تحتوی دار الكتب المصرية علی مجموعة من أندر وأشهر المصاحف الشريفة يرجع بعضها إلى القرن الأول الهجري، كتب بعضها فوق رق الغزال، والبعض الآخر فوق قطع عريضة من عظام الجمال، نسخ أخرى من عصور شتى، قديمة ومتوسطة وحديثة.
و هناك في دار الكتب المصرية توجد مجموعة من أندر المصاحف الشريفة يرجع بعضها إلى القرن الأول الهجري، كتب بعضها فوق رق الغزال، والبعض الآخر فوق قطع عريضة من عظام الجمال، نسخ أخرى من عصور شتى، قديمة ومتوسطة وحديثة، تتميز بينها هذه المصاحف التي خطت في الزمن المملوكي، والتي تحلت فيها آيات من الجمال، وروعة الفن العربي.
وكان سلاطين المماليك يوقفون الأموال الطائلة على نسخ المصاحف، وتذهيبها، خاصة المصاحف التي خصصت للمساجد التي تحمل أسمائهم والتي شيدوها أيضاً لتكون مقراً لمثواهم الأبدي، كانت زخرفة وتذهيب هذه المصاحف ذروة الفن العربي الذي عرف في تجميل المخطوطات وزخرفتها، كان تلوين وتذهيب المصاحف يتم بداية في حدود معينة، اقتصر على أجزاء من الصفحات، مثلاً الأشرطة التي تفصل بين السور بعضها وبعض، والفواصل بين الآيات القرآنية، وبعض العناصر الزخرفية التي تدل على أجزاء المصاحف وأقسامه كالنصف والربع.
وكان الشريط الذي يحيط الصفحة الواحدة أهم هذه الأجزاء، حيث زينت بعناصر زخرفية مختلفة، فيها الجدائل والأشكال المتشابكة أو رسوم هندسية من دوائر أو أجزاء من دوائر أو مربعات صغيرة تتداخل وتتفرق، تتلاقى وتتباعد، تتماس أو تتقاطع، تماماً كالمصائر الإنسانية، والمعاني.
أما فواصل الآيات فكانت في معظمها دوائر، أما علامات الأجزاء فدوائر في داخلها مربعات، تتداخل مكونة أشكالاً نجمية مع البؤرة منها يكتب ما يدل على الجزء، في هذه الزخارف استخدمت الألوان الذهبية والزرقاء والخضراء، وأحياناً الحمراء، وكانت الرسوم تحدد باللون الأسود.
وفي بداية القرن الثاني الهجري، الثامن الميلادي ـ بدأت كتابة أسماء السور داخل الأشرطة بحروف مذهبة، وبدأت الزخارف تصبح أكثر تعقيداً، ثم اتجهت العناية إلى الصفحات الأولى، خاصة المساحة الخالية التي كانت تحيط سور الفاتحة، وفي الصفحة المقابلة أول سورة البقرة، حيث استخدمت الزخارف النباتية، والأشكال الهندسية المعقدة.
وذروة هذا الفن نجدها في العصر المملوكي، ومنه وصلت الينا مجموعة من المصاحف الشهيرة النادرة، بعضها معروض في متحف خصص لها الآن بمبنى دار الكتب المصرية افتتح في ليلة القدر من شهر رمضان المعظم عام 1387هـ، بمناسبة مرور أربعة عشر قرناً على نزول القرآن الكريم، والبعض الآخر محفوظ في خزائن دار الكتب لم يعرض بعد، يوضح المعرض صور مختلفة من التطور في نسخ المصاحف، إذ يضم نماذج مختلفة، ربما كان أقدمها هذا المصحف الذي ينسب إلى الخليفة الثالث “عثمان بن عفان”، وقد أحضر إلى دار الكتب من مسجد عمرو بن العاص، وذكر المقريزي إنه أحد المصحفين اللذين أحضرا إلى مصر، وإنه مصحف عثمان، الذي كان بين يديه يوم توفی، وإنه استخرج من الخليفة المقتدر، فأخذه أبو بكر الخازن وجعله في مسجد عمرو بن العاص.
وتوجد صورة طبق الأصل من مصحف آخر ينتسب أيضاً على الخليفة الثالث “عثمان بن عفان”، وكان أصله في سمرقند، ثم نقل إلى بطرسبرج عاصمة روسيا القيصرية، وبعد ثورة 1917 نقل إلى تركستان، ويوجد الآن في طشقند، وقد نشرته جمعية الآثار القديمة على يد الخطاط المصور الروسي بلوساركس وتم طبع خمسين نسخة منه، والنسخة الموجودة حالياً في القاهرة أهديت إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في منتصف الستينات.
ويوجد مصحف آخر مكتوب بخط كوفي على الرق. في آخره: إنه كتب بخط أبي سعيد الحسن البصري سنة 77هـ، وثمة مصحف بخط الإمام جعفر الصادق(ع) مكتوب في القرن الهجري على ورق، ومصحف مكتوب في أوائل القرن الثالث الهجري على رق غزال، بالقلم الكوفي على طريقة أبي الأسود الدؤلي.
وثمة مجموعة أخرى من المصاحف المكتوبة بخط كوفي مجهولة التواريخ على وجه الدقة، وإن كادت تمت إلى القرن الأول والثاني للهجرة. ثم نتوقف طويلاً، أما مجموعة المصاحف التي نسخت في العصر المملوكي، ذروة الفن العربي في كتابة المصاحف.
وكتب المصحف الشريف في عهد عثمان بن عفان، وهو كبير لانه كتب بخط اليد وليس مطبوعا. هذا المصحف يتكون من1087 ورقة من الرق القطع الكبير وقياسها 57سم 68سم وعدد الاسطر 12 سطر وارتفاعه40 سم ووزنه 80كيلو جرام ومكتوب بمداد داكن وبخط مكي يناسب القرن الهجري خال من النقط والزخارف الخطية وتوجد فواصل بين السور عبارة عن رسوم نباتية متعددة الالوان.
وبدأ جمع المصحف على شكل كتاب في عهد الخليفة الأول “ابو بكر” لأن كثيراً من حفظة القرآن صاروا يستشهدون في المعارك المختلفة. وقد كتبت خمسة مصاحف ارسل أربعة منها إلى الأمصار فأرسل إلى الكوفة والبصرة ومكة والشام.
وظل المصحف الخامس بالمدينه المنورة لدى عثمان بن عفان ومنذ ذلك الوقت صار القرآن ينتسخ من تلك النسخ الاصليه ويوزع الى اركان المعمورة.
وأقدم ثاني مصحف وتم اكتشافه في الصين، فهو عبارة عن مخطوطة اثرية و تضم هذه المخطوطة للقرآن الكريم 867 صفحة في ثلاثين بابا وتنقسم إلى قسمين، صنع غلاف المخطوطة بجلد الكركدن وطبعت على الغلاف رسومات جميلة رائعة وقد عرضت هذه المخطوطة القرآنية في سوريا خلال المعرض الدولي عام 1954 حيث أثارت اهتماما بالغا من قبل العالم الإسلامي وقدرها إختصاصيون تقديرا عاليا قائلين بأنها مخطوطة نادرة موجودة في العالم الآن.
وكان الناس يعتقدون أن المخطوطة القرآنية التى كتبت في عام 1318 وتحفظ في مسجد “دونسي ببكين” هي أقدم كتاب مخطوط للقرآن الكريم في الصين
ويعتبر خط هذا الكتاب خطاً ينتشر في العصر العباسي أي في الفترة ما بين عام 750 وعام1258 الميلادي، ويسمى هذا الخط بخط محقق. وإضافة إلى ذلك هناك 14حرفاً من الحروف العربية ال28 فى الوقت الحاضر تحتوي على نقاط، أما في العصر الإسلامي الأول فكانت جميع الحروف العربية غير منقطة ومشكلة ووفقاً للتقييم فإن حروفاً عديدة واردة في هذه المخطوطة غير منقطة وإن النقاط في بعض حروف هذا الكتاب تضاف بيد أشخاص.
ولذلك يعتقد الإختصاصيون أن هذه المخطوطة القرآنية قد تكون كتبت في القرن الثامن الميلادي أما تحديد الوقت الدقيق لإنجازه فيحتاج إلى المزيد من البحوث والدراسات.
المصدر: بوابه الفجر