هدم الاحتلال منازلهم.. فلسطينيون يقفون على ركام أعمارهم

بدت الحسرة على وجه المواطن الفلسطيني إسماعيل عبيدية بعد أن أطل من أعلى عمارة سكنية مهددة بالهدم على منزله المهدوم، فهو يخشى على أبنائه الستة من رؤية منزلهم ركاما.

يشعر عبيدية بضعف أمام أطفاله، لأنه لم يحقق لهم حلم الحفاظ على منزل يسكنوا فيه، بعد أن دمره الاحتلال في منطقة وادي الحمص ببلدة صور باهر جنوب القدس المحتلة، مع 72 شقة سكنية قبل أيام بحجة قربها من السياج الفاصل بين بيت لحم والقدس.
أمضى قرابة ثلاث سنوات في بناء المنزل بالحجر الأحمر، ووضع كل ما كان يحلم به داخله، وقوّى أساساته ليسكن فيه هو وأبناؤه طوال حياتهم، واضعا كل ما يملك من مال فيه، ومستدينا لمدة طويلة حتى يحقق حلم العمر الذي هُدم.
بعد عملية الإخلاء التي سبقت الهدم، لم يعرف إسماعيل أين يسكن هو وأطفاله، لكنه جمعهم في غرفتين قديمتين بمنزل والده، في منطقة قريبة، ضاقت به المساحات بعد أن كان حرا في منزل خاص.

الخيار الأخير
يتشارك الفلسطيني محمد أبو طير هو وأقاربه الألم ذاته، بعد أن صادر الاحتلال عشرات الدونمات للعائلة لصالح مستوطنة أقامها على “جبل أبوغنيم” القريب، وتستخدم كمرافق عامة تخدم المستوطنين فيها، واضطر للبناء فيما تبقى من أرض العائلة بمنطقة واد الحمص.
أبو طير الذي نعرفه بصاحب العمارة السكنية التي فجر جيش الاحتلال أربعة طوابق منها ليتركها ركاما، يقول للجزيرة نت إنه قام بتجميع ما لديه من مال ومن أقاربه وأصدقائه ليبني عمارة من أربعين شقة سكنية، تؤويه ومن معه، في أرضه المتبقية، وبتكلفة تقارب المليونين ونصف المليون دولار أميركي، قبل تفجيرها.
يقف أمام عمارته المُفجرة، واصفا إياها بأنها أشبه بـ”جمعية خيرية” هدفها إيجاد شقق لإسكان أقاربه والمقدسيين.
ومع ذلك، يدعو أبو طير الفلسطينيين إلى عدم ترك أراضيهم، وألا يخافوا من مشاهد الدمار لأن الهدف برأيه تفريغ القدس وتهجير سكانها وإبقاء المحتلين فيها، وهو ما لم يتحقق من قبل عبر مصادرة أراضيهم للاستيطان، ولن يتحقق بعد تفجير عمارته كما يؤكد.

تكاليف الهدم
لم يتوقف ما حصل مع أبو طير عند هذا الحد، بل إنه ينتظر قرارا قضائيا من محاكم الاحتلال الإسرائيلي، لدفع مبلغ يتوقع أن يزيد عن 300 ألف دولار، كأجرة معدات الاحتلال التي جلبها، وتكلفة المتفجرات التي هدمت مشروعه الاقتصادي.
ينظر أبو طير إلى مركبة عسكرية تتبع جيش الاحتلال الإسرائيلي تطوف المنطقة، ويصف جنودها وضباطها بأنهم “الأكثر حقارة” في العالم، بعد أن أطلقوا قنابل الصوت والغاز على متضامنين مع العائلات المنكوبة قدِموا للوقوف بجانبها وأدوا صلاة الجمعة.
فهم يحاربون الناس-حسب أبو طير- في تعب وكد أعمارهم، فالبناء في مدينة القدس مكلف للغاية، وكان الحصول على ترخيص للبناء هو حلم المقدسيين الذي تحقق في واد الحمص، لأنها منطقة تتبع السلطة الفلسطينية، ولكن الاحتلال لا يحترم أي اتفاق.
إلى جانب عبيدية وأبو طير، يصر أكرم زواهرة على رفع العلم الفلسطيني فوق ركام منزله الذي دمرته جرافات الاحتلال بعد أن كان حلما لأبنائه وعائلته في توسيع مسكنهم الذي يعيشون به في منطقة قريبة.
يقول زواهرة للجزيرة نت إنه دفع مؤخرا مبلغ 14 ألف شيكل -قرابة 4 آلاف دولار- لأن محكمة إسرائيلية ادعت أنها ستقوم بمحاولة أخيرة لتأخير عملية الهدم، قبل أن يتفاجأ في اليوم التالي بتنفيذه، كما خسر كذلك مبلغ 26 ألف دولار في محاولة قانونية لإيقاف عملية الهدم.
ويشعر زواهرة بالظلم لما حصل معه، والوجع على أبنائه الذين يكرهون القدوم إلى المنطقة التي هُدمت أحلامهم فيها، إذ كان يود استضافة إسماعيل عبيدية ومحمد أبو طير داخل منزله، لكن ثلاثتهم وقفوا بألم وحسرة فوق ركام أحلامهم.

هدم قريب
يعدد حمادة حمادة رئيس لجنة أهالي واد الحمص 72 شقة سكنية تم هدمها فيما وصفها بمجزرة واد الحمص، وجرى خلالها تشريد 32 مقدسيا ليس لديهم مأوى، عدا ما خلفه الاحتلال من أضرارا مادية تفوق عشرة ملايين دولار، هي تكاليف البناء لهذه الشقق.
يعتبر حمادة في حديثه للجزيرة نت أن عملية الهدم هي مرحلة أولى من قرارات هدم أخرى قادمة صدرت عن محاكم الاحتلال، قد تطال عشرات الشقق الأخرى في المنطقة، مما يعني أن مأساة “عبيدية وأبو طير وزواهرة” قد تتكرر مع فلسطينيين آخرين في المنطقة ذاتها.
ويقول إن الأهالي ينتظرون مطالبات مالية من محاكم الاحتلال بدفع تكلفة الهدم، بحجة أنها أمهلت السكان شهرا للهدم الذاتي، وهو ما يعني معاقبتهم مرة أخرى بدفع مبالغ تصل إلى مئات آلاف الدولارات لدفع تكلفة قدوم جيش الاحتلال ومعداته ومتفجراته وهدم منازلهم وأحلامهم.

المصدر: https://ar.shafaqna.com/AR/194777/

شاهد أيضاً

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.