عقيدة ظهور الامام المهدي عليه السلام مسألة فطرية

إن عقيدة ظهور الإمام المهدي عليه السلام مسألة طبيعية وفطرية محضة, ممتزجة مع طبع الإنسان, عمرها بعمر البشرية, ولا نحتاج إلى برهان ودليل لإثبات هذا المدعى, إذ يكفينا أن نعلم أن الأمم والشعوب رغم الاختلافات الحاصلة في أفكارهم وآرائهم وعاداتهم وعقائدهم وميولهم وتطلعاتهم, يرغبون…

 

إن عقيدة ظهور الإمام المهدي عليه السلام مسألة طبيعية وفطرية محضة, ممتزجة مع طبع الإنسان, عمرها بعمر البشرية, ولا نحتاج إلى برهان ودليل لإثبات هذا المدعى, إذ يكفينا أن نعلم أن الأمم والشعوب رغم الاختلافات الحاصلة في أفكارهم وآرائهم وعاداتهم وعقائدهم وميولهم وتطلعاتهم, يرغبون في الإصلاح والعدالة ويحبونها, وبطبيعتهم تبغي حياة عارية من الحروب.
إننا نرى أن جميع الناس وفي كل الأزمنة ينهضون، يكافحون من أجل رزق أفضل وحياة رغيدة, وينتظرون تحقق النصر النهائي, يصرخون في وجه الظلم الطغيان, ويطلبون الناصر والمعين على الجبابرة وطواغيت الزمان, وهذا دليل قاطع على أصالة هذا الميل الباطني والفطري.
والمسألة المهدوية, هي من الفطرة: وهي الإلهام والإدراك الباطني, وإرادة الإنسان الطبيعية وميله الباطني ولايحتاج الإنسان إلى دليل ليرضي فكرة المهدوية, لأنّه يؤمن بها فطرياً بلا دليل ولابرهان, فهي كالإحساس بالعطش والجوع, اللذين هما أمر فطري وطبيعي أيضاً لايحتاج إلى دليل, إذ أنّ العطش والشعور بالجوع والرغبة في الماء والطعام يدل على تواجد المأكل والمشرب في العالم, وقد جعلت الرغبة إليه في طبيعة البشر.
من هنا نستطيع أن نستنتج بسهولة أن انتظار الناس للمصلح العالمي الكبير الذي ينتظرون قدومه ليلاً ونهاراً, ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً, ويقلع الظلم والجور, دليل على أن الوصول إلى هذه المرحلة من الرقي في التكامل البشري أمرٌ ميسور, وأن حب وعلاقة ظهور ولي الله المطلق أمر مرتكز في نفوس البشرية فرداً فردا.
ولو لم يكن الإصلاح والعدل والأمن والصفاء فطريا, لما استطاع المتكبرون والمتجاوزون بغاة السلطة أن يحكموا الناس بغطاء راية العدل والصلح والتعايش السلمي, ولما وصلوا إلى أهدافهم المشؤومة, فهم يلبسون الظلم والباطل لباس العدل والحق, ويخدعون الناس ويستضعفون ويتسلطون عليهم بأسماء وعناوين فارغة.
أليس هذا دليل على أنّ فطرة الناس تطلب الحق والعدل, وتنفر من الظلم والباطل, ولذا يتعلق هؤلاء الطغاة بها؟!!
نعم أيها القارئ العزيز!.
(إن انتظار الفرج والاعتقاد بـ(المهدي الموعود) أو (آخر منجي) هو شوق وميل فطري, وقد وعد الإسلام وسائر الأديان به ولم يترك هذا الميل والشوق سدى, إذ هو كسائر الميول يزداد ويقل, ويشتد ويضعف حسب الظروف, فالأوضاع الملتهبة وعدم الأمان والظلم والاستبداد في المجتمع يزيد من الإيمان بعقيدة (المنجي العظيم), ويتحول هذا الشوق القديم في لحظات العسرة والضيق إلى لهب الاحتياج الشديد, ثم حصيلة هذا الشوق والتلهف ازدياد التلهف لظهور (آخر منج) عند المجتمعات).
نعم حقيقة المهدوية في الواقع هي نهاية مسيرة المجتمعات البشرية نحو أمة واحدة, يسودها التعاون والأمن والسعادة والرفاه العام, وهي حكومة حق وعدل, ونجاة المستضعفين وهلاك المستكبرين, وغلبة جند الله على جند الشيطان, وتحقق حكومة المؤمنين والصالحين بقيادة موعود الأنبياء والأديان, وهذا مطلب كل فطرة سليمة, والمطلوب الطبيعي لكل إنسان سليم وذي وجدان حي.
أي إنسان شريف وفاضل يقبل بالظلم والاستبداد؟
وأي إنسان عاقل صاحب فكر حر يدافع عن الطواغيت وأتباعهم وعن الأنظمة الاستبدادية؟ وأي منصف صاحب وجدان إذا رأى الظلم والاستبداد المفرط, وانقسام الشعوب إلى غالب ومغلوب, وظالم ومظلوم, وقاهر ومقهور, ومتطور ومتخلف, لا يحرّك ساكناً ولايتألم ولايصرخ؟! كيف يرضى وجدانه دون النهوض بفطرته الإنسانية ضد مظاهر القبح والنفرة؟! نعم سيكون الإمام المهدي العالمي, ويتحقق الوعد الرباني, وسينجي عالم الإنسانية وينتشلها من الفساد والزيغ, ويدحر أنصار الظلم والاستكبار, ويخرس أصواتهم ويجفف أقلامهم.

شاهد أيضاً

غیبة لابدّ منها

غیبة مهدی هذه الامة غیبة لابدّ منها، لانه مهدی هذه الامة، ولان وعد الله سبحانه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.