شواهد على دلالة حدیث الغدیر

الإخبار الواردة بطرق کثیرة ، الدالة على نزول قوله تعالى ( الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی ) فی تلک المناسبة ، فإن ما یکون سببا لکمال الدین وتمام النعمة على المسلمین لیس إلا ما کان من أصول الدین ، التی بها یتم نظام الدنیا والدین وتقبل الأعمال ، ویؤید هذه الأخبار ما فی بعض طرق الحدیث من أنه صلى الله علیه وآله قال عقیب لفظ الحدیث ( الله أکبر على إکمال الدین وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتی والولایة لعلی بن أبی طالب ) وفی بعض الطرق ( وتمام دین الله بولایة علی بعدی ) .

الشاهد الأول : مخاطبة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم لجماهیر الناس قبل إیراد هذا المقال بقوله ( ألست أولى بکم من أنفسکم ) ثم فرع علیه بقوله ( من کنت مولاه فعلی مولاه ) فإن أخذ الاقرار منهم بکونه أولى بهم من أنفسهم قبل قوله من کنت مولاه فعلی مولاه ، لا یکون إلا لأجل أحد أمرین ، إما لأجل تحقیق شرط القضیة وإقرارهم بتحققه لیترتب علیه تالیها فیتعین إرادة معنى الأولى من لفظ المولى دون غیره من معانیه ، فالمعنى ألست أولى بکم من أنفسکم فمن کنت أولى به من نفسه فعلی أولى به من نفسه ، وإما لأجل إلزامهم بأن لا یأبوا ما یرید أن یعقبه بجعله الزعیم علیهم والمتصرف فی شؤونهم . فلیس مفاده حینئذ إلا تولیه علی (علیه السلام )علیهم ، فتتعین إرادة ما هو متضمن لمعنى التسلط من معانی کلمة المولى کالسید والمتصرف دون غیره من معانیه .
وعلى کلا التقدیرین فالحدیث یدل على کون علی علیه السلام نافذ التصرف فیهم ، یجب علیهم الانقیاد له ، ولا یجوز منعه عن التصرف فی شؤونهم .
الشاهد الثانی : دعاؤه صلى الله علیه وآله بعد إلقاء هذا المقال فی حق علی علیه السلام بقوله ( اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ) المروی بطرق کثیرة فی آخر الحدیث فإنه یدل على أن الأمر الذی بلغه فی حق علی یحتاج إلى النصرة والموالاة له ، وأنه سیکون له أعداء وخاذلون ، ویدل أیضا على عصمته ، وأنه لا یقدم على أمر إلا فی رضا الله تعالى .
الشاهد الثالث : الإخبار الواردة بطرق کثیرة ، الدالة على نزول قوله تعالى ( الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی ) فی تلک المناسبة ، فإن ما یکون سببا لکمال الدین وتمام النعمة على المسلمین لیس إلا ما کان من أصول الدین ، التی بها یتم نظام الدنیا والدین وتقبل الأعمال ، ویؤید هذه الأخبار ما فی بعض طرق الحدیث من أنه صلى الله علیه وآله قال عقیب لفظ الحدیث ( الله أکبر على إکمال الدین وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتی والولایة لعلی بن أبی طالب ) وفی بعض الطرق ( وتمام دین الله بولایة علی بعدی ) .
الشاهد الرابع : الأخبار الدالة على نزول قوله تعالى ( یا أیها الرسول بلغ ما أنزل إلیک من ربک فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله یعصمک من الناس ) الآیة فی قضیة غدیر خم فهی تدل دالة على أهمیة ما أمر بتبلیغه فیها بحیث کان ترکه مساوقا لترک الرسالة ، وأنه من أصول الإسلام ، ولکنه لیس التوحید والنبوة والمعاد ، فإن النبی صلى الله علیه وآله وسلم قد بلغها من بدء رسالته ، فلا یