السيد كامل الهاشمي (1)
الباطنية تسمية أطلقت لتوحي باتجاه يتجاوز الوقوف عند ظواهر الأشياء والكلمات، وشاع إطلاقها في تاريخ الإسلام على عدة فرق دينية تتسم بالسرية وغموض معتقداتها الدينية، مع اختلاف في مستويات السرية والغموض، وأهم تلك الفرق: الإسماعيلية والنصيرية والعلوية والقرامطة”.
ومما لا ينبغي إغفاله: أن مصطلح “الباطنية” أضحى مع مرور الزمن ذامدلول سياسي واجتماعي تستخدمه بعض الأطراف؛ لتشويه سمعة أطراف أخرى تختلف معها في اتجاهاتها الدينية والعقيدية.
والشهرستاني في “الملل والنحل” يقول في تعريفه للباطنية: (وإنّما لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن لكل ظاهر باطناً، ولكل تنزيل تأويلاً، ولهم ألقاب كثيرة سوى هذه على لسان قوم وقوم، ففي العراق ـ مثلاً ـ يسمون بـ: الباطنية والقرامطة والمزدكية، وفي خراسان بـ: التعليمية والملحدة، وهم يقولون، : (نحن إسماعيلية؛ لأنا تميزنا عن فرق الشيعة بهذا الاسم وهذا الشخص)(2).
وفي دائرة المعارف الإسلاميّة يذكر عن “الباطنية”: أن (هذه الكلمة مشتقة من كلمة “باطن” كما يدل على ذلك اسمها. والباطنية هم أولئك الّذين يأخذون بالمعنى الباطن للكتاب، ويجعلون لكل تنزيل تأويلاً.
وقد أطلق مؤلفوا العرب اسم الباطنية على فرق عدة متباينة كان لها شأن سياسي هام، وأهمها: الخرمية والقرامطة والإسماعيلية. وهذه التسمية أطلقت أيضاً على فرق ليست من فرق المسلمين، إذ يعد منهم المزدكية وهي: فرقة مانوية أسسها مزدك، وظهرت في عهد الملك الساساني قباذ بن فيروز)(3).
والكلمة الجامعة في “الباطنية” أنها (لقب عام مشترك تندرج تحته مذاهب وطوائف عديدة، الصفة المشتركة بينها هي تأويل النص الظاهر بالمعنى الباطن، تأويلاً يذهب مذاهب شتى، وقد يصل التباين بينها حد التناقض الخالص، فهو يعني: أن النصوص الدينية المقدسة رموز وإشارات إلى حقائق خفية وأسرار مكتوبة، وأن الشعائر بل الأحكام العملية هي الأخرى رموز وأسرار، وأن عامة الناس هم الّذين يقنعون بالظواهر والقشور، ولا ينفذون إلى المعاني الخفية التي هي من شأن أهل العلم الحق، علم الباطن) (4).
إنّ فرقة الإسماعيلية من الفرق التي تميزت عن غيرها ـ إلى يومنا هذا ـ بولعها في التفسير الباطني لحقائق الشريعة، وتتخذ موقفاً من الشريعة يقوم على: أنّه يجب على من يريد الاندماج في سلك الإسماعيلية أن يزيح عن بصره الحجب المادية التي تغشى الشريعة؛ وذلك بأن يرتقي إلى معرفة تتناهى في السمو والدقة، وأن يسمو إلى عالم الروحانية المحضة؛ لأن الشريعة عندهم ما هي إلاّ واسطة تهذيبية ووسيلة تربوية، ذات قيمة نسبية وأهمية عرضية وقتية، وهي تصلح لقوم لم يكتمل نضجهم بعد، ورمز يتحتم
البحث عن كنهه الحقيقي في الخير الروحي الذي تدأب الشريعة له وتسعى إليه.
ورغم أن كلّ أو أغلب الفرق الباطنية ـ وبالأخص الإسماعيلية ـ أتهمت بالتجاوز على الشريعة وإباحة المحرمات وتفسير ظواهر الشريعة بتفسيرات باطنية لا شاهد عليها من العقل أو الشرع، إلاّ أننا نجد أن هناك من يعزي هذه الاتهامات إلى دوافع سياسية، محاولاً براءة بعض هذه الفرق من تلك الاتهامات.
فها هو “مصطفى غالب” الكاتب الإسماعيلي المعاصر يبرر التشويهات التي ألصقت بالإسماعيلية بأنها من فعل الخلافة العباسية التي واجهتها الإسماعيلية بالعداء ومحاولات الخروج عليها، فيقول:
(لما شعرت الخلافة العباسية التي كانت تجتاز مرحلة اضطراب وضعف، ويتعاقب في خلافتها عدة من الخلفاء الضعاف بخطر، الحركة الإسماعيلية الداهم، فوكلت وعاظهم وأصحاب المقالات الدينية بالطعن بمبادئ هذه الحركة والإفتراء عليها بالأكاذيب؛ لينعتوا مذهبها ونظامها بالإباحية والزندقة والإلحاد، والخروج عن الدين الإسلامي الحنيف، ويطعنوا أيضاً بنسب أئمة هذه الحركة، ويحرضوا عليهم أصحاب الجهل وأهل التعصب) (5).
ومن كلمات الكاتب المذكور في بيان أصول عقيدته الإسماعيلية التي تخالف ما اشتهر عنها بين مؤرخي الفرق قوله: (فالعقيدة الأساسية الجامعة للإسماعيلية تترسخ في حقائق ثابتة هي:
1 ـ العبادة العملية، أي: علم الظاهر: وهو ما يتصل بفرائض الدين وأركانه.
2 ـ العبادة العلمية، أي: علم الباطن: من تأويل ومثل عليا للتنظيمات الاجتماعية والإدارة السياسية. وكل هذه النقاط تعد من صميم العقائد، تتداخل مع بعضها تداخلاً كلياً، وتعتمد كلّ واحدة على الأخرى، فهم يقولون بالباطن والظاهر معاً، وذهبوا إلى تكفير من اعتقد بالباطن دون الظاهر، أو بالظاهر دون الباطن) (6).
ويحاول مصطفى غالب أن يسبغ على مقولات الإسماعيلية في الإمام المعصوم طابع المعقولية، فيقول: (والإسماعيلية يعتبرون ـ من حيث الظاهر ـ أن الأئمة من البشر، وأنهم خلقوا من الطين، ويتعرضون للأمراض والآفات والموت مثل غيرهم من بني آدم، ولكن في التأويلات الباطنية، يسبغون على الإمام (وجه الله )، و(يد الله)، و(جنب الله)، وأنه هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة، وهو الصراط المستقيم، والذكر الحكيم، إلى غير ذلك من الصفات.
وفي هذه الأقوال أدلة على كلّ صفة من هذه الصفات، فمثلاً: أن الإنسان لا يعرف إلاّ بوجهه، ولما كان الإمام هو الذي يدل العالم على معرفة الله، فبه إذن يعرف الله، فهو وجه الله الذي يعرف به الله ولما كانت اليد التي يبطش بها الإنسان ويدافع بها عن نفسه، والإمام هو الذي يدافع عن دين الله، ويبطش بأعداء الله، فهو على هذه المثابة يد الله) (7).
ويؤكد مصطفى غالب استناد الإسماعيلية في قولهم بالتأويل على أدلة عقلية مستخلصة من القرآن فيقول: (ولهم أدلة عقلية على وجوب التأويل استقوها من القرآن الكريم، فذهبوا إلى: أن مآلة الدين تؤخذ من خلقة السموات والأرض، وتركيب الأفلاك، وجميع ما يتامل مما خلقه الله، فقد ركزت في المخلوقات كلّ معاني الدين الذي حمله القرآن الكريم. فآيات القرآن إذن في حاجة إلى من يستنبط كنوز هذه المعاني.
واستناداً لهذه الطريقة أوجدوا نظرية المثل والممثول. والباطن والظاهر، وجعلوا الظاهر يدل على الباطن، وسموا الباطن ممثولاً، والظاهر مثلاً) (8).
وأمام هذا الغموض الذي يكتنف النظرية الإسماعيلية، والتشويهات التي يزعم مناصروها أنها ألصقت بهم ظلماً، لم يجد المستشرق “جولد تزيهر” بدا من التشكيك في إباحية الإسماعيلية وتحللهم، فقال: (واستخلص خصومهم من نظريتهم الدينية هذه: أنهم يتحللون من النواميس الخلقية، ويبيحون كلّ محظور ومنكر، غير أنا لا نستطيع أن نسلم أن هذا التصوير البشع تؤيده حقيقة حالهم) (9).
وعلى كلّ حال، فسواء صحت نسبة تلك التهم والتشنيعات بالنسبة إلى الإسماعيلية أم لم تصح، فإنها تدلنا على مدى الغموض والإبهام الذي يحيط محاولات التوصل إلى حقيقة إحدى أشهر الفرق الباطنية في تاريخ الإسلام. وإذا كان الأمر بالنسبة إلى الإسماعيلية هكذا، فكيف سيكون حال الباحث حيال الفرق الباطنية المغمورة، التي لا تجهر بنشر ما يمكن أن يفصح عن حقيقة معتقداتها؟
ومن هنا تبرزلنا صعوبة فهم العلاقة بين التشيع الإثني عشري والباطنية على مستوى الدلالة اللفظية لمصطلح “الباطنية”، وعلى مستوى الدلالة المعنوية لمضامين “الباطنية”؛ وذلك لأننا في مواجهة مصطلح عائم ـ في الوقت نفسه ـ لا نستطيع أن ننفيه بكل مداليله عن التشيع الاثني عشري لنقول: إنّ التشيع عقيدة ظاهرية بحتة لا تؤمن بباطن وراء الظاهر، ولا نستطيع أيضاً أن نثبته وننسبه بكل مضامينه للتشيع الإثني عشري، فنقول: إنّ التشيع عقيدة باطنية خالصة تنتصر في كلّ الأحوال للباطن على حساب الظاهر.
وأمام هذه المشكلة، لا نجد محيصاً من أجل إبراز الصورة الواقعية التي تحكم العلاقة بين المعتقد الشيعي الإمامي، والباطنية على وجه العموم، والتي تحكم العلاقة بين التشيع الروحي والباطنية على وجه الخصوص من بيان الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: أن التشيع كما كان له وجهة نظره في التأويل والرمز والباطن ـ وهي مقولات لا تتوافق إلاّ مع المنهج الباطني، ولا تصدر إلاّ عن رؤية باطنية في تفسير حقائق الوجود والدين معاً ـ فإن له وجهات نظر في علوم ومعارف: كالفقه، والأصول، وعلوم العربية لا يستقيم التعامل معها إلاّ على ضوء المنهج الظاهري ـ إنّ صح التعبير ـ في الفهم والتفسير.
ومن هذا يتضح لنا الخطأ المتكرر الذي ارتكبه “الدكتور محمّد عابد الجابري” في ثنايا مشروعه “نقد العقل العربي” حينما اختزل التشيع في عرفانه، ولم تتجاوز نظرته للتشيع هذه الزاوية التي لا نقول: إنها ضيقة لا يمكن أن ينظر للتشيع من خلالها، ولكن ما نقوله: إنها ليست كلّ التشيع؛ ولذا (فإن باحثنا يرتكب خطأ منهجياً في تصنيفه للتشيع، إذ هو يدرجه إلى جانب التصوف والكيمياء والتنجيم، ويجعل منه نظاماً عرفانياً ولكن ليس التشيع مجرد ميدان علمي، ولا هو مجرد فرع من فروع الثقافة الإسلاميّة، وإنّما هو مذهب، وهو مقالة ومنطوق، وهو اجتهاد وتأويل. إنه “عقل” كما قال الجابري، بل الأحرى القول: إنه وجهة نظر تجلت في مختلف فروع الثقافة الإسلامية ومجالاتها في الفقه والحديث، وفي التفسير والكلام، وفي التصوف والفلسفة، ولذا فإنه من الخطأ أن ينظر إلى التشيع أو إلى التسنن بوصفهما نظامين عرفانيين لا غير ففي التشيع ـ كما في التسنن ـ بيان وعرفان وبرهان إذا كان لنا أن نأخذ بمصطلحات الجابري. وليس العرفان حكراً على الشيعة من دون أهل السنة) (10)
الحقيقة الثانية: أن التشيع الإمامي ـ ولا سيما من خلال مروياته ونصوصه الدينية ـ لا يخفي تجاهره بالقول بالباطن والتأويل في تعامله مع الحقائق الدينية، وقد تواترت الأخبار عن أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في أن للقرآن ظاهراً وباطناً إلى سبع بطون أو أكثر.
فقد روى العياشي وغيره عن جابر قال: سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن شيءٍ من تفسير القرآن ؟ فأجابني، ثم سألت ثانية ؟ فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت فداك، كنت أجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم ! فقال لي:(( يا جابر، إنّ للقرآن بطناً، وللبطن بطناً وظهراً، وللظهر ظهراً، يا جابر، وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن. إنّ الآية لتكون أولها في شيءٍ وآخرها في شيءٍ، وهو كلام متصل ينصرف على وجوه)) (11).
وفي “الكافي”: روي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّه قال في القرآن ((… وله ظهر وبطن،
فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق…)) (12).
