الشيعة المغاربة..متهمون بالولاء لإيران ويواجهون حملة تحريض وكراهية

انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمغرب، في تقريرها لسنة 2018، الوضعية الحقوقية للشيعة المغاربة، داعية إلى السماح لهم بممارسة شعائرهم الدينية عبر مكان العبادة المسمى بـ»حسينيات».

وجاء في التقرير أن «وضعية الشيعة المغاربة، رغم كونهم مسلمين لا تقل سوءا عن حالة المغاربة المسيحيين، فلا وجود لحسينيات خاصة بهم، ولا حق لهم في ممارسة شعائرهم، وما زالت حملة التحريض والكراهية متواصلة ضدهم وضد المذهب الشيعي عموما، بشكل متواتر».
وأضاف التقرير الحقوقي أن «الأمر وصل  إلى حد تجرمهم من داخل قبة البرلمان، كل ذلك في سياق حملة منظمة تجري تحت شعار «الحفاظ على الأمن الروحي والديني للمغاربة»، ضدا ما يسمى بـ «خطر التشيع»».
وتابع: «وبهذا تفشى خطاب التحريض على الكراهية وعلى العنف ضد الشيعة المغاربة، وربط الانتماء للمذهب الشيعي بالعمالة لإيران، ضدا على الفصل 23 من الدستور، وتتعامل السلطات المغربية بحذر وريبة إزاء الشيعة المغاربة، متهمة إياهم بالولاء لإيران».
وذكر المصدر ذاته، أنه «رغم غياب إحصائيات رسمية بخصوص العدد الحقيقي للمغاربة المعتنقين للمذهب الشيعي، إلا أن تقرير الحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية أشار إلى أن أعدادهم في تزايد».
وأبرز أن عدد الشيعة المغاربة «يتراوح حسب تقرير سنة 2014 ما بين 3000 و 8000 شيعي، وتجاوز هذا الرقم 10 آلا حسب تقرير سنة 2015 ليصل إلى حوالي 50 آلف بحسب تقرير  2017، فيما قدر عدد الأحمديين بـ 600 شخصا، والبهائيين ما بين 350 و400 شخص».
واشار التقرير أن «الدولة المغربية تعمل بكافة الوسائل، على تنميط الحياة العقائدية على أساس العقيدة الوحيدة والمذهب الوحيد، باعتباره دين الدولة الرسمي، عبر وسائل الإعلام، وفي جميع الفضاءات التربوية والتعليمية والثقافية».

حقائق عن شيعة المغرب

تاريخ الوجود الشيعي بالمغرب يعود إلى عصر الدولة الإدريسية، بحجة أن المولى إدريس ناصر الإمام علي ودعم مطالب أحقيته في الخلافة، ورافض لهذه الفكرة يقول إنّ باني الدولة الإدريسية بالمغرب لم يكن شيعيا بل اعتمد المذهب السنّي في قضاء الدولة الادريسية كما أنه حارب فكر الروافض، لا وجود لوقائع ثابتة.
ويربط آخرون الانتشار الفعلي للتشيع بالمغرب بعهد الدولة الفاطمية خلال القرن الثاني والثالث الهجري إلى أن تم تأسيس دولة المرابطين التي حاربت الشيعة ونشرت المذهب السني المالكي بالمغرب، الذي لا يزال معتمدا إلى اليوم.

شيعة بـ»التقية»

مضايقات السلطات، إضافة إلى منعهم من تأسيس الجمعيات ومتابعة بعض الناشطين الشيعة أمام القضاء، أمور تجبر معتنقي المذهب الشيعي بالمغرب على التواري وممارسة شعائرهم بشكل سري، أو ما يصطلح عليه بـ»التقية».
«الشيعة المغاربة لديهم ارتباطات بالخارج» و»يخدمون أجندة معادية للمغرب».. هذه تهم توجه لمعتنقي المذهب الشيعي في المغرب من طرف المغاربة الرافضين لوجود الشيعة في المغرب، وهو ما ينفيه هؤلاء ويؤكدون على أنهم مغاربة وطنيون يخدمون بلادهم دون كلل.
وكانت السلطات المغربية قد اعتقلت الناشط الشيعي عبدو الشكراني، في شهر أيار/مايو 2016، مباشرة بعد إعلان الشيعة المغاربة عزمهم الاشتغال بشكل رسمي في إطار جمعية تحمل اسم «رساليون تقدميون». غير أن السلطات رفضت منحهم الترخيص القانوني، وهو ما اعتبروه تمييزا ضدهم على أساس مذهبي وطائفي.

عددهم في تزايد

رغم غياب إحصائيات رسمية بخصوص العدد الحقيقي للمغاربة المعتنقين للمذهب الشيعي، إلا أن تقرير الحرية الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية أشار إلى أن أعدادهم في تزايد، حيث كان عددهم يتراوح حسب تقرير سنة 2014 ما بين 3000-8000 شيعي، فيما تجاوز هذا الرقم حاجز 10 آلاف حسب تقرير سنة 2015.
وبحسب التقرير، ينتشر أغلبهم شمال المغرب وفي الحواضر الكبرى كالدار البيضاء وفاس ومكناس ومراكش والرباط، ومنهم من قدم من بلدان عربية كالعراق ولبنان وسورية. غير أنهم لا يتوفرون على مساجد خاصة بهم.

أقلية مقموعة

يقول عصام الحسني، المتحدث باسم (الخط الرسالي بالمغرب) وهي مؤسسة للنشر والدراسات، إن شيعة المغرب «أقلية مقموعة، ينزوون في أركان بيوتهم خوفا من الاعتقال، ويقيمون مجالسهم في البيوت بسرية، كما أنهم ممنوعون من ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية»، في إشارة إلى منعهم من تأسيس جمعية «رساليون تقدميون».
وقد أسّس شيعة مغاربة (الخط الرسالي) كمؤسسة بعد أن رفضت السلطات السماح بتأسيسها كجمعية في المغرب. وخرجت مؤسسة الخط الرسالي للوجود سنة 2013 إلا أنها لم تحصل على الاعتماد القانوني إلا في سنة 2015 بعد صراع مع الدولة، حيث منحتها صفة تجارية عوض جمعية مدنية.
ويضيف الحسني لموقع (إرفع صوتك) أن «الدولة لا تعترف بالشيعة المغاربة، بحجة أن وظيفتها هي تكريس وحدة المذهب السني المالكي».

مجلس إثني عشري

لا ينحصر انتشار المنتسبين للمذهب الشيعي بالمغرب في مكان واحد. فحسب عبد الله الحمزاوي، باحث في العلوم السياسية ومسؤول في مؤسسة (الخط الرسالي)، ينتشر شيعة المغرب في الجهات الإثني عشر للمغرب حسب التقسيم الجهوي الجديد، ما يعني أنهم موزعون في كل المدن المغربية، ويتسم عملهم وإن كان سريا بالتنسيق المحكم والدقيق، إضافة إلى العمل من أجل الاعتراف بحرية المعتقد.
ويضيف الحمزاوي لموقع (إرفع صوتك) أن شيعة المغرب باختلاف توجهاتهم يلتئمون في مجلس «إثني عشري»، وهو مجلس سري يضم ممثلين عن الشيعة في كافة جهات المغرب، يعملون على الدفاع عن قضاياهم وإثبات وجودهم إلى جانب مكونات المجتمع المغربي ذي الغالبية السنية.

 

صراع الدولة والتشيع

اتّسمت علاقة المغرب بالشيعة بالتوتر منذ القدم، وخاصة بعد الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، حيث بدأ المغرب يتعامل بحذر شديد مع قضية التشيع وغلق منافذ انتشاره بالبلاد. وبدا ذلك واضحا خلال حل حزب البديل الحضاري سنة 2008 بعد اتهامه بضم أشخاص يعتنقون المذهب الشيعي، فيما كان المبرر تورط زعيم الحزب في خلية إرهابية.
استمرت نظرة الريبة التي تنظر بها الدولة المغربية للشيعة، بسحب ترخيص قناة المنار الشيعية ومنعها من العمل في المغرب، ثم توتر العلاقات بين المغرب وإيران عام 2009 على خلفية إعلان المغرب دعمه لمملكة البحرين بعد التصريحات الإيرانية التي اعتبرت مملكة البحرين مقاطعة تابعة لإيران، وما تلى ذلك من سحب للسفراء وتجميد للعلاقات.
كما أغلقت الحكومة المغربية عام 2009 المدرسة العراقية التكميلية، وهي مدرسة مبتعثة من العراق إلى المغرب، وعلّلت قرارها بكون المناهج الدراسية التي تعتمدها المؤسسة مخالفة للنظام الأساسي المعتمد في المغرب، فيما اعتبر مراقبون أن السبب الرئيسي للإغلاق هو تخوف الدولة من نشر التشيع داخل أسوار المدرسة.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن السلطات المغربية أصبحت تغض طرفها على أنشطة الشيعة المغاربة، يتجلى ذلك في موافقتها على السماح لهم بإنشاء موقع الخط الرسالي، ومؤسسة الخط الرسالي للدراسات والنشر، شريطة احترام المذهب السني المالكي وعدم استخدام الدين كقاعدة للعمل السياسي أو المدني.

المصدر: https://ar.shafaqna.com/AR/193836/

شاهد أيضاً

تقرير: ثلثا مسلمي أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا

أفاد تقرير حديث بأن ثلثي المسلمين في أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا، أي الكراهية المرتبطة بالخوف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.