كشف كتاب إسرائيلي صدر أخيراً، أن الحكومة الإسرائيلية وضعت غداة احتلال القدس عام 1967، وبعد هدم 108 بيوت من حي المغاربة التاريخي غربي حائط البراق، وإقامة ساحة لصلاة اليهود فيها، مخططات تنفيذية لهدم باقي البيوت الفلسطينية التي تستند إلى حائط البراق. وتمتد من أقصى نقطة مكشوفة منه في الجزء الشمالي منه، ولغاية أطراف سوق العطارين، على خط يصل طوله إلى (350 متراً).
وبحسب الكتاب الصادر عن دار نشر تابعة لمستوطنة بيت إيل، ووضعه الصحافي السابق في “هآرتس”، نداف شرجاي؛ فإن الهدف من ذلك كشف الجزء الشمالي من حائط البراق كلياً، وإقامة ساحة واسعة غربية لصلاة اليهود فيها، وللتدليل على “حق اليهود التاريخي” في القدس، وفق التعبير الذي استخدمه في حينه زعيم المعارضة مناحيم بيغن، وإن كلف ذلك هدم بعض البيوت العربية.
ووفقاً للكتاب، فإن هذه المخططات بقيت سرية ومعروفة فقط في محافل كبار الموظفين والمسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، ولم تُكشف على الملأ إلا في العام 1972، علماً أن حاخامات إسرائيل وعلى رأسهم الحاخام السفاردي، يتسحاق نيسيم، طالب باستغلال الوضع الذي نجم بعد الاحتلال، وتنفيذ عمليات الهدم في الأيام الأولى من احتلال القدس.
كما يشير الكتاب إلى أن هدم حي المغاربة بأكمله، وإنشاء ساحة الصلاة اليهودية الحالية غربي حائط البراق، جاء بعد توجيهات من رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينها، دافيد بن غوريون، وتحت ضغوط رئيس بلدية القدس آنذاك، تيدي كوليك، والقائد العسكري للقدس المحتلة، الجنرال شلومو لاهط.
وذكر شرجاي في كتابه “الكوتل المخفي” إن حكومة الاحتلال، بعد هدم بعض البيوت الفلسطينية في أقصى نقطة شمالية مكشوفة لحائط البراق، أقامت ساحة صغيرة للصلاة اليهودية على طول يصل إلى (16.5 متراً)، مع الإبقاء على مدخل وممر للبيوت الفلسطينية في المكان، فيما كانت تعد خططاً لهدم البيوت المستندة من جهتها الشرقية لحائط البراق، لكن خلافات داخلية، خصوصاً تحت بند حماية البيوت الأثرية، ساهم في نهاية المطاف بعدم تنفيذ المخطط.
مع ذلك، شكلت هذه القضية محوراً في سياسة إسرائيل الرسمية في تهويد القدس، وفيما قامت الحكومة الإسرائيلية غداة احتلال القدس بتجريف حي المغاربة وهدم 108 منازل فلسطينية، نفذت أيضاً عملية تطهير واسعة في المكان (غربي المسجد الأقصى) وطرد آلاف الأسر الفلسطينية من بيوتها في ما كان يسمى بالحي اليهودي. بينما تركت أمر استيطان الحي الإسلامي، المحاذي للمسجد الأقصى في الجهة الغربية إلى نشاط الجمعيات الاستيطانية، وعلى رأسها جمعية عطيرت كوهنيم، التي تتخذ مقراً لها في عقبة الخالدية داخل أسوار البلدة القديمة، على بعد عشرات الأمتار من المسجد الأقصى.
وتتولى هذه الجمعية، التي تحظى بدعم حكومي وتمويل رسمي، عمليات شراء بيوت عربية ليس فقط داخل البلدة القديمة من القدس وإنما أيضاً في حي سلوان، ورأس العامود، وتشكل رأس الحربة في عمليات تهويد القدس، بشكل يتيح للحكومة الإسرائيلية التنصل من نشاطها باعتباره نشاطاً غير حكومي، خاصة في حالة الصفقات، التي اتضح أكثر من مرة أنها كانت غير قانونية. واعتمدت على تزوير تواقيع أصحاب العقارات في القدس المحتلة، أو تمت مع أحد أفراد العائلة دون علم رب العائلة وصاحب الملك الأصلي.
وعلى الرغم من أن هذه الجمعية تمكنت من شراء عدد من العقارات داخل أسوار البلدة القديمة، وتوطين نحو 1300 مستوطن إسرائيلي فيها، غالبيتهم العظمى من المتدينين الصهيونيين والحريديم، إلا أنها فشلت، بحسب الكتاب المذكور، في إغراء سكان عشرات البيوت في الشريط المذكور ببيع عقاراتهم لها.
المصدر : فلسطین الیوم