ماذا تفعل واشنطن وباريس شرق سوريا؟

تعمل وفود دبلوماسية من الخارجية الأمريكية والفرنسية منذ أكثر من أسبوعين، على إجراء مفاوضات منفصلة وجماعية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (بيدا) من طرف ومجموعة من الأحزاب الكردية الأخرى بينها المجموعة الحزبية المشكلة “للمجلس الوطني الكردي المعارض” لتحقيق توافق (كردي- كردي) في شمالي سوريا، بهدف تشكيل هيئة سياسية جديدة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية يكون الأكراد جزءا منها.

تبدو هذه المهمة صعبة جداً في ضوء الانقسام الحاد والخلافات المتراكمة بين طرفي المعادلة الكردية: “حزب الاتحاد الديمقراطي” الذي يعتبر الحليف الأول للولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، وأحزاب المجلس الوطني الكردي المعارض الذي تعتبر قيادة إقليم كردستان العراق (حزب البرازني) مرجعيته السياسية، المدعوم سياسياً ومالياً ومعنوياً من تركيا، العدو اللدود لحزب “الاتحاد الديمقراطي”، كونه جزءاً من “الائتلاف السوري المعارض” الذي يعتبر “قسد” تنظيماً إرهابياً.

وبحسب وكالة “سبوتنيك” أوضحت مصادر سياسية كردية في محافظة الحسكة السورية لوكالة “سبوتنيك” بأن كل من واشنطن وباريس كثفتا نشاطهما السياسي المنسّق شمالي وشرقي سوريا، بهدف توحيد الجهود والضغط باتجاه الوصول إلى مصالحة كردية – كردية، وإنهاء حالة الانقسام «الحزبي» الكردي، وتشكيل إدارة جديدة لشمال وشرق سوريا والقضاء على حالة التفرد من قبل “حزب الاتحاد الديمقراطي” من خلال إشراك أحزاب كردية معارضة في قيادة هذه الإدارات المحلية على مستوى المدن والمناطق وحتى الأحياء.

وبينت المصادر بأن ممثل وزارة الخارجية الأمريكية في سوريا، السفير وليام روباك، هو من يقود المفاوضات بين الأحزاب السياسية الكردية في مدينة القامشلي، بحضور وفد من الخارجية الفرنسية وإن نتائج الاجتماعات غير مباشرة أبداً في ضوء التصريحات والتسريبات التي خرجت من الاجتماعات الأولى، حيث يشترط طرف حزب الاتحاد الديمقراطي الموافقة على دخول “أحزاب المجلس الوطني الكردي” الانفصال بشكل كامل عن “الائتلاف المعارض” والذي مقره اسطنبول، في حين يطالب “المجلس” بالسماح بدخول ميلشياته المسلحة تحت اسم “بيشمركة روج افا” من منطقة كردستان العراق إلى محافظة الحسكة وتأسيس قوة عسكرية مشتركة مع “الوحدات الكردية” الذي يقودها “حزب الاتحاد الديمقراطي”.

وقالت المصادر بان ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية مصرين على موقفهم بضرورة استمرار هذه المشاورات ضمن بنود ورقة التفاهمات السياسية، التي تضغط فيها أمريكا على ” المجلس ” بضرورة الانسحاب من “الائتلاف المعارض” وتقليل الدور التركي والتحكم بقراراتها لصالح أجندات “الائتلاف السوري المعارض”، والتي تخلق عدم توازن في تسوية الأزمة السورية، في حين يصر “المجلس” أن يكون هو الطرف الوحيد الممثل للأحزاب والقوى السياسية المعارضة لحزب “الاتحاد”.

في حين أشارت المصادر الكردية إلى أن واشنطن حاولت دفع الطرفين للحوار بشكل أكبر، من خلال الضغط على “الوحدات الكردية” من خلال إعادة السماح بفتح مكاتب “المجلس الوطني” في مدن محافظة الحسكة وهو ما تم بالفعل، وإعادة الأملاك المصادرة لسياسيين وقياديين في “المجلس” المتواجدين في الخارج.

بدوره الرئيس المشترك لحزب “الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا” أنور مسلم كشف في تصريح لوكالة “سبوتنيك” بان حزبه يصر على إشراك كامل الأحزاب الكردية حتى الصغيرة منها وليس فقط أحزاب “المجلس الوطني”، مضيفاً بان “اللقاءات مستمرة بين الأطراف وهي في بدايتها وتحتاج إلى جولات عديدة ووقت أطول، ضمن ضرورة إشراك كل القوى السياسية المعنية بهذا الشأن”.

وأكد مسلم بان المبادرة التي أطلقوها تحت مسمى “وحدة الصف الكردي” هي أصلاً أحد مخرجات مؤتمر حزبه “الثامن”، والتي أكدت على ضرورة توحيد المواقف، متابعاً “لذا سنعمل على إنجاحها بكل السبل، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” أثبتت أنها تمثل القوة الأكثر تنظيما وشرعية وطنيا ودوليا في شمال سوريا، وتمثل معظم الشرائح السورية لذلك فهي من موقع المسؤولية قدمت هذه المبادرة”، بحسب وصفه.

وأضاف مسلم بأن: “الإدارة الذاتية “تخطت الكثير من المصاعب وخاصة في بداية تأسيسها ونجحت في تقديم الخدمات للمواطنين وتأسس المؤسسات فيها”، مضيفاً بان “حزبنا جزأ من هيكلية الإدارة الذاتية مع الأحزاب الأخرى وهي تعمل دائما لتطويرها ولابد من مشاركة كل الأحزاب والمجالس الكردية وغير الكردية في هذه الإدارة بهدف تطويرها وتلافي النواقص”، بحسب تعبيره.

وعن النتائج الأولية للمفاوضات بينهم وبين “المجلس الوطني الكردي” ودور الأمريكي والفرنسي فيها بين مسلم “مازلنا في بداية اللقاءات ونتمنى أن تكون اللقاءات مبنية على توافقات ومطالب تخدم شعوبنا وسوريا المستقبل، وأن كل المبادرات الدولية هي محل ترحيب إذا كان الهدف منها تقريب وتوحيد المواقف من اجل إنهاء معاناة شعبنا السوري الذي عانى الكثير من التهجير والدمار”.

وعن الموقف الروسي من هذه المفاوضات في ضوء وزيادة التواجد العسكري الروسي ودورهم الكبير في تهدئة الأوضاع، قال مسلم “لا يوجد حتى الآن أي موقف من قبل الدولة الروسية سواء سلبًا أم ايجاباً بهذا الخصوص ونأمل بالطبع أن يؤدي هذه التطورات إلى اتفاق كردي – كردي ومن ثم كردي مع الحكومة السورية مستقبلًا وبرعاية روسية”.

أما بالنسبة للمفاوضات بين الأكراد وبين الحكومة السورية والنقاط التي وصلت إليها، نوه مسلم ” لا يوجد تطور ملموس في هذا الخصوص، ولم تحقق حتى الآن خطوات جدية في هذا المسار والوصول الى تفاهمات تخدم الصالح العام للشعب السوري”.

من جانبه القيادي البارز في المجلس الوطني الكردي من مدينة القامشلي فيصل يوسف رفض التعليق على موضوع المفاوضات مع حزب الاتحاد الديمقراطي (بيدا) خلال تواصل وكالة “سبوتنيك” معه، مبيناً بان هيئة الرئاسة للمجلس الوطني الكردي ملتزمون بعدم تناول موضوع المفاوضات مع (بيدا) في وسائل الأعلام حالياً.

وتبقى مسائلة توحيد الصف الكردي في سوريا سياسياً على الأقل مطالباً وطنياً سورياً في إطار إيجاد حل سياسي للازمة في سوريا، وإنجازه يخدم الحكومة السورية، لإنجاز تسوية تخص المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” الغنية بالثروات الطبيعة، لكن على ما يبدو الخلافات العميقة والمتوارثة بين الأطراف الكردية، إضافة للتدخلات الخارجية كلها تصب في إفشال هذا الهدف.

 

المصدر: https://www.alalamtv.net/news/4926051/

شاهد أيضاً

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.