عرض الدانمارك في مواجهة مخاطر عودة الجهاديين الذين قاتلوا في سوريا تحت لواء التنظيمات الإسلامية المتطرفة، برامج لإعادة التأهيل من أجل إعادة ادماجهم في المجتمع، وتقول أجهزة الاستخبارات إن أكثر من 100 دانماركي شاركوا في الحرب السورية.
موعود : وضعت السلطات في الدانمارك برامج متخصصة ومدروسة لإعادة تأهيل الجهاديين الذين قاتلوا في سوريا، وإدماجهم في الحياة المجتمعية. وما زالت السلطات تحاول الإجابة عن تساؤل أساسي، ما هي الوسيلة الناجعة لتغيير جهادي ينوي تدمير العالم الغربي؟
في مدينة أرهوس شمال الدانمارك، يدعى إلى فنجان قهوة لتجاذب أطراف الحديث عن كرة القدم. هذه هي الطريقة الهادئة التي يعتمدها مادس، الذي ينشط في إطار برنامج مبتكر لاستئصال التطرف من نفوس شبان مسلمين ومنعهم من اللجوء إلى استخدام العنف.
وقد تطوع هذا الشاب الثلاثيني في هذا البرنامج ويمتنع عن الكشف عن اسمه الحقيقي، حتى لا يتعرقل مسار عمله. وقال إن “الشاب الذي أرافقه الآن كان يريد فعلا الذهاب إلى سوريا”. وأضاف “لا يقضي هدفي بإبعاده عن الدين لأن تدينه ليس مشكلة بل يقضي بإيجاد توازن” بين معتقداته وتصرفاته.
ويفيد تقدير لمجلة “الإيكونوميست” أن العدد الأكبر من الأشخاص الذين يقاتلون في سوريا، يتحدرون من الدانمارك التي تلي بلجيكا على هذا الصعيد وقد ترعرع الشبان الذين عمل معهم “مادس” في أحياء مثل “غيليروباركن”، وفي مباني كئيبة تبلغ نسبة الأجانب فيها 80%.
وبالشعارات المكتوبة على جدرانه وألواح الزجاج المحطمة في نوافذ منازله، لا يمت هذا الحي بصلة إلى صورة الازدهار المطبوعة في الأذهان عن الدانمارك.
وعلى بعد خطوات من هذا الشارع، ينتصب مسجد “غريمهوي” الذي رفض التنديد بتنظيم “الدولة الإسلامية” ويعد وجوده بالتأكيد واحدا من الأسباب التي حملت 30 من سكان أرهوس الذين يبلغ عددهم 324 ألفا، على القتال في سوريا.
وتقول أجهزة الاستخبارات الدانماركية إن أكثر من 100 دانماركي شاركوا في الحرب الأهلية في سوريا، وقتل 16 منهم على الأقل، وعاد خمسون ولمواجهة هذا التحدي، تعرض الدانمارك برامج لإعادة التأهيل على الذين تغريهم الحركة الجهادية، لكن عرض هذا البرنامج على الذين عادوا إلى الدانمارك، يثير جدلا كبيرا.
وتشارك هذه البرامج في مهمة مزدوجة، الأولى هي منع الشبان المتطرفين من مغادرة الأراضي الدانماركية، والزج بهم في السجن إذا ما انتهكوا هذا القيد، والثانية هي الاستثمار في تدابير وقائية. وكانت أرهوس في 2007 أول مدينة دانماركية تعتمد برنامجا لمكافحة التطرف.
ويستطيع شهود على تطرف أحد أقربائهم أن يكشفوا عن اسمه. وبعد إجراء تقييم لوضع هذا الشخص، يتلقى عرضا يقضي بمرافقته لمساعدته على إعادة تأهيل نفسه أو فرصة عمل ومسكن أيضا.
وقال مادس “لقد ساعدت الشخص الذي أعمل معه في الوقت الراهن على كتابة رسائل للحصول على وظائف بنصف دوام، ثم ذهبنا سوية من أجل تقديمها”. ويلتقي المساعدون الاجتماعيون الأشخاص مرتين في الأسبوع، وقد لا تسفر مهمتهم عن نتيجة.