نافذة نطلّ من خلالها على دولة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم
الشيخ حميد الوائلي
تحدّثنا في الحلقات السابقة عن عمومية الرجعة وخصوصيتها، وعن
تحدّثنا في الحلقات السابقة عن عمومية الرجعة وخصوصيتها، وعن خصوصيات من يرجعون وكيف سيرجعون، ونتمّم ما تقدم في الحلقة الثالثة بأنّ حقيقة الرجعة لابدّ أنْ تؤخذ من الأدلة النقلية، وهذا لا يعني أنْ نجمّد ما يرفدنا به العقل برؤى وأفكار تنفتح لديه من خلال القراءة الفاحصة لروايات الرجعة، حيث يقوم بدور استنطاق الروايات متسلّحاً بأدواته المعرفية التخصصية التي أجهد واجتهد فيها لسنين طويلة مكّنته من القراءة المنضبطة للروايات وتمحيصها وتدقيقها واستجلاء الصورة واضحة منها، بعدما كانت تبدو لأوّل وهلة يضرب بعضها بعضا وينفي بعضها بعضا.
والرجعة من جهة الروايات وحقيقتها وهل أنها من عالم البرزخ أو من عالم الدنيا؟.
حيث تؤكد الروايات عن أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم والتي ألمحنا في بعضها في حلقة سابقة، وسنذكر بعضا منها في حلقات لاحقة، أنْ الرجعة ليست من عالم البرزخ بل انّ الرافد للرجعة والمغذي لها هو عالم البرزخ، فالرجعة من عالم الدنيا، والذين سيعيشون في عالم الدنيا عند الرجعة، بعض منهم من أهل البرزخ وكثير منهم من أهل الدنيا، حيث انّ من يرجع إلى الدنيا كان قد مات سنيناً طويلة بل قروناً متمادية ثم يرجع إلى الدنيا ليعيش مع أُناس لم يشاهدوا الموت وانّما سمعوا به.
وهذا يعني انّ الخصوصيات التي يتمتع بها عالم الرجعة هي خصوصيات عالم الدنيا بما للكلمة من معنى، ولو كان الروايات تريد أنْ تضيف شيئاً أو تميّز عالم الرجعة عن عالم الدنيا بشيء من الخصوصيات لمن يرجع أو لمن هو باق لذكرت ذلك وحيث أنّ الكثير من روايات عالم الرجعة كانت بتبرع من أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم وانّها في مقام البيان من جهة خصوصيات الرجعة وأحوالها، ولم تبين لنا تلك الروايات الفوارق او الخصوصيات التي ستضاف الى عالم الدنيا أو تُسلب منه عند حدوث الرجعة دل ذلك على انّ عالم الرجعة سيقع في عالم الدنيا دون أي تغيّر في خصوصيات عالم الدنيا من التكليف ونحو الوجود فيه وخصائصه الأخرى.
فالأجسام التي ترجع إلى عالم الدنيا ستحكم بنفس الخصوصيات للأجسام الموجودة والتي تعيش في عالم الدنيا ولم تمت وستشاهد الرجعة وكذلك الأنظمة العرفية أو التكوينية التي تحكم الوجود الدنيوي هي نفسها ستبقى ابان عالم الرجعة.
من هم الذين يرجعون إلى عالم الرجعة؟.
لتحديد الموقف حول هذا السؤال لابد أنْ نسأل ابتداءً سؤالاً آخر ، فنقول ما هو المقصود بمن يرجعون؟.
فهل نريد بهم من دلّت الأخبار على أنهم ممن وصلوا إلى أعلى درجات الكمال وبحت الإيمان ومحضه مع من كان بحت الكفر ومحضه وأدنى درجات التسافل؟.
أم نريد غيرهم ممن دلّت الأخبار على أنهم يرجعون في دولة الإمام المهدي عليه السلام دون أن يكونوا هم من ممحضي الإيمان أو ممحضي الكفر بل هم أناس عاديون كما دلّت بعض الروايات على رجوع بعض النساء كزبيدة مثلاً التي قد تكون حالة وسطية في المجتمع فلم تكن ممحضة الكفر ولم تكن ممحضة الإيمان إلاّ انّه ومع ذلك فقد دلت الأخبار انّها سترجع في عالم الرجعة.
أو انهم ممن كان دعاؤهم لنصرة الإمام المهدي عليه السلام أو بعض أعمالهم أوجبت حالة الرجوع لهم وإنْ كان كثير من أعمالهم الأخرى صالحة أو طالحة فيخرجون بها عن ممحضي الكفر أو ممحضي الإيمان.
إذن فالجواب يختلف تبعاً لنوع من يرجع وعلى هذا الأساس نؤكد ما تقدم منّا سابقاً من أنّ الرجعة ليست واحدة بل أنّها رجعات متعددة وأنّ أوّل رجعة منها ستقع في دولة الإمام المهدي عليه السلام التي ستكون بمثابة المفتاح لدولة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
إذن فالذي يرجع يختلف بحسب نفس الرجعة إذ هناك رجعات متعددة بعضها لممحضي الكفر ولممحضي الإيمان وأخرى ليست لأجل ذلك ولا خصوصية فيها ولمن يرجع لمحض الكفر أو محض الإيمان بل الخصوصية في بعضها لمن ذكرته الرواية ونصت عليه ولا نعلم سبب ذلك أو الخصوصية لبعض الأعمال التي كان يقوم بها في الدنيا وأوجبت رجوعه.
فالخلاصة أنّ الرجعة متعددة فبعضها للممحضين وبعضها لغيرهم.