محمد الحسن
يصعب تصديق الرأي القائل والمعمول وفقه؛ بأن أمريكا لا تجيد الربط المنطقي للأحداث، بعموميتها، كما يستحيل القول إنّ الأمريكان يمتازون بهذه السمة ويعملون بها؛ فالوقائع تشير إلى عدم فهمهم لمسببات الكوارث الحاصلة في الشرق الأوسط، والنظرية تشير إلى تمكنهم من فهم تلك المسببات إن أرادوا ذلك!..
بعبارة مختصرة ومباشرة: الإرهاب والحرائق التي نعيشها، سعودية التأسيس والتنظير والممارسة، وأمريكا تتحالف مع جذر الإرهاب لمحاربة الإرهاب!.. ما هي الأدلة المطلوبة أكثر من الوحشية التي يمارسها ذلك النظام في إنزال عقوبات الذبح بالمخالفين أو المختلفين عنه في الرأي والتفكير؟! آخرها عملية إعدام “النمر” ذلك الرجل الذي يُعتبر بكل مقاييس المنطق الإنساني صاحب رأي مجرد ومطالب بحقوق شريحة يمثلها.
إنّ النظام العالمي يُدرك جيداً حقيقة دولة الإرهاب “السعودية”، لكنّ بعض محركات ذلك النظام ما زالت مصرة على التعامل مع نظام أسّس ودعم الإرهاب فكرياً ومادياً، في مفارقة غريبة ومتعمّدة، تصنعها الولايات المتحدة الأمريكية وأغلب الأنظمة المتحالفة أو التابعة لها، ورغم التحوّل التدريجي والتغيّر الطفيف في مواقف بعض تلك الأنظمة لا سيما الأمريكان، غير إنّ حجم الإجرام السعودي المتمثل بتصدير الإرهاب للعالم يتطلب موقفاً أكثر حزماً وجدية تصل إلى ضرورة إزالة هذه النظام المتخلف من الوجود.
لا فائدة ترتجى من إدعاءات الحرب على الإرهاب التي تصرّح وتلمّح بها أمريكا، طالما هناك دولة قائمة إسمها السعودية. ذهبت القاعدة وأتى ما هو أسوأ، والمنبع واحد. إن بقاء السعودية، لا يمكن إعتباره أمراً طبيعياً في ظل توفر إرادة عالمية مدعية محاربة الإرهاب -وفق النظرية الأمريكية- وعاملة على “تجفيف منابع الإرهاب”.
بعد إعدام النمر، لم يعد ما يمكن نفيه عن إرهاب ال سعود، ولا يوجد ما يمكن إثباته من إنسانيتهم أو حتى إمكانية عيشهم ضمن عالم يؤمن بالسلام؛ فممارسة “قطع الرؤوس” والتمثيل بالإجساد التي يعتمدها ”داعش” وقتل المختلف؛ تبين إنها براءة إختراع سعودية!..
قد يستطيع التحالف الدولي أن ينهي دولة “داعش”، لكن ما هو أسوأ من داعش سيكون بديلاً حتمياً طالما بقيت السعودية في الوجود، هناك توجد مصانع الإرهاب الآمنة!.
تلك الحقيقة عرفتها أغلب شعوب الكون، وأقرّت بها أنظمة كثيرة، وترسّخت أكثر بعد إعدام الشيخ النمر بتهمة تتعلق بالرأي.
إعدام النمر يعد خطوة متقدمة ومهمة بأتجاه زوال آل سعود، ليس هناك سبباً غيبياً، بل لم تعد ضرورة لبقاء نظام يساهم في تأجيج صراعات طائفية فضلاً عن وحدته العضوية مع الإرهاب العالمي.. عناصر ديمومة الدولة والنظام بدأت بالتفكك وغاب بعضها فعلياً، قد تبدو سيناريوهات سقوط نظام “آل سعود” مبهمة، غير إنّ الرحلة التي بدأت منذ سنوات قليلة -السقوط في الهاوية- وصلت نقطة اللاعودة وبات مستحيلاً توائم نظام المملكة مع النظام العالمي الإنساني.
ثمة غشاوة “نفطية” كانت سبباً في تغاضي أعين كثيرة عن حقيقة المملكة، بيد أنّ حرب اليمن وإنخاض أسعار النفط أزال تلك الغشاوة!..