وروى “الصدوق” عن حمران بن أعين أنّه قال: سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن ظهر القرآن وبطنه ؟ فقال: ((ظهره الّذين نزل فيهم القرآن، وبطنه الّذين عملوا بمثل أعمالهم، يجري فيهم ما نزل في أولئك))(13).
ومحاولة تأويل القرآن والبحث عن بواطنه لا تنفرد بها الشيعة وحدها، إذ أن العرفانية التي يمكن جعلها منهجاً في البحث عما وراء الظاهر نجد لها حضواً في جميع الفرق والمذاهب الإسلاميّة، وإن اختلفت نسبة هذا الحضور وأشكاله.
وقد ورد في روايات أيضاً: أن للقرآن ظهراً وبطناً، ولبطنه بطناً، إلى سبع بطون.
فمن ذلك: ما ذكره النقاش في تفسيره عن ابن عباس أنّه قال: جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ:((أن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن، وأن عليا عنده علم الظاهر والباطن))(14).
ومنه أيضاً: ما ذكره الغزالي في “إحياء العلوم”، والحافظ أبو نعيم في “حلية الأولياء”، عن ابن مسعود قال: “إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن، وأن علي بن أبي طالب عنده منه علم الظاهر والباطن”(15).
وبالنسبة إلى “علم الباطن” فإن المتصوفة من أهل السنة لم يكونوا أقل اهتماماً من الشيعة في إثبات مستنداته الشرعية.
فـ “الكلاباذي” في كتابه “التعرف لمذهب أهل التصوف” يذكر: (أنّه روى سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: ((إنّ من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه إلاّ أهل المعرفة بالله، فإذا نطقوا به لم ينكره إلاّ أهل الغرة بالله))(16).
وعن عبد الواحد بن زيد قال: سألت الحسن عن علم الباطن ؟ فقال: سألت حذيفة بن اليمان عن علم الباطن؟ فقال: سألت رسول الله عن علم الباطن ؟ فقال:(( سألت
جبرائيل عن علم الباطن ؟ فقال: سألت الله عز وجل عن علم الباطن ؟ فقال: “هو سر من سري أجعله في قلب عبدي، لا يقف عليه أحد من خلقي))(17).
الحقيقة الثالثة: أن الشيعة رغم كونها ترفض تعطيل القرآن والجمود على ظواهره، إلاّ أن موقفها هذا لم يكن يعني بحال من الأحوال أن لا قيمة لظواهر القرآن بشكل خاص، ولظواهر النص الديني بشكل عام. وقد تبنى علماء الشيعة موقف الدفاع عن ظواهر القرآن وإثبات حجيتها؛ وذلك: (أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يخترع لنفسه طريقة خاصة لإفهام مقاصده، وأنه كلم قومه بما ألفوه من طرائق التفهيم والتكلم، وأنه أتى بالقرآن ليفهموا معانيه، وليتدبروا آياته، فيأتمروا بأوامره، ويزدجروا بزواجره. وقد تكرر في الآيات الكريمة ما يدل على ذلك) (18).
ويستدل “السيد الخوئي” على حجية ظواهر الكتاب الكريم، قائلاً: (ومما يدل على حجية ظواهر الكتاب وفهم العرب لمعانيه:
1 ـ إنّ القرآن نزل حجة على الرسالة، وإن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مع لسان القرآن قد تحدى البشر على أن يأتوا ولو بسورة من مثله، ومعنى هذا: أن العرب كانت تفهم معاني القرآن من ظواهره، ولو كان القرآن من قبيل الألغاز لم تصح مطالبتهم بمعارضته، ولم يثبت لهم إعجازه؛ لأنهم ليسوا ممن يستطيعون فهمه، وهذا ينافي الغرض من إنزال القرآن ودعوة البشر إلى الإيمان به.
2 ـ الروايات المتظافرة الآمرة بالتمسك بالثقلين اللذين تركهما النبي في المسلمين، فإن من البين أن معنى التمسك بالكتاب هو: الأخذ به، والعمل بما يشتمل عليه، ولا معنى له سوى ذلك.
3 ـ الروايات المتواترة التي أمرت بعرض الأخبار على الكتاب، وأن ما خالف الكتاب منها يضرب على الجدار، أو أنّه باطل، أو أنّه زخرف، أو أنّه منهي عن قبوله، أو أن الأئمة عليهم السلام لم تقله. وهذه الروايات صريحة في حجية ظواهر الكتاب، وأنه مما تفهمه
عامة أهل اللسان العارفين بالفصيح من لغة العرب. ومن هذا القبيل: الروايات التي أمرت بعرض الشروط على كتاب الله ورد ما خالفه منها.
4 ـ استدلالات الأئمة ـ عليهم السلام ـ على جملة من الأحكام الشرعية وغيرها بالآيات القرآنية) (19)، ثم أورد جملة من هذه الاستدلالات.
وفي مقام توضيح المراد من تفسير القرآن يقول السيد الخوئي: (التفسير: هو إيضاح مراد الله تعالى من كتابه العزيز، فلا يجوز الاعتماد فيه على الظنون والاستحسان، ولا على شيءٍ لم يثبت أنّه حجة من طريق العقل، أو من طريق الشرع؛ للنهي عن اتباع الظن، وحرمة إسناد شيءٍ إلى الله بغير إذنه…) (20).
ويقول أيضاً: (ولا بد للمفسر من أن يتبع الظواهر التي يفهمها العربي الصحيح، ـ وقد بينا لك حجية الظواهر أو يتبع ما حكم به العقل الفطري الصحيح، فإنه حجة من الداخل، كما أن النبي حجة من الخارج. أو يتبع ما ثبت عن المعصومين ـ عليهم السلام ـ فإنهم المراجع في الدين، والذين أوصى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بوجوب التمسك بهم، فقال:(( إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إنّ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً…)) (21).
وبالإضافة إلى تدليل علماء الشيعة بحجية ظواهر الكتاب العزيز، فإنهم ذكروا مبحث حجية الظواهر بشكل عام في كتبهم الأصولية، وكتاباتهم في هذا المجال تشهد على مدى التطور الكبير الذي أحرزه علم الأصول عند الشيعة. ومن أراد أن يستوضح رأي الشيعة الإمامية في حجية الظواهر فعليه بمراجعة كتبهم ومؤلفاتهم الأصولية، فإنها صريحة في إثبات ذلك) (22).
الحقيقة الرابعة: أن منهج التفسير الباطني للكلمات والنصوص الدينية ومظاهر الوجود، والذي أكثر ما يتجلى في التفسير الباطني للقرآن بواسطة أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ، لم يتحول في أية لحظة من لحظات تاريخ التشيع الإثني عشري إلى وسيلة تستبطن هدم
الشريعة وتجاوز الظواهر، بل إنّ تاريخ التشيع يشهد إنّ الظاهر والباطن ضلان يسيران في خط متواز من دون أن يلغي أحدهما الآخر، وهذا التوازن في الجمع بين الظاهر والباطن، أو بين الحقيقة والشريعة، على حد تعبير العرفاء والمتصوفة ـ كان وما يزال خصيصة من خصائص التشيع التي ميزّته عن غيره من الفرق الصوفية والباطنية منذ اليوم الأول لظهور هذه الفرق واتشارها في الوسط الإسلامي.
وبذلك لم ينشأ أي إشكال في العلاقة بين الظاهر والباطن في الوسط الشيعي على مستوى التصور والممارسة، بينما نجد الإشكال قائماً في العلاقة بين الظاهر والباطن عند بقية المذاهب والفرق الإسلاميّة، ولم تجد حلاً لهذا الإشكال إلاّ في وقت متأخر، وبعد بروز التخبطات السلوكية، والتصورات النظرية الخاطئة اتجاه الموقف من الشريعة في حياة بعض المتصوفة وأهل الشأن الروحي في الإسلام.
وعلى هذا الأساس، فنحن نعي أن التشيع في الوقت الذي كان يصر على التمسك بالظاهر، كان يدرك أنّه يمثل باطن الإسلام الذي لا تكتمل حقيقته إلاّ من خلاله؛ وذلك لأن (الدين الحي الحق هو ذلك المتحقق في الشعور المتجدد المتطور للأمة المؤمنة به، وآية خصبة في تلك الصور المتعددة المتغورة التي يتخذها وفقاً للأزمان، وتبعاً للطابع العنصري المركب في هذه الأمة) (23).
وبتوثيق العلاقة بين الظاهر والباطن، وإحكام الصلة بين الشريعة والحقيقة يكون (للشيعة أكبر الفضل في إغناء المضمون الروحي للإسلام، وإشاعة الحياة الخصبة القوية العنيفة التي وهبت هذا الدين البقاء، قويا غنياً قادراً على إشباع النوازع الروحية للنفوس، حتّى أشدها تمرداً وقلقاً) (24).
وباطنية التشيع التي لم تدل على أي نسخ للشريعة (تشير بشكل يثير التقدير إلى وجود التشيع وكيانه ووعيه بأنه باطنية الإسلام، وأنه ليستحيل علينا تاريخياً أن نرجع إلى ما هو أقدم من تعاليم الأئمة ـ عليهم السلام ـ للوصول إلى منابع الإسلام الباطني. ولذلك فإن
الشيعة الحقيقيين هم: أولئك الّذين يحملون أسرار الأئمة ـ عليهم السلام ـ، بل في مقابل ذلك: (إنّ الّذين زعموا أو يزعمون وقف تعاليم الأئمة على الظاهر ـ أي: بعض مسائل الفقه والطقوس ـ يعرضون عن ما هو جوهر التشيع ويتجاهلونه) (25).
ولقد تجلت عظمة التشيع في القدرة على حفظ التوازن بين الظاهر والباطن، ولم يكن ذلك إلاّ بسبب تعاليم الأئمة ـ عليهم السلام ـ التي أمدت ظاهر الشريعة بتراثها الفقهي الخالد، وفجرت ينابيع الباطن والحقيقة بموروثها العرفاني والأخلاقي وعلى هذا الأساس تواجد الباطن والظاهر، وتوافقت الحقيقة والشريعة عند المسلم الإمامي من دون أزدواجية ولا تنافر، وهذا التوافق والإنسجام بين الظاهر والباطن في تصورات وممارسات الشيعة الإثني عشرية لم نجد ما يماثله حتّى في أقرب الفرق الإسلاميّة من الشيعة، وهم الإسماعيلية.
وهذا ما يذكرنا به “هنري كوربان” حينما يقول: (فبينا يجهد العرفان الشيعي الإثنا عشري للحفاظ على تأمين وتوازن الظاهر والباطن، يرى العرفان الإسماعيلي في مقابل ذلك: كلّ ظهور خارجي وكل مظهر له معنى داخلي مستور وحقيقة باطنية، وهذه الحقيقة الباطنية أسمى من الحقيقة الظاهرية، إذ بفهمها يتقرر التقدم الروحي للمستجيب.
إذنّ، فالظاهر صدفة لا بد من كسرها نهائياً، الأمر الذي يقوم به ويتمه التأويل الإسماعيلي؛ وذلك بأن يعود بمعطيات الشريعة إلى حقيقتها العرفانية (الغنوصية) التي هي: فهم المعنى الحقيقي للتنزيل والشريعة. فإذا ما تصرف المستجيب وفق المعنى الروحي سقطت عنه الالتزامات التي تفرضها الشريعة) (26).
الحقيقة الخامسة: إننا لنستطيع أن نجزم ـ وبدون أي تردد ـ بأن أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ كانوا أول من اعتنى بقضية “الباطن” واعتبروها مسألة في غاية الخطورة، يهدد التعامل الخاطئ معها بتضييع جوهر الإسلام وتحويله إما إلى عقيدة ظاهرية جامدة، وإما إلى رؤية باطنية متحللة، وهذا ما يمكننا إدراكه من خلال استعراض
المواقف التالية لأئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ:
1 ـ موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ من المجادلة بالقرآن حينما بعث ابن عباس لمحاجة الخوارج، إذ يقول له: ((لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً)) (27).
وهذا الأمر لا يعني: أن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كان يريد أن يبعد القرآن عن مهمة الاستنجاد به في مواجهة الأفكار الضالة، ورد الدعاوى الباطلة، وكيف يريد ذلك وهو الذي يقول عن القرآن في خطبة له:((.. وبرهاناً لمن تكلم به، وشاهداً لمن خاصم به، وفلجاً لمن حاج به))(28)؟ وإنّما كان علي ـ عليه السلام ـ يعتقد أن الطرف المقابل لا يمكنه أن يدخل في حوار منتج من خلال القرآن؛ لأنه يعتقد في نفسه القدرة على فهم القرآن، وإدراك معانيه، مع أن واقعه يدل بكل وضوح على مخالفته لهذا القرآن علماً وعملاً.
ولذا يقول ـ عليه السلام ـ في كلام له: ((ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتّى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتّى تعرفوا الذي نبذه))(29).
فالمشكلة ـ إذن ـ كانت تكمن في عدم قدرة كلّ شخص على النطق والتحدث باسم القرآن، وإن كانت مهمة التحدث باسم القرآن والنطق عنه مهمة لابد منها، كي لا يبقى القرآن معطلاً لا ينتفع به الناس.
ولذا يقول ـ عليه السلام ـ: ((هذا القرآن هو خط مستور بين الدفتين، لا ينطق بلسان، ولابد له من ترجمان، وإنّما ينطق عنه الرجال))(30).
2 ـ موقف أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من تأويل القرآن وتفسيره بلا علم ولا دليل، وقد عرف ذلك بالتفسير بالرأي. وفي ذلك يقول الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ: ((من فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر ))(31).
وفي حديث آخر يقول: ((من فسر القرآن برأيه: إنّ أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ فهو أبعد من السماء)) (32).
ومما لا شك فيه أن استخراج الوجوه والتأويلات الباطنية ونسبتها إلى القرآن الكريم من دون دليل معتمد لا يخرج عن التفسير بالرأي. وأما بالنسبة إلى تفسير الأئمة ـ عليهم السلام ـ القرآن تفسيراً باطنياً فذلك ليس إلاّ لإحاطتهم بمعاني الكتاب العزيز مع عصمتهم ـ كما هو معتقدنا نحن الشيعة في الأئمة الاثني عشر ـ التي تمنعهم من أن يقولوا في القرآن مالا برهان عليه.
3 ـ موقف أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من لزوم وجود قيم على القرآن ينطق عنه، ويفهم تأويله، ويعي حقائقه، ويدرك بواطنه. ولم يكن هذا القيم في اعتقاد الأئمة ـ عليهم السلام ـ إلاّ هم أنفسهم باعتبارهم عدلاً للقرآن، كما دل عليه حديث الثقلين المتواتر بين جميع المسلمين.
وفي بعض خطب أمير المؤمنين ـ عليهم السلام ـ نجد أنّه يبرر حربه للآخرين بالرغبة في الدفاع عن حقائق الإسلام، التي طرأ عليها التأويل المنحرف، فيقول: ((ولكنا إنّما أصبحنا نقاتل أخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والإعوجاج، والشبهة والتأويل))(33).
وروت كتب الشيعة، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّه قال: ((إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، وهو: علي بن أبي طالب)) (34).
وفي الكافي: يروي عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ قوله:((ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء)) (35).
ويبين أحد أصحاب الأئمة ـ عليهم السلام ـ الحاجة إلى وجود قيم على القرآن يعلم كلّ ما فيه، فيقول: (وقلت للناس: تعلمون أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كان هو الحجة من الله على خلقه ؟ قالوا: بلى، قلت : فحين مضى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ من كان الحجة على خلقه ؟ فقالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن
به، حتّى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلاّ بقيم، فما قال فيه من شيءٍ كان حقاً، فقلت لهم: من قيم القرآن ؟ فقالوا: ابن مسعود، قد كان يعلم، وعمر يعلم، وحذيفة يعلم. قلت: كله ؟ قالوا: لا، فلم أجد أحداً يقال: إنه يعرف ذلك كله إلاّ عليا ـ عليه السلام ـ، وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: أنا أدري، فأشهد أن عليا ـ عليه السلام ـ كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأن ما قال في القرآن فهو حق…) (36).
ومن خلال هذه المواقف استطاع أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ أن يحفظوا للقرآن موقعه الخاص في فكر وثقافة المسلم، من دون أن يعطلوا دوره في الحياة من خلال الوقوف عند ظواهره فقط، ومن دون أن يجعلوه عرضة للتفسيرات الباطلة من خلال فتح باب القول بالباطن على مصراعيه لكل أحد.
الحقيقة السادسة: قد يبرر البعض نسبة التشيع الإثني عشري إلى الباطنية من خلال ما يوحيه التأمل في مقولاته العرفانية والفلسفة، التي كثيراً ما تتطابق مع التصورات الفلسفية، التي شيدتها المذاهب الباطنية القديمة: كالهرمسية والأفلاطونية المحدثة. وهذا ما يؤكده البعض بقول قاطع حينما يكرر القول: (إنّ الشيعة أول من تهرمس في الإسلام) (37).
وتجذر هذه المقولة من خلال التأكيد على دور “هشام بن الحكم” ـ المتكلم الشيعي المعروف ـ في صياغة نظريات التشيع العقائدية والكلامية والفلسفية.
و (لقد نقل عنه مؤرخو الفرق آراء ونظريات ذات أصل هر مسي واضح، كما أشار بعضهم إلى تأثره بالديصانية وأخذه عنها.
والديصانية: فرقة غنوصية معروفة، تنسب إلى ديصان، أو برديصان، الذي ظهر في القرن الثالث الميلادي بمذهب عرفاني، كان عبارة عن أمشاج من الإفلاطونية المحدثة،
والفيثاغورية الجديدة، والرواقية المتأخرة. وبالتالي يلتقي مع الهرمسية في مجمل فلسفتها الإنتقائية. ولابد من الإشارة ـ إلى جانب ذلك كله ـ إلى ما هو معروف من رواج الموروث الهرمسي في حاشية جعفر الصادق نفسه، الذي ينسب إليه أنّه كان على علم بالكيمياء وعلوم الأسرار، وأن جابر بن حيان تتلمذ عليه) (38).
ومن هذه الفكرة انطلق الجابري، لا ليوازي بين التشيع والهرمسية فحسب، بل ليوازي ـ وبكل صلافة ـ بين التشيع والمانوية (39).
تلك العقيدة التي يقول عنها الجابري نفسه: (بالفعل، لقد روجت المانوية داخل المجتمع الإسلامي لعقيدة تتعارض تماماً مع الإسلام ديناً ودولة. لقد روجت لعقيدة تقول: إنّ العالم نشأ من امتزاج النور بالظلمة، وهما معاً قديمان. وهذا يمس مساً جوهرياً مبدأين أساسيين في العقيدة الإسلامية: وحدة الخالق من جهة، والخلق من عدم من جهة ثانية. ومن ناحية أخرى ركزت المانوية على أن الخلاص ـ أي: تخليص النور من الظلمة، وإنقاذ البشرية من الشرور والآلام ـ إنّما يكون بـ”التطهير” الذي يكون طريقه الزهد في الدنيا، وقمع الشهوات، وهدفه الاتصال بالله مباشرة. وفي هذا إنكار للنبوة، أو على الأقل استغناء عنها) (40).
___________________________
1 ـ كاتب إسلامي ـ البحرين.
2 ـ الملل والنحل 1: 233، الطبعة الأولى، بيروت (1948م)، تحقيق أحمد فهمي.
3 ـ دائرة المعارف الإسلاميّة، ترجمة أحمد الشناوي، وإبراهيم زكي، وعبد الحميد يونس 3: 290.
4 ـ الباطنية وتياراتها التخريبية لعبد الحميد العلوجي: 9.
5 ـ تاريخ الدعوة الإسماعيلية لمصطفى غالب: 5.
6 ـ المصدر السابق.
7 ـ تاريخ الدعوة الإسماعيلية لمصطفى غالب: 40.
8 ـ المصدر السابق: 42.
9 ـ العقيدة والشريعة في الإسلام: 215.
10 ـ مداخلات علي حرب: 17.
11 ـ البرهان في تفسير القرآن للسيد هاشم البحراني 1: 2.
12 ـ أصول الكافي للكليني 2: 599.
13 ـ معاني الأخبار للصدوق: 246.
14 ـ كنز العمال 10: 222 و276.
15 ـ البرهان في تفسير القرآن: 5 المقدمة.
16 ـ التعرف لمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمّد الكلاباذي: 87.
17 ـ المصدر السابق.
18 ـ البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي: 281.
19 ـ البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي: 282.
20 ـ المصدر نفسه: 421.
21 ـ المصدر السابق 422.
22 ـ أصول الفقه لمحمد رضا المظفر 3: بحث حجية الظواهر.
23 ـ شخصيات قلقة في الإسلام لعبد الرحمان بدوي: 45.
24 ـ المصدر السابق.
25 ـ تاريخ الفلسفة الإسلاميّة، لـ “هنري كوربان”: 85.
26 ـ تاريخ الفلسفة الإسلامية لهنري كوربان: 85.
27 ـ نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح الخطبة 77: 465.
28 ـ المصدر السابق الخطبة 198: 316.
29 ـ نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح، الخطبة 147: 206.
30 ـ تاريخ الفلسفة الإسلاميّة لهنري كوربان: 125.
31 ـ البرهان في فتسير القرآن 1: 3.
32 ـ البرهان في تفسير القرآن 1: 19.
33 ـ نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح، الخطبة 122: 179.
34 ـ البرهان في تفسير القرآن 1: 17.
35 ـ أصول الكافي 1: 228.
36 ـ أصول الكافي: 1: 129.
37 ـ نقد العقل العربي لمحمد الجابري 1: 200.
38 ـ نقد العقل العربي لمحمد الجابري 1: 150.
39 ـ المصدر السابق 2: 230.
40 ـ المصدر السابق 2: 327.
(*) القي مشروع هذا البحث في الندوة الأولى التي عقدها مركز دراسات تاريخ العراق في قم المقدسة ـ لدراسة فكر الشهيد الصدر( ـ 2 / ذو القعدة / 1414هـ.