ملیحة سرکرده
النوم هو ترك النفس استعمال الحواس طلبأ للراحة و هو تقوية القوة الطبيعية و معاونة النضج و الهضم و استراحة القوى النفسانية و حفظ الروح و صحته من التحلل.
و افضل النوم ما كان غرقأ متصلأ معتدل المقدار و بعد هضم الغذاء و شروعه في الانحدار و بعد سكون النفخ و القراقر التابع للهضم فان ذلك يمنع الاستغراق و تململ صاحبه و التململ أضر الأشياء بالهضم. و التململ هو عدم الاستقرار بين النوم و السهر رديء لانه يحير الطبيعة كان اذا اشتغلت الطبيعة بالهضم في حال النوم بسبب اجتماع الروح في الباطن ، عارضها استيقاظ محرك للروح الى الظاهر ، فتتحير الطبيعة لذلك و يفسد الهضم.
عن الإمام الرضا علیه السلام:
«إن الله سبحانه خلق الإنسان من روح سماوي و جسد ارضي و في جسده الدماغ الذي هو بمنزلة الحاكم و السلطان على تصرفات البدن من حركاته و سكناته الا ان الله جعل على هذاالسلطان سلطانأ و هو النوم فإذا جاء النوم و حكمه غلب الدماغ و أسقطه عن تدبير البدن في حال يقظته فلا تبصر العين و لا تسمع الاذن و ينام القلب ثم هذا النوم سلطان الله جعله قوام الجسد و قوته فان قيمومة البدن و تقويته و تفاعله من النمو و الرشد و غيرهما أنما يكون بالنوم.»1
و افضل هيئة النوم أن يبتدئ اولأ على اليمين قليلأ لينحدر الغذاء الى قعر المعدة بسهولة لجذب الكبد له ثم على اليسار ليشمل عليه الكبد و يسخنها و اذا تم الهضم عاد الى اليمين ليعين على الإنحدار إلى جهة الكبد و الإستلقاء ردىء يهيئ البدن للأمراض الرديئة مثل السكتة و الفالج و الكابوس و ذلك لأنه يميل الفضول إلى خلف فيحتبس عن مجاريها التي هي إلى قدام مثل المنخرين و الحنك.و في هذا المجال قال إمامنا الرضا علیه السلام:
«أن النوم سلطان الدماغ و هو قوام الجسد و قوته فإذا أردت النوم فليكن اضطجاعك أولأ على شقك الأيمن ، ثم انقلب على الأيسر و كذلك فقم من مضجعك على شقك الأيمن كما بدأت به عند نومك.»2
قلة النوم و مشاكلها
قد تكون لقلة النوم عواقب مأساوية كسائقى السيارات بالليل و العمال في الامور الدقيقة و… لأن إفراط اليقظة يفسد الهضم و يصفر اللون و يهزل البدن و ينقص الحرارة الغريزية و يضعف القوى النفسانية و بالجملة يضعف جميع القوى و يولد الماليخوليا و اختلاط العقل و الأمراض التي تكون من غلبة اليبس و الحرارة على الدماغ. و قال الإمام الصادق علیه السلام:
«من بات ساهرأ في كسب و لم يعط العين حقها من النوم فكسبه حرام.»3
و قيل لايراد هنا الحرام بمعنى الفقهي و لكن هذالشخص مذموم ذمأ بليغأ في هذه الرواية.
كثرة النوم و مشاكلها
أصل الطب و معظمه محافظة الصحة بل لو حفظت الصحة و اسبابها لم يحتج إلى العلاج ، أن الحيوية لا ترتبط بكثرة النوم بل بجودة النوم لأن النوم الطبيعي يكون من رطوبة الدماغ بإعتدال فإفراطه يدل على فرط رطوبة و برودة في الدماغ لما تسترخى الأعصاب بذلك و اليقظة الطبيعية تكون من يبس الدماغ بإعتدال فالأرق يدل على فرط اليبوسة و كمال الصحة انما يكون الإعتدال في المزاج. و عن اميرالمؤمنين علیه السلام في كثرة النوم: «ويح للنائم ماأخسره قصر عمله و قل أجره.» و أيضأ قال علیه السلام: «ما أنقص النوم العزائم اليوم.» و «من كثر في الليل نومه فاته من العمل ما لا يستدركه في يومه.»4 و عن أبي عبدالله علیه السلام: «كثرة النوم مذهبة الدين و الدنيا.»5 و قال الإمام الصادق علیه السلام: «و كثرة النوم يتولد من كثرة الشرب و كثرة الشرب يتولد من كثرة الشبع و هما يثقلان النفس عن الطاعة و يقسيان القلب عن التفكر.»6
نوم النهار
و نوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية و يفسد اللون و يورث عظم الطحال و يرخى العصب و يضعف الشهوة و يورث الأورام و الحميات لأن الروح جوهر نوراني شبيه بالأجسام السماوية فيهش لذلك إذا أبصر النور و يميل اليه بالطبع و إن غمضت العين ففي النهار تميل الى الظاهر بسبب الضوء و لا تجتمع في الباطن فلا يحصل من النوم فيه المنافع المترتبة عليه.
والنوم في الشمس يثير الداء الدفين و نوم الصبحة يمنع الرزق و هو وقت قسمة الأرزاق فنومه حرمان. ولكن جرب أن تغفوا لقيلولة فهي تعين على التهجد.
من آداب النوم
وللنوم آداب على ضوء الشريعة و في مدرسة اهل البيت علیهم السلام.
النظافة و الطهارة
النظافة و دفع الأوساخ و القاذورات فى الجانب الجسدي و الذي يترتب عليه سلامة البدن من سقمه و مرضه ثم الطهارة المصطلحة فانه يقصد منها الوضوء الشرعي بقصد التقرب الى الله سبحانه و تعالى و يستحب قبل النوم أن يتوضا فإنه يترتب عليه آثار تفوق التصور البشري، قال رسول اللهصلی الله علیه و آله: «من نام على الوضوء إن ادركه الموت فى ليله فهو عند الله شهيد.»7
وعن الإمام الصادق علیه السلام: «من تطهر ثم آوى الى فراشه كان فراشه كمسجده.»8
عرض الإنسان نفسه على الخلاء
يفر الإنسان من الأمراض و الأسقام و يحب السلامة و الصحة و ان في كلمات ائمة اهل البيت علیهم السلام شطرأ كبيرا في الطب الوقائي و العلاجي لكل فئات المجتمع.
اميرالمؤمنين علي علیه السلام في مقام التعليم للأجيال القادمة يخاطب ولده الإمام الحسن علیه السلام:
«يا بنى ألا أعلمك أربع خصال تستغنىبها عن الطب؟» فقال: «بلى يا أميرالمؤمنين.» قال: «لاتجلس على الطعام الا و أنت جائع و لا تقم عن الطعام الا و أنت تشتهيه و جود المضغ و اذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء.»9
الإنتباه من النوم و صلاة الليل
ان الروايات المأثورة عن المعصومين علیهم السلام في فضل قيام الليل كثيرة و روى أن صلاة الليل ذلك شرف المؤمن و أنها تورث الصحة البدن و هي كفارة لذنوب النهار و مبعدة لوحشة القبر و أنها تبيض الوجه و تطيب الريح و تجلب الرزق و إذا شئت أن تنتبه من نومك لصلاة الليل و خشيت غلبة النوم عليك فاقرأ آخر آيتين من سورة الكهف و هما: «قل لو كان البحر مدادأ لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددأ قل انما أنا بشر مثلكم يوحي الى انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملأ صالحأ ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.»10
ثم يقول بعد فراغه من قراءتهما: «اللهم أيقظني لعبادتك في وقت (كذا و كذا).» فانه يستيقظ إن شاء الله تعالى.
الهوامش:
1. «الرسالة الذهبية المعروفة بالطب الامام الرضا علیه السلام.
2. نفس المصدر.
3. «الكافي»: 5/127
4. «أمالى الصدوق»، ص 322.
5. نفس المصدر.
6. «المصباح الشريعة»، ص 288.
7. «البحار»: 7/183.
8. «وسائل الشيعة»: 1/265.
9. «الخصال»: 1/109.
10. سوره كهف، آيتان 109 و 110.
المصادر:
1. الفوائد المغرية في القواعد الطبية ؛ محمدبن أبي المجد أبي مسلم (أبو المجد الطبيب)
2.شرح كتاب الفصول لابقراط ؛ لإبن أبي صادق النيشابورى
3.شرح الموجز في الطب ؛ نفيس ابن عوض الكرماني
4.www.alawy. Net
5.abomohanned.niceboard. com