اسماعیل شفیعی سروستانی
قبل سنین فی تلک الأیام التی کنت شابا قد أبهرت مظاهر الدول الغربیة عیون الجمیع بشدة و بعض المتدینین بعد أن شاهدوا مظاهر الحضارة الغربیة کمنافس شاب یخدع الجمیع الذی بدأ بطرد منافسه الشرقي عن الساحة ومن خلال إنجازاته العلمیة والتقنیه أخرج الدین عن حیاة المؤمنین وأصاب جمیع الشباب بفسقه وفجوره، شمر هؤلاء المتدینون عن سواعدهم بخوف وهلع وقلب محروق مملوء بالآلام والأحزان علی أمل أن یتمکنوا من صون شباب المسلمین وأن یصالحوهم مع الدین وبذلوا کل ما في وسعهم لکي یقدموا تفسیراً جدیداً وعصریاً للدین والقرآن.
قبل سنین فی تلک الأیام التی کنت شابا قد أبهرت مظاهر الدول الغربیة عیون الجمیع بشدة و بعض المتدینین بعد أن شاهدوا مظاهر الحضارة الغربیة کمنافس شاب یخدع الجمیع الذی بدأ بطرد منافسه الشرقي عن الساحة ومن خلال إنجازاته العلمیة والتقنیه أخرج الدین عن حیاة المؤمنین وأصاب جمیع الشباب بفسقه وفجوره، شمر هؤلاء المتدینون عن سواعدهم بخوف وهلع وقلب محروق مملوء بالآلام والأحزان علی أمل أن یتمکنوا من صون شباب المسلمین وأن یصالحوهم مع الدین وبذلوا کل ما في وسعهم لکي یقدموا تفسیراً جدیداً وعصریاً للدین والقرآن.
كما کانت هناك جماعة من خریجي الجامعات الغربیة معجبون ومغرمون بالعلوم الغربیة الجدیدة دخلوا فی مجال تفسیر آیات القرآن والتعالیم الدینیة بالاتکال علی مبادیء هذه العلوم.
وعلی هذا الأساس فُتح بابٌ جدیدٌ فی تفسیر الدین والأحکام الدینیة والذي اشتهر فیما بعد باسم ” التفسیر العلمي للقرآن”.
هؤلاء المفسرون للعصر الحدیث کانوا یأملون من خلال تبنیهم هذا الأسلوب للتفسیر أن لایزیدوا من رغبة الشباب إلی الدین وأن لا یمنحوهم الحصانة أمام عاصفة التبعات السیئة لنشر الثقافة الغربیة فحسب بل أن یکونوا ذات تأثیر في أن یسترعوا انتباه ویلفتوا أنظار الغربیین إلی الإسلام والقرآن .
اختصت هاتان المجموعتان قسماً هاماً من اهتمامهم لإثبات أحقية القرآن والإسلام للمخاطبين بناءً على المبادىء الجديدة للعلم وبذلا قسما آخر من اهتمامهم لتحديث مصادر الدين العريقة منذ ألف ونيف من السنين وإثبات إعجاز الآيات القرآنية.
المفسرون الجدد قاموا بتأصيل إنجازات العلم الجديد واعتبروا قواعده ونتائجه فصل الخطاب وتحدثوا عن قوة الجاذبية الأرضية وأسرار خلقة الإنسان وحركة الشمس والنجوم وترتيب فصول السنة وآثار الوضوء والصلاة والصيام على خلايا الجلد والقلب والمعدة وذكروا في هذا السياق الدلائل والشواهد العلمية الحديثة وتتبعوا آثار جميعها بين آيات القرآن وأشاروا إليها لكي يقدموا القرآن باعتباره أثراً متقدماً في العلم الحديث.
اجتازت هذه التفاسير الجديدة في بعض الأحيان النظریات ودخلت عالم الفيزياء ودخل هؤلاء المفسرون ساحة الأحكام الدينية وكانوا يتحدثون عن حكمة الأحكام الشرعية التي وضعها الله والشارع المقدس ومن خلال ذكر شواهد علمية للآثار السلبیة للخمر والموسيقى ولحم الخنزيز و كانوا يظنون أنهم قد كشفوا الستار عن أسرار تحريم شرب الخمر والغناء من قبل الشرع المبين.
في الحقيقة عدد من المتتبعين للعلوم القرآنية كانوا يرون أنفسهم مدافعین عن الدين أمام هجوم الماديين وكانوا يعتبرون الدفاع العلمي عن القرآن والأحكام الإسلامية حائلاً أمام هذا الهجوم والبعض الآخر كان يسعى أن يقدم الإسلام باعتباره ديناً عصرياً وأن يسدل الستار على الشعور بالانفعال وعقدة الحقارة والرجعية الموهومة لدى المؤمنين أمام المثقفین.
تفسیر “جواهر القرآن” للطنطاوی کان أحد هذه الآثار التفسیریة الذي تم نشره عام 1385ه.ق. إضافة إلی هذا فإن تقارب مصر الجغرافي مع الدول الأوروبیة ومجي ء وذهاب مسلمي مصر المثقفین إلی أوروبا لکسب العلوم والفنون الغربیة کان له دورمؤثر فی ریادة المثقفین فی هذا البلد فی تقدیمهم تفاسیر علمیة للقرآن والدین.
الباحثون والمفسرون فی سائر الدول الإسلامیة أیضا حاولوا من خلال استخدام النصوص العلمیة تطبیق آیات القرآن مع العلوم التجریبیة وکل منهم قدم أثرا مستقلا.
و فی الهند أحمد خان الهندی عام 1817 م وسید امیر علي عام 1265 ه ق وفي باکستان أبوالعلاء مودودي وأخیرا فی ایران المرحوم مهندس مهدي بازرکان ویدالله نیازمند شیرازي والدکتور سید رضا باک نجاد جرّبوا أنفسهم فی هذا المجال وقدموا آثارا.
إنّ ظهور المذاهب الإلحادیة وضد الدین کالمارکسیة کان له دور مؤثر فی نمو ونضج هذا التیار التفسیري في عالمنا الإسلامی. إنّ هذه المذاهب من خلال إستغلال ضعف الأسس الدینیة لدی المسیحیین قامت بمساس الأسس النظریة الدینیة والنظرة الدینیة.
هذه المذاهب المادیة کانت تصف الدین بأنّه أفیون الشعوب .
ونشر الدکتور موریس بوکاي الفرنسي أیضا کتابا بهذا الموضوع والفحوی بإسم ” التورات والإنجیل والقرآن والعلم”.
بعض آثار المرحوم المهندس مهدی بازرکان مثل ” المطهرات فی الإسلام” وکتاب “إعجاز القرآن فی مجال العلوم الحدیثة” للمؤلف یدالله نیازمند شیرازي اللذان تم طبعهما خلال عامي 1322 و1327 ه. ش والأثر الشهیر “الجامعة الأولی وآخر نبي” للمرحوم الدکتور سید رضا باک نجاد وأخیراً بعض مقاطع تفسیر المرحوم محمود طالقاني کانت من ضمن هذه الآثار التي قدمت تفسیراً علمیاً لآیات القرآن والأحکام الإسلامي.
فی هذا السیاق یمکننا أن نشیر إلی السید هبة الدین الشهرستاني فی العراق. إنه ألف کتابي “بصائر جغرافیة” و”الإسلام والهیئة” وأیضا یمکننا أن نشیر فی هذا المجال إلی رشید رشدي بغدادي.
المفسرون العلمیون کما یزعمون کانوا یأملون أن یثبتوا لمخاطبیهم أحقیة القرآن وصحة نصوصه من خلال تطبیق آیات القرآن مع العلوم التجریبیة الحدیثة.
دون شک إن إشارات القرآن إلی الظواهر الفلکیة کالنجوم والسماوات وحرکة الأفلاک ودعوة القرآن إلی السیر فی الآیات والآفاق کانت مؤثرة فی تحریض وتشجیع هؤلاء المفسرین لتطبیق آیات القرآن مع العلوم التجریبیة “البوزیتیویسم” .
في الحقيقة وفقا لقانون لم يكتب فإن المفسرين ينظرون إلى ساحة آيات الوحي الواسعة والتي لانهاية لها من وراء نظارة العلوم التجريبية الحديثة وكانوا يستحصلون الحصص ويجعلونها جميعا أساساً ومبدأ للحصول على المعرفة والإعلان عن الحكم الغائي حول آيات القرآن والأحكام الإسلامية.
إن المثقفین فی المجتمعات الإسلامیه بعد أن شاهدوا التطورالمادي فی حیاة سکان أوروبا
وحضارتهم و رأوا أنفسهم علی مفترق طریقین طریق یؤدي إلی العالم الغربي الحدیث وطریق یؤدي إلی السنن التقلیدیة الرائجة لدی المجتمعات الشرقیة ارتموا في أحضان العلوم التجریبیة لتفسیر القرآن والدین والأحکام الشرعیة.
إنهم علی أمل أن يحصلوا علی مجتمع حدیث حاولوا التعویض عما فات والتخلف عن قافلة الحضارة من خلال نمط أوروبي لکن متدین ومتشرع.
إنهم قبل السؤال عن الأسس النظریة وخلفیات التطور التاریخي والفکري الغربي الحدیث وقبل الکشف عن سر التخلف الحاصل للشرق الاسلامي تبنوا نظرة سطحیة عن الأمر وساروا بسرعة خلف هذا التطور.
طنطاوي والذي هو من أهم المفسرین العلمیین للقرآن وكان رائداً لهذه القافلة کتب تفسیرَهُ من أجل هذا الهدف لکي یتمکن من ارتقاء المستوی العلمي للمجتمع والتعویض عن التخلف الناجم في حضارتهم.
فی البدایه کتابة التفاسیر بهذا النمط تمت فی مجال مجموعة من آیات القرآن التي کانت تشیر إلی المظاهر الطبیعیة والفیزیائیة في العالم لکن مع مرور الزمن توسعت هذه النظرة ودخلت ساحات اُخری کالمناسبات والتعاملات الاجتماعیة والسیاسیة مما أدت إلی علمانیة ودنیویة المفاهیم الدینیة علی مختلف الجهات.
لکسب المزید من المعرفة هنا سنذکر نماذج عن التفاسیر العلمانیة التجریبیة حول مفاهیم القرآن:
آیه 82 من سورة النمل : ” وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ “. المفسرون اعتبروا المعنی المقصود من کلمة “الدابة” في هذه الآیة هو القمر الصناعي.
حول تفسیر آیتي ال 8 وال 9 من سورة المعارج «يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ» و «وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ» المفسر اعتبر ذاک الیوم المروع المهیب فی السماوات والأرض بأنّه یوم تظهر فیه الطائرات الحربیة مع أدوات حربیة مدمرة ومحرقة ونوویة فی السماء تحرق جمیع الأماکن.
وذکروا فی تفسیر الآیة الثالثة من سورة الفجر بأن المعنی والمفهوم المراد من “الشفع والوتر” هو الإلكترون و النيوترون و البروتون.
وقالوا فی تفسیر “فجّرت” و”سجّرت” فی سورة الانفطار أن المعنی المقصود من هاتین الکلمتین هي انفجار ذرات الماء.
إن المثقفین العلمانیین الغربیین من خلال توجههم العلماني الدنیوي بذلوا کل ما فی وسعهم لکي یؤسسوا جمیع العلاقات والتعالیم الجاریة بین الناس علی أساس المعلومات العلمیة الحدیثة وأن یتجنبوا القوانین والتعالیم الدینیة.
فی أیامنا هذا عندما یتم الحدیث عن العلمانیة فی المحاورات السیاسیة والاجتماعیة المعنی المقصود منه هو فصل الدین عن السیاسة ویعتبر العلماني شخص لایرغب بالأمور المعنویة والدینیة فی العلاقات الاجتماعیة والسیاسیة لکن معجم آکسفورد یعتبر العلمانیة أنها الاعتقاد بأن القوانین والتعلیم والشؤون الاجتماعیة ینبغی أن تبنی علی المعلومات العلمیة قبل أن تبنی علی الدین.
علی أي حال فإن العلمانیة تعتبر إیدیولوجیة نشأت بعد النهضة العلمیة فی أوروبا وکانت نتاجا للنهضة التنویریة وتعني المادیة وعدم الإیمان بالدین وبالله والإعراض والاستغناء عن الدین. العلمانیه أساسا طبیعتها الفکر والمعرفة. 2
المفسرون المسلمون التابعون للغرب دون فکر وذکر بل قربة إلی الله أدخلوا العلمانیة إلی ساحة التفاسیر الدنیویة دون الانتباه إلی هذه الحقیقة بأن هدف العلمانیة هو العقل غیرالدیني وهذا العقل مع أنه لیس ضد الدین ولکن لیس دینا أیضا.
کان لمثل هذا التفسیر معارضون أیضا أمثال السید شاطبي والدکتور ذهبي والشیخ محمد شلتوت . إنهم کانوا یعتبرون القرآن کتاب الهدایة والدلیل إلی مسار الکمال ولیس کتابا لتبیین القضایا العلمیة التجریبیة البحتة.
دون شک إن الغرب والدین لم یکن لهما نظرة موحدة مشترکة حول موضوع “الهدف والغایة” کموضوع البدایة ولهذا لیس لهما تعامل مشترک وموحد فی الکون تجاه الهدف والمبدأ.
مع أن هذه التفاسیر مع مرور الزمن وخلال العقود الأخیره قلت مصداقیتها لکن دخول بعض المجتمعات الإسلامیة إلی ساحة العلاقات والتعاملات الاجتماعیة والسیاسیة والتجربة الحاصلة عن إدارة العلاقات الشاملة لتنظیم التعاملات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة أظهرت نقاط الاختلاف والافتراق بین التوجه المادي العلماني والنظرة الدینیة أکثر فأکثر.
فی عصرنا الحاضر الذی تتجلی فیه التطورات السیاسیة والاجتماعیة ذات التوجه الدیني علی شکل النهضات الاجتماعیة فإن المسلمین من أجل الحصول علی عالم متطور تام ومواجهة العالم الأوروبي الاستعماري الحدیث یحاولون بسرعة لکي یقوموا بتطبیق المعلومات التي اکتسبوها عن طریق الوحي مع المظاهر الثقافیة والحضاریة لعالمنا الحدیث ولهذا فإن المسلمین قبل أن یتأملوا بشکل جاد فی المبادیء النظریة للعلوم الدینیة والغربیة الحدیثة حاولوا أن یجدوا طریقا مختصراً وإیجاد التقارب بین التیار الفکري والثقافي الدیني والغربي وإضافة علی التمتع بجمیع المظاهر الفکریة والثقافیة والحضاریة الغربیة أن یبقوا فی إطار الأخلاق الدیني والإسلامي ولهذا فان التیار الذي بدأ منذ عهد السید جمال الدین اسدآبادي وظهر علی شکل التفسیر العلمي والعلوم التجریبیة للدین والقرآن نشأ ووَجَدَ حیاة جدیدة.
مضی نحو ثمانین عاما علی عهد التفسیر العلمي للقرآن فی عصرنا الحاضر والمنتقدون لهذا الأسلوب من تفسیر القرآن ذکروا إشکالیات کثیرة علیه و التي یمکن أن نشیر إلیها علی النحو التالي:
1 – المنتقدون یعتقدون أن القرآن أساسا هو کتاب الهدایة والدلیل نحو الکمال ولیس موسوعة مملوؤة بالمعلومات العلمیة کما یحاول المفسرون الجدد إثباته.
2- إنهم یعتبرون أن العلم الجدید تقریر حدیث و متغيرعن الطبیعة ولهذا بمرور الزمن يمكن أن يفقد مصداقیته وأن عرض تفسیر دنیوی لآیات القرآن یمس بالنظریة الدینیة بعد حدوث التغییرات.
3 – إنهم یعتبرون هذه التفاسیر سببا لفرض النظریات والفرضیات غیرالمتقنة في القرآن.
4 – المنتقدون یعتقدون أن هؤلاء المفسرین یقومون بتأويل الآیات لإثبات استنباطهم الشخصي.
5 – المنتقدون یعتبرون هذه التفاسیر بأنها سبب لتطبیق النظریات التی لم یتم إثباتها علمیا مع القرآن مع أن الصحیح هو تطبیق المواضیع العلمیة التي تم إثباتها علمیا فقط مع القرآن وینبغي الاجتناب عن النظریات التي تمكن أن یتم إثبات عکسها أو ترفض لکي لایتعرض تفسیر القرآن للصعود والهبوط مع صعود وهبوط العلم.
6 – هولاء المنتقدون أیضا یعتبرون هذه التفاسیر ناتجا عن التعامل الانتقائي مع العلم والقرآن ویعتقدون أن التلاعب بمضامین الآیات والتقلیل منها لتطبیقها مع وجهات النظر العلمیة العلمانیة یؤدي أخیرا إلی التعامل الانتقائی.
فی المقابل هناک مجموعه اُخری تحاول تبریر هذه التفاسیر العلمیه التجریبیة للقرآن والأحکام الدینیة.
إن ما تم التغافل عنه فی هذه المواضیع رغم أهمیتها ومکانتها هو التساؤل.
المثقفون المتجددون كانوا معجبين بالحضارة والإنجازات العلمیة الحدیثة وباتوا یبحثون للحصول علی مبررات دینیة وتوثیقات شرعیة لتأیید الغرب فی المجالات النظریة والثقافیة وهذا الأمر کان یساعدهم لکي یسبحوا فی بحر الحضارة الحدیثة والتقنیة والاستمتاع بإنجازاتها دون رادع وحائل وحصار وإنهم أصیبوا بنوع من علمانیة الدین والأحکام الدینیة وزادوا من تبعیة المسلمین للغرب فی مختلف المجالات وحالوا دون التساؤل بشکل جاد عن مبادیء الثقافة والحضارة الغربیة.
هذا التطور أخّر حدوث تجدید الحیاة الثقافیة فی العالم الاسلامي باعتباره قضیة مقدسة وأطال من مدی انفعال الأمة الإسلامیة أمام تاریخ الغرب.
کما ذکرت فی کتاب “السؤال من الغرب”3 کان علی العالم الاإسلامي منذ الأیام الأولی التي تعرف فیها علی الحضارة الغربیة أن یبدأ بالسؤال لکن ریادة المثقفين المتجددين فی العلاقات الاجتماعیة حالت دون هذا السؤال وأدی إلی ارتماء سکان الشرق الإسلامي فی أحضان الغرب في مختلف الجوانب .
للأسف الشديد طیلة العقود الثلاث الماضیة رغم أنه تم توفیر الأرضیه للتطور والثورة الثقافیة في ایران الإسلامي بسبب بعض التجاهلات والإهمالات فإن فرصة السؤال من الغرب تم تبدیدها وتم تأجیل الثورة والتطور الثقافي.
الآن وبعد أن أصبحنا علی أعتاب الانهیار الکامل للثقافة والحضارة الغربیة ونهایة تاریخها فإن جرس التاریخ الجدید بدأ یرن باسم الدین والإمام المهدي الموعود أرواحنا له الفداء وتم الحدیث عن ضرورة الاهتمام بموضوع ” أنموذج ایران الإسلامي المتطور” ینبغی الانتباه إلی الأمور التالیة:
1 – إن الحظ والتاریخ والفکر الغربي التي أدت إلی التطور والتنمیة آلت إلی الزوال منذ سنین وإن الغرب الآئل إلی الانهیار والزوال لابد له أن یستسلم أمام التاریخ الدیني الجدید. منذ سنین بعیدة سمع الکثیر من المفکرین الغربیین صوت جرسه وأعلنوا عنه ومن بعدهم سمعوه حتی السیاسیون والعسکریون فی الغرب. إن هجوم ائتلاف الصلیبیین والصهاینة ضد الشرق الاسلامی یشیر إلی علمهم بهذا الأمر.
2 – إن جمیع المبادیء والأصول الثقافیة والحضاریة الدینیة موجودة فی مصادرنا أي القرآن والروایات وأن العلماء والمفکرین الإسلامیین خاصة الإیرانیین خلال العقود الست بعد ظهور الإسلام اجتازوا مساحات ثقافیة وحضاریة واسعة بفضل إتکالهم علی تلک المبادیء والأصول.
البحث المدروس مع الدقة فی تاریخ الماضي والمستقبل یوفر الأرضیة للتلائم مع التطور العظیم الآتي والاستعداد لإستقباله.
3 – دوما وطیلة الأعوام الماضیة للعالم الاسلامي من القرن الثالث عشر هجري قمری إلی الآن کانت رؤیة الشرق فی مرآة الغرب من أهم العوامل التي أدت إلی إنفعال الشرق الإسلامی أمام الغرب الحدیث. عامة المثقفين المتجددين وحتی المتدینين کانوا یشاهدون الشرق الاسلامي في مرآة الغرب ولهذا دوما کانوا یعرفون ثقافتهم وحضارتهم تبعا للتاریخ الغربي ولهذا عاشوا منفعلین وطفیلیین علی هامش الثقافة والحضارة الغربیة. عند الحدیث عن هذا النموذج ینبغی أن نذکر هذه العادة لمدمن عمره مائة سنة ونیف .
4 – إن الحداثة لها أساس ولایمکن لنا أن نکون شرکاء تام فی التاریخ الحدیث دون أن نعترف بمبادیء الحداثة وأن نجرب تمهیداتها ولهذا فإن الإحیاء البحت للمظاهر التاریخیة للثقافة والحضارة الإسلامیة دون الاعتناء بمبادئها وأصولها یؤدي إلی الانحراف عن الصواب کما أن الاتکال علی الصورة التاریخیة للثقافة والحضارة الغربیة دون الانتباه إلی مبادئها وتمهیداتها أیضا یؤدي إلی مثل هذا الانحراف. هذه المصیبة مرت علی جمیع سکان الشرق الاسلامي بسبب إهمالهم .
لو کان شراء منتوجات العالم الحدیث وتحدیث المدن والإحیاء یؤدي إلی امتلاک جمیع التمهیدات الضروریة للالتحاق بالعالم الحدیث صاحب التقنیات المتطورة فإن السعودیة وترکیا کانتا الآن ضمن التکتل الغربي الحدیث کما أن تزیین المدن بالشعائر الإسلامیة وإنشاء مطاعم تقلیدیة لم یؤد حتی الآن إلی امتلاک أي من الأمم الإسلامیه ثقافة وحضارة اسلامیة.
5 – إن اهتمامنا وانتباهنا بتاریخ الغد یساعدنا لکي نحدد موقعنا وموقفنا وحرکتنا فی الأرض.
إن تحقیق الغد لایمکن إلا من خلال بزوغ نجم سعادة المسلمین التی تمت البشارة بها وظهرت طلائعها منذ بعید.
إن التوجه والحرکة المتناسقة مع هذا التاریخ والانسیاق مع النسیم الذی بدأ یهب کالنسیم الشرقي الذی یزیل جمود وتکاسل شتاء الحداثة بفضل حرارة شمس ستبزغ إن شاء الله.
السّلام على ربيع الأنام و نضرة الايّام
انتهى