوقع أن تقوم البنوك السعودية والإماراتية والبحرينية بسحب ودائعها والقروض ما بين البنوك من قطر في حال جاءتها توجيهات رسمية، لكن وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، هون من احتمالات تصعيد الأزمة، لافتا إلى أن “البديل ليس التصعيد بل افتراق الدروب في تلميح إلى احتمال طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي الذي تشكل عام 1981 في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران ونشوب الحرب الإيرانية العراقية”.

وأتى الرد القطري على التهديدات بعقوبات جديدة، على لسان وزير خارجيتها الذي قال “عندما يأتي التهديد من داخل مجلس التعاون الخليجي تكون هناك عندئذ شكوك حول استمرارية المجلس”، كما أبدى القطريون تحديا للمطالب المقدمة حيث شجبت الصحف “الحصار” وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي رسما كاريكاتوريا يصور “داود وجالوت” لإبراز صراع قطر مع جيرانها الأكبر، وغطت صور كبيرة لأمير البلاد، تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، ناطحات السحاب في العاصمة.

وقد وصف العديد من السياسيين والدبلوماسيين الدوليين والمحللين مطالب دول الحصار لحل الأزمة الخليجية مع قطر “بغير المنطقية” و”المستحيلة” كونها تمس السيادة القطرية، وأشارت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها أن المطالب التي قدّمتها دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر إلى قطر، سيكون من الصعب على الأخيرة “القبول بها”.

وأبدت روسيا موقفا أكثر وضوحا من الأزمة في منطقة الخليج (الفارسي)، حيث أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قلق موسكو من الخلافات بين قطر وجيرانها، داعيا إلى حلها عبر حوار مباشر بين الأطراف، كما أشار إلى أن بلاده لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى أو العلاقات بينها، لكنه أوضح أنها تجري اتصالات بمعظم أطراف الأزمة الخليجية، وهي مستعدة لاتخاذ خطوات إضافية لدعم جهود التسوية.

وبالنسبة لإيران، التي تشكل علاقات قطر معها أحد أسباب فرض الحصار على الدوحة، فقد أعربت فورا بعد فرض الحصار عن قلقها من التطورات في منطقة الخليج (الفارسي)، ودعت إلى حل الخلافات عن طريق الحوار الشفاف وليس بأي أسلوب آخر.

وذكر الخبير الاستراتيجي في شركة بتروماتريكس للاستشارات النفطية السويسرية، أوليفير جاكوب، أن “المطالب عنيدة جداً، ويستحيل معها أن نرى حلاً لذلك الصراع قريباً”، فيما رأت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن “دول الحصار تخاطر بجرِّ قوى أخرى لصراعٍ مجهول العواقب في الخليج (الفارسي)”، في إشارة إلى تركيا وإيران، حيث تضم المطالب إغلاق القاعدة العسكرية التركية، وقطع العلاقات مع إيران التي تشترك معها قطر في حقل غاز كبير”.

من جهته توقع، استاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، إبراهيم فريحات، أن يطول أمد الأزمة  لأن قطر سترفض المطالب، إذ ستعتبر أنها بداية لا يمكن البناء عليها، كما أنها ستعتقد أن جيرانها صعدوا من مواقفهم لأقصى حد يمكنهم الوصول إليه”.

وجاءت آخر المواقف بشأن الأزمة على لسان المندوب الدائم للسعودية في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، الذي أكد أن “قطر تصر على زعزعة أمن السعودية ودول المنطقة ودعم الإرهاب.. وخلق فوضى عارمة”، كما شدد وزير خارجية البحرين، خالد آل خليفة، على ضرورة “التزام قطر بتعهداتها السابقة والمطالب التي قدمتها الدول المقاطعة لها”.

ونقلت صحيفة “الأهرام” المصرية عن مصادر خليجية قولها إن دول “المقاطعة” تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في البحرين في إطار الإجراءات التصعيدية ضد قطر، مشيرة إلى إجراءات مشددة سوف تتخذها تلك الدول تشمل أيضا المقاطعة الاقتصادية لقطر، وتجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي، وتجميد ودائع الدوحة في دول المقاطعة، حيث جاء ذلك بعد إعلان قطر عن استمرار وصول دفعات “تعزيزية” عسكرية لها تشمل جنودا ومعدات من حليفتها تركيا، لتنضم إلى القوات التركية الموجودة حاليا هناك.

ويشير مراقبون أن العالم يترقّب اليوم الاثنين، ما بعد انتهاء المهلة التي وضعتها دول الحصار لقطر، ليكشف الخطوة التالية للطرفين، وذلك بعد حسم الدوحة أمرها بتأكيد أن سيادتها “خط أحمر” غير قابل للتفاوض أوالنقاش، وسط احتمالية تراجع الدول المقاطعة في ظل غياب البدائل.

الجدير بالذكر أن الأزمة الخليجية بدأت في الخامس من شهر حزيران الماضي، حين بادرت السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطع علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصارا بريا وجويا، واتهمتها بـ”دعم الإرهاب”، وهو ما نفته الدوحة.

شاهد أيضاً

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *