في عصرنا الحديث أصبح العلم هو المعجزة لدى البشر وهو المرجع الأساسي في الحياة، وأخذ الإنسان يتسابق بكل ما يملك من قوة للوصول الى حافات العلوم وتحقيق المعجزة في كل مجالات الحياة، لكن هيهات أن تصل البشرية إلى السعادة المطلقة بالماديات فقط دون الإيمان بالله وبكتبه ورسله وأوليائه، ولكن واقع الحال هو أن الماديات تغدو في آخر الزمان الصفة الغالبة على معتقدات الناس فلا يوجد إلا القليل ممن يؤمن بالغيب وما وراء الطبيعة فكل شيء مقنن وما لا يقره العلم لاتؤمن به الغالبية العظمى من الناس،
في عصرنا الحديث أصبح العلم هو المعجزة لدى البشر وهو المرجع الأساسي في الحياة، وأخذ الإنسان يتسابق بكل ما يملك من قوة للوصول الى حافات العلوم وتحقيق المعجزة في كل مجالات الحياة، لكن هيهات أن تصل البشرية إلى السعادة المطلقة بالماديات فقط دون الإيمان بالله وبكتبه ورسله وأوليائه، ولكن واقع الحال هو أن الماديات تغدو في آخر الزمان الصفة الغالبة على معتقدات الناس فلا يوجد إلا القليل ممن يؤمن بالغيب وما وراء الطبيعة فكل شيء مقنن وما لا يقره العلم لاتؤمن به الغالبية العظمى من الناس، حتى يصبح هذا التقدم العلمي والمعرفي سبباً للطغيان والاستكبار والقهر واستعباد البشرية، فيكون الظلم والجور، من ملامح عصر الظهور، لذلك يؤيد الله سبحانه وتعالى الحجة عليه السلام بعلوم الأولين والآخرين المتجسدة في علم الكتاب وما أدراك ما علم الكتاب فمن أمتلك جزءاً منه إستطاع أن يعمل ما لا تعمله كل العلوم والتقنيات في وقتنا المعاصر ( قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).(1)
( قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)(2)
هذا يعني ان الله سبحانه وتعالى عندما يؤيد الحجة عليه السلام بجعله طاقة خارقة بما يمتلكه من علوم وما تجري على يده من معجزات، فلا يمكن لكل الجبابرة والطغاة في عصر الظهور ان يتصدوا لأرادة الله تعالى في حجته، وفي هذا المعنى قال الإمام الصــادق عليه السلام (العلم سبعة وعشرون حرفــاً فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير حرفين فإذا قام قائمنا أخرج الخمس وعشرين حرفا فبثها في الناس وضم اليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً).(3)
وتكون هذه العلوم كافة والمعجزات الدعامة التي يؤسس عليها الحجة عليه السلام دولته الإسلامية العالمية دولة الحق والعدل الإلهي ومن الطبيعي أن يتساءل المرء عن كيفية فرض الحجة لرسالته على الشعوب غير المسلمة وغير المؤمنة وغير المنصاعة لأمر الله مع ما هي عليه من حياة مادية وبعد عن الإيمان والقيم الروحية ونظرة سيئة الى الإسلام والمسلمين.
ويتم فرض رسالته بإتباع سنة جده الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إذ يعمل بالقوة ـ ونعني بالقوة كل أشكالها المادية والمعنوية ـ للقضاء على الظالمين وأسباب الظلم، ويمكننا أن نرجع هذه القوة الى التفوق العلمي وما يفرزه من نوع الأسلحة التي يستخدمها الحجة عليه السلام والتي ـ والله أعلم ـ تفوق حتى الاسلحة الذرية والكتلية الموجودة في الوقت الحاضر، فيلحق بالظالمين الكفرة الهزيمة فيجعلهم كعصفٍ مأكول هم وماكنتهم العسكرية وما يدعم هذا ما جاء في كتاب عالم الملكوت أن للإمام الحجة عليه السلام رجالاً لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد لو ضرب أحدهم بسيفه جبلاً لقده حتى يفصله في ساعة.(4) وهذا لا يعني السيف بشكله الحالي وانما يشير الى قوة سلاح معين ومثل هكذا سلاح لا تستطيع كل أسلحة العالم أن تقاومه.
إضافة الى ذلك فأن المعجزات الطبيعية التي تجري بيد الإمام الحجة عليه السلام وبإرادة الله تعالى تسهم بشكل أكبر بالقضاء على الأعداء فما خسف الأرض(5) وإبتلاعها للجيوش المعادية له وقواعدهم وراداراتهم الا إحدى الأسلحة التي سوف يستخدمها الحجة عليه السلام إن شاء الله.
ولا عجب أيضاً أن تسخر الريح الشديدة(6) والشهب(7) للقضاء على طائرات وسفن الأعداء الحربية وأقمارهم الصناعية التي تعد اليوم إحدى الأسلحة المسيطرة على العالم. ويستمر صراع الحق ضد أعداء الله حتى يقضي على كل الظالمين المتكبرين، وفي هذا يقول الإمام الجواد عليه السلام (ثم لا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضي الله ويعلم رضا الله تعالى عنه في ذلك حين يحس الرحمة بقلبه).(8)
وبذلك يتم له تطهير الأرض من الظلم والظالمين. ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).(9)
وبعد ذلك يحكم بين الناس بحكم الله الواقعي الذي يريه إياه الله تعالى فلا يطلب من أحد شاهداً او بينة أي يستعمل اللدني(10) ويسعى الإمام الحجة عليه السلام بعد ذلك إلى تحقيق الرفاهية والغنى والسعادة لكل البشرية اذ يعمل بما أتاه الله من العلم بإصلاح وإعمار الأرض(11) ويؤيده الله في ذلك. ومن قول للإمام علي عليه السلام في ذلك اذ قال (لو قام قائمنا لانزلت السماء قطرها ولاخرجت الأرض نباتها)(12) ولذهبت الشحناء من قلوب العباد وأصلحت السباع والبهائم حتى تمشي المرأة من العراق الى الشام لاتضع قدميها الا على النبات وعلى رأسها مكتلها لايهيجها سبع ولاتخافه).(13)
\وهذا يؤكد أن زمن ظهور الإمام عليه السلام يمتاز بالخير والبركة والأمان لذا يعيش الإنسان عمراً أطول من ما هو موجود ألآن من أعمار(14)، وهذا ربما ـ والله أعلم ـ يأتي نتيجة لاستخدام الحجة عليه السلام في زمنه علوماً طبية إضافة الى الخير والأمان المتوفر في زمانه وجاء في ذلك قول الإمام الباقر عليه السلام إذ قال (من أدرك قائم أهل البيت من ذي عاهة برأت ومن ذي ضعف قوي)(15) حتى ليعيش المرء ألف عام.(16)
ومن الأمور العلمية الخارجة عن التصور الحالي هو مقدرة الإمام الحجة عليه السلام وأصحابه بالتخاطب بشكل مباشر بحيث لا يكون بينهم وبين الحجة عليه السلام بريد إذ يستغلون الأثير باستخدام وسائل اتصال لا تعرفها البشرية الآن، ويقول في ذلك الإمام أبو عبد الله عليه السلام (إن قائمنا إذا قام مدّ الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه).(17) ويبدو مما تقدم أن هناك الكثير من الأمور غير المألوفة للأجيال السابقة ولجيلنا من التقدم العلمي والتكنولوجي سيحصل في عصر الظهور، ويظهر واستناداً على الأحاديث المتعددة التي أوردنا اليسير منها أن هذا التقدم يكون في بعضه كرامات ومعجزات يجريها الله تعالى على يد الحجة عليه السلام وأصحابه عليهم السلام ولكن كثيراً منها تطوير للعلوم الطبيعية واستثمار لقوانين الله تعالى ونعمه التي أودعها فيما حولنا من مواد الأرض والبحر والسماء.
الهوامش
(1) سورة النمل، آية 38.
(2) سورة النمل، آية 40.
(3) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص 336، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404هـ.
(4) عبد الله بن محمد بن عباس الزاهد، عالم الملكوت، ص 99، طبعة 1، دار المحجة البيضاء، بيروت، 1998م.
(5) ( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَْرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ). سورة النمل، آية 45.
(6) ( فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً). الاسراء، آية 69.
(7) ( وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ). سورة الملك، آية 5.
(8) علي الكوراني، عصر الظهور، ص 317، مؤسسة الشهيد، بيروت، 2003.
(9) سورة آل عمران، آية 83.
(10) ( آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً). سورة الكهف، آية 65.
(11) في هذا المورد يذكر الإمام أبي جعفر الباقرعليه السلام اذ قال (اذا قام قائمنا تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ويظهر الله دينه ولو كره المشركون فلا يبقى خراب الا عمر) انظر بحار الانوار، ج51، ص 117.
(12) لقد سعى الإنسان المعاصر بكل الامكانات العلمية والتقنية لاستقلال الأرض الزراعية وانتاج القوت الا انه فشل في تحقيق الرفاهية لكل البشرية فهناك بلدان تعيش في مجاعة او مهددة بمجاعة.
(13) علي بن عبد الكريم النيلي، منتخب الأنوار، ص 203، مطبعة الخيام، قم، 1401هـ.
(14) يفتخر الإنسان المعاصر بالقضاء على كثير من الاوبئة والامراض بالتجارب العلمية وايجاد ابحاث متخصصة في الجامعات والمستشفيات، كما ظهر علم الهندسة الوراثية وعلم الجينات الا ان الإنسان المعاصر عجز ولحد الآن على القضاء على كثير من امراض السطانات ونقص المناعة المكتسبة بحيث أنه لم يستطيع العلم الحديث أن يتجاوز بعمر الإنسان المعاصر الى القرون.
(15) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص 335، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404هـ.
(16) المصدر السابق، ص 337.
(17) المصدر السابق نفسه، ص 335.
الأستاذ عبد الحميد فاضل والسيدة إكرام عزيز
مركز المصطفى الثقافي ـ محافظة بابل