فلما كان من بين الأمور المستقبلة التي تجرى في آخر الزمان عند نزول عيسى بن مريم من السماء خروج رجل من أهل بيت النبوة من ولد الحسن بي علي بن أبي طالب يوافق اسمه اسم الرسول و کنیته کنیة الرسو ويقال له المهدي يتولى أمرة المسلمين ويصلي عيسى بن مريم خلفه وذلك لدلالة الأحاديث الكثيرة المستفيضة عن رسول الله التي تلقتها الأمة بالقبول واعتقدت موجبها.
ذكر بعض ما ورد في الکتب من الأحاديث مما له تعلق بشأن المهدي و علامات في ظهورها و منها:
روى مسلم في صحيحه عن جابر أنه سمع النبي يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم تعال صل لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الامة.»1
رواه أبو داود في سننه من طريق عاصم بن أبي النجود عن أبي زرعة عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.»2
إشارة نبوية إلى تعاقب الخير والشر
قال البخاري عن اسناده أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كنا الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم.»
– وهل بعد ذلك الشر من خير؟
قال: «نعم وفيه دخن.»
قلت: وما دخنه؟
فقال: «قوم يهدون بغير هديي يعرف منهم وينكر.»
قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟
قال: «نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.»
قلت: يا رسول الله صفهم لنا.
قال: «هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا.»
قلت: فما تأ مرني إن أدركني ذلك؟
قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.»
قلت: فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة.
قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.»4
و قد ثبت في الصحيح، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إنه إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.»5
بعض أشراط الساعة التي أخبر بها الرسول
روی ابن ماجه عن بندار و محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم به أحد بعدي؟ سمعت منه: «أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنا وتشرب الخمر ويذهب الرجال وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد.»6
وأخرجاه في الصحيحين من حديث غندر به.
وقال ابن ماجه: عن اسناده عن رسول الله:
«يكون بين يدي الساعة أيام، يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج.» والهرج القتل، و هكذا رواه البخاري و مسلم من حديث الأعمش به.7
و روی عن بعض الصحابي: أقبل علينا رسول الله فقال:
«يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا آلقطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسخروا بما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم.»8
قال الترمذيعن اسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله:
«إذا اتخذ الغني والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعالم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته وعن أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع.»9
عن عمران بن حصين أن رسول الله قال:
«في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقال رجل من المسلمين ومتى ذلك يا سول الله? قال: إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور.»10
ذكر أنواع من الفتن وقعت و ستكثر و تتفاقم في آخرالزّمان
إذا كثر المفسدون هلك الجميع وإن كان فيهم الصالحون. قال البخاري عن اسناده عن زينب بنت جحش أنها قالت: استيقظ النبي من النوم محمرا و هو يقول:
«لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد تسعين أو مائة» قيل؟ أو نهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث.»11
روى البخاري و مسلم من حديث الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي على أطم من آطام المدينة فقال: «هل ترون ما أرى؟» قالوا: «لا.» قال: «فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع المطر.»
و روي من حديث الزهري عن أبي هريرة، عن النبي قال: «يتقارب الزمان وينقص العلم ويبقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج.»
قالوا: يا رسول الله إيما هو؟
قال: «القتل القتل.»12
قال البخاري عن اسناده عن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: «اصبروا فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم» سمعت هذا من نبيكم.
و عنه: «لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه.»13
إشارة نبوية إلى فتن
قال البخاري عن اسناده عن أبي هريرة أن رسول الله قال:
«لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كل يزعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال حتى يهم رب المال من يقبل صدقتة وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، ولكن حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبت في إيمانها خيرا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها.»14
قال أحمد بن حنبل عن اسناده عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله متى ندع الائتمار بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم مثل ما ظهر في بني إسرائيل؟ إذا كانت الفاحشة في كباركم والعلم في أراذلكم والملك في صغاركم.»15
وقال الإمام أحمد عن اسناده عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول لـثوبان: «كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها.»
فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال: «لا بل أنتم يومئذ كثير ولكن يلقي في قلوبكم الوهن،» قال: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: «حبكم الدنيا وكراهيتكم القتال.»16
الهوامش:
1. عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر، عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، الناشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد: السنة الأولى، العدد الثالث، ذو القعدة 1388هـ/شباط 1969م، ج 1، ص 133.
2. المصدر السابق، ص 135.
3. المصدر السابق، ص 136.
4. بو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي، النهاية في الفتن والملاحم، الناشر: دار الجيل، بيروت – لبنان، طبعة 1408هـ، ج1، ص33.
5. المصدر السابق، ص 38.
6. المصدر السابق، ص 40.
7. المصدر السابق.
8. المصدر السابق، ص 43.
9. المصدر السابق، ص 44.
10. المصدر السابق.
11. المصدر السابق، ص 59.
12. رواه البخاري 92- كتاب الفتن 5- باب ظهور الفتن حديث رقم 7061 ورواه مسلم “2/305”. ورواه أحمد رقم 7186؛ عن «النهایة» ابن کثیر، ج 1، ص 60.
13. «النهایة»، ابن کثیر، ج 1، ص 63.
14. المصدر السابقه، صص 65- 66.
15. المصدر السابق، ص 67.
16. المصدر السابق، ص 69.