خوفاً على بعض المؤمنين وبالأخص على شبابنا ممن يتأثر ببعض الكلام الذي يسمع من هنا وهناك نذكر بعض الأمور التي يستعان بها في إثبات ولادة الإمام عليه السلام إذ قيل إنّ الذي عندنا من روايات تدل على ولادته هي 31 رواية في الكافي، ويدّعى انه على المنهج السندي للسيد الخوئي قدس سره انها ضعيفة.
وجواب ذلك أنّ السيد الخوئي قدس سره يلتزم بالمنهج السندي كما السيد الشهيد قدس سره، إلا انه عندهم شيء آخر، فلابد أن يلتفت إليه وهو الاستفاضة أو التواتر، وهما لا يحتاجان إلى صحّة الرواية وهذا من الأمور الواضحة.
ورد في (الكافي) ج1 ص337 بسند ينتهي الى زرارة بن أعين قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: (لا بُدَّ لِلْغُلامِ مِنْ غَيْبَةٍ قُلْتُ وَلِمَ قَالَ يَخَافُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي وِلادَتِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَمْلٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وُلِدَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ بِسَنَتَيْنِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ وَمَا تَأْمُرُنِي لَوْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَانَ قَالَ ادْعُ الله بِهَذَا الدُّعَاءِ اللهمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْكَ اللهمَّ عَرِّفْنِي نَبِيَّكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَبِيَّكَ لَمْ أَعْرِفْهُ قَطُّ اللهمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْهِلالِ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْذُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ سَنَةً).
خوفاً على بعض المؤمنين وبالأخص على شبابنا ممن يتأثر ببعض الكلام الذي يسمع من هنا وهناك نذكر بعض الأمور التي يستعان بها في إثبات ولادة الإمام عليه السلام إذ قيل إنّ الذي عندنا من روايات تدل على ولادته هي 31 رواية في الكافي، ويدّعى انه على المنهج السندي للسيد الخوئي قدس سره انها ضعيفة.
وجواب ذلك أنّ السيد الخوئي قدس سره يلتزم بالمنهج السندي كما السيد الشهيد قدس سره، إلا انه عندهم شيء آخر، فلابد أن يلتفت إليه وهو الاستفاضة أو التواتر، وهما لا يحتاجان إلى صحّة الرواية وهذا من الأمور الواضحة.
نعم إذا قلت أنّ الـ (31) رواية لا تحصل بها الاستفاضة، فهذا شيء لا بأس به، وهو حق لك، ولكن الحقيقة إذا رجعنا إلى الكافي وغير الكافي نجد أنّ الروايات الى ما شاء الله، وأنا الآن لا أريد أنْ أبيّن تلك الروايات، بل فقط أعطي أرقامها وعنوانيها، وانت ارجع إليها، إذ أنّ ما يدل على ولادة الإمام ليس فقط هي تلك الروايات الـ(31) الدّالة بالدلالة المطابقية، فهناك ما يدل بالدلالة الالتزامية أو التضمنية.
فالـ (31) رواية في الكافي هي تحت عنوان (مولد الصاحب)، إلاّ أنّ هناك أيضاً في الكافي تحت عنوان (باب في الغيبة) توجد (31) رواية أخرى، ومن حسن الصدف أنّ الرقم متشابه، بالإضافة إلى ما تحت عنوان (تسمية من رآه) وهي (15) رواية، وتحت عنوان (الإشارة والنص إلى صاحب الدار) وهي (6) روايات، وتحت عنوان (النهي عن الاسم) (4) روايات، هذا ما يخص الكافي، وبطبيعة الحال اذا قلبت الكافي أكثر ستجد في أبواب من هنا وهناك روايات أكثر، امّا الشيخ الصدوق قدس سره في (كمال الدين) وتحت عنوان (ما روي في ميلاد القائم) فيروي (26) رواية وكذلك يروي في (كمال الدين) في الباب 45و52 مجموعة من التواقيع، وبطبيعة الحال فإنّ هذه التواقيع هي من المولى عليه السلام وعلى هذا يكون التواتر واضحاً، ولا يضر الضعف السندي هنا لان بناءنا الآن هو البحث عن التواتر وهو حاصل، وأنا اقرأ للتبرك رواية واحدة وأذكر أنني زرت السيد الشهيد رضي الله عنه في مبحث (حجية الخبر) وقال إنّ هذه الرواية يمكن أنْ نحصل منها الاطمئنان وهي في (الكافي) عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعاً عن عبد الله بن جعفر الحميري قال اجتمعت وعبد الله بن جعفر الحميري (وهو من أجلة اصحابنا)، امّا محمد بن يحيى فهو استاذ الشيخ الصدوق قدس سره وهو من الأجلاء فضلاً عن محمد بن عبد الله، هؤلاء يروي عنهم الشيخ الكليني قدس سره الذي لا يمكن أنْ نشك فيه وفي نسبة كتاب الكافي إليه، قال اجتمعت والشيخ عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه عند أحمد بن إسحاق الذي هو من الأجلاء فغمزني أحمد بن إسحاق أنْ اسأل الشيخ عن الخلف فقلت له:
يا أبا عمرو إني اريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاك فيما أُريد أن أسألك عنه، فإنّ اعتقادي وديني أنّ الأرض لا تخلو من حجة إلاَّ إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً، فإذا كان ذلك رُفعت الحجّة واُغلق باب التوبة فلم يكُ ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك أشرار من خلق الله عز وجل وهم الذين تقوم عليهم القيامة ولكنّي أحببت أن أزداد يقيناً وإنَّ إبراهيم عليه السلام سأل ربّه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى، (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي).
وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته وقلت: من أعامل أو عمَّن آخذ، وقول من أقبل؟
فقال له: (العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لك عنّي فعنّي يقول، فاسمع له وأطع، فإنَّه الثقة المأمون).
وأخبرني أبو علي أنَّه سأل أبا محمّد عليه السلام عن مثل ذلك، فقال له: (العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنَّهما الثقتان المأمونان)، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.
قال: فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى، ثمّ قال: سل حاجتك.
فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمّد عليه السلام؟
فقال: إي والله ورقبته مثل ذا -وأومأ بيده- فقلت له: فبقيت واحدة فقال لي: هات، قلت: فالاسم؟ قال: محرّم عليكم أنْ تسألوا عن ذلك…).
فالسيد الشهيد رضي الله عنه بعدما يذكر هذه الرواية يقول: (مثل هذه السلسلة الذهبية مما تورث لنا الاطمئنان)، فكيف بهذا الكمّ الهائل من الروايات.
ثم اذا اضفنا النصوص العامّة كحديث (اني مخلف فيكم الثقلين) الذي يدل على ولادة الحجة لأنّ عدم ولادته تعني انهما افترقا، وهذه الرواية يتمسك بها على وجود الإمام الحجة عليه السلام وهكذا الرواية الاخرى (ان الارض لا تخلو من حجة) وهذه اذا ضمّت الى روايات ولادة الإمام وإلى روايات (من مات ولم يعرف زمانه) وإلى روايات (الاثني عشر) وإلى روايات (لو لم يبق في الارض الا رجلان) الخ، التي هي واضحة في ضرورة وجود الإمام عليه السلام وولادته وإلا خلت الارض من حجة وكانت ميتتنا ميتة جاهلية، ألا يكون هذا تواتراً؟ ألا يورث هذا الاطمئنان؟.
ثم دعك من التواتر وتعال إلى وجه آخر فالشيعة من ذلك الزمان القديم وإلى يومنا هذا لم نسمع منهم أحداً يشك في الإمام إذ أنّ هذه القضايا باتت واضحة.
ونحن هنا ننقل التساؤل الى الإمام العسكري والهادي عليهما السلام، هل هما مولودان أو لا؟ وماذا يدل على ولادتهما؟ وهل سنناقش في روايات ولادتهما؟ وان هذه ضعيفة أو …، إذن فالذي عندنا شيء هو أقوى من الروايات وهو هذا الوضوح والتباني.
ثم أنّ أُسس التشيّع مبنية على أمور، وواحد من تلك الأمور هو وجود الإمام المهدي عليه السلام ووجود السفراء الأربعة القديسين الذين أتبرك بتراب أقدامهم والله شاهد على ما أقول، فلو لم يكن الإمام مولوداً سيكون السفراء الأربعة دجالين، والعياذ بالله، مع أنّ تاريخهم ناصع ولا توجد أية مثلبة تجاههم، فوجودهم قرينة واضحة مورثة للاطمئنان على ولادة الإمام عليه السلام.
واذهب إلى قرينة أخرى تدل على ولادته وهي كلمات المؤرخين كابن خلكان الذي يتحدث عن ولادة الإمام في (وفيات الاعيان)، والذهبي في (تاريخ الاسلام) اللذين يتحدثان عن ولادة الإمام فضلاً عن ابن حجر الهيثمي وغيرهم من المؤرخين الذين اثبتوا ولادة الإمام في تواريخهم.
فالذي يريد أن يشكك في ولادة الإمام أريد أنْ اسأله هل يعني أنّ الائمة عندك أحد عشر إماماً؟ فبإنكارك للولادة كيف يكون الائمة اثنا عشر؟.