السيد حسين الحكيم
إذا اردنا أنْ نؤسس لمنهج علمي في بحث موضوع الإمام المهدي عليه السلام وخصائص الطريقة والاسلوب العلمي التي يمكن من خلالها أنْ نكون منطقيين في بحثنا، ولا نستغرق مع التخيلات والاوهام والطموحات فسنجد أنّ الطموحات البشرية هي التي تدفع وتضغط باتجاه هذا الحلم، وأن محاولات الحصول على شيء من الأمل يمكن أنْ يعبّئ ويلبّي هذه الحاجة ولو على مستوى التلبية النفسية للواقعة….
إذا اردنا أنْ نؤسس لمنهج علمي في بحث موضوع الإمام المهدي عليه السلام وخصائص الطريقة والاسلوب العلمي التي يمكن من خلالها أنْ نكون منطقيين في بحثنا، ولا نستغرق مع التخيلات والاوهام والطموحات فسنجد أنّ الطموحات البشرية هي التي تدفع وتضغط باتجاه هذا الحلم، وأن محاولات الحصول على شيء من الأمل يمكن أنْ يعبّئ ويلبّي هذه الحاجة ولو على مستوى التلبية النفسية للواقعة، إنّ العالم كلّه بما يعيشه من مظاهر للشقاء وبما يعاني من ظلم وعدوان عنده طموح كبير باتجاه السعادة وباتجاه العدالة، وهذه السعادة يمكن أنْ تقترن بالعدالة مع إنّ لكلّ منهما خصوصياته، إنّ البشرية مثل ما تطمح الى سعادتها فهي في نفس الوقت عندها طموح للعدالة، وهذه من الامور التي بطبيعتها مركوزة ومفطور عليها الانسان، فقد خلق الله(سبحانه وتعالى) البشرية بهذا الشكل واننا نجد الاتجاه العالمي اليوم يتطلع وينتظر ويترقّب ويتوقع ظهور الإمام عليه السلام، ذلك لأن ضغط الظلم والشقاء عليه كبير جداً حتى هذه التطورات التقنية في العالم لم تتمكن من أنْ تصل بالإنسان إلى السعادة، فلو نلاحظ لوجدنا كثيراً من الاحصائيات الاجتماعية بل حتى النفسية في العالم، أنها تضجّ بمظاهر كثيرة من الاحساس بالشقاء، مثل كثرة حالات الانتحار على المستوى الفردي، وكثرة الطلاق وانهدام عرى البنية الأساسية للمجتمع، الصراعات البشرية، الحروب، وما إلى ذلك من الأمور، وكلّها تعبّر عن مستوى غير طبيعي من الشقاء تعيشه البشرية اليوم، وهذا الأمر يجعل الإنسان بشكل طبيعي يتطلع باتجاه أن يصل إلى فكرة الإمام المهدي عليه السلام، وإلى تحقيقها، وكذلك إحساس الإنسان بالظلم، وتفشّيه في أوساط الأرض، حيث عاش العالم حالة الأقطاب المتصارعة فيما بينها، ونزفت الدماء غزيرة بالتقنية التي تتمثّل بالأسلحة التي كانت تنتج في الأقطار المتصارعة، بعدما تبلور فيها قطبان، وبعدما تحولت إلى حالة القطب الواحد، حيث نجد أن الإنسان بطبيعته ميّالاً إلى الظلم، فكلما تكون القدرة عنده أكثر تتجه هذه القدرة باتجاه الظلم…
ولكن مع كلّ ذلك نجد أنّ في البشرية انطلاقاً كبيراً باتجاه صيحات ونداءات وشعارات وبرامج يراد منها تحقيق الاصلاح، وكلّها تتضمن ان هناك مصلحاً، مع أن من البشر يطرحون أنفسهم على أنهم هم تجسيد ذلك المصلح الذي تنتظره البشرية بجامعها، فلهذا اذا اردنا أنْ ندخل في موضوع الإمام المهدي عليه السلام على أساس مسألة المصلح وأنّه هو المنقذ للبشرية، فاننا ننطلق من هذه المنطلقات التي لا تأخذ الدين والوحي والعلاقة مع السماء والارتباط بالله(عز وجل)، بنظر الاعتبار وانما تكتفي بهذا الموضوع لتنطلق باتجاه تأكيد وتأصيل فكرة المصلح في الذهنية البشرية العامة، أمّا اذا اردنا أن ندخل إلى هذا الموضوع من منطلقات دينية نجد ان المسألة تتبلور اكثر، وتكون واضحة اكثر لأن النص الديني الاسلامي تواترت فيه قضية الإمام المهدي، كالنص القرآني الذي هو نص بطبيعته متواتر تحدث عن (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)، وتحدّث أنه (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) كذلك النصوص النبوية تحدثت عن شخص محدد وصفه، واسمه هو اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولقبه المهدي، ويظهر في آخر الزمان، ويكون عيسى عليه السلام معه ينصره ويكون أبرز مناصريه، والذي يدين جزء كبير من العالم باحترامه وبتقديسه كنبيٍ مرتبطٍ بالله(سبحانه وتعالى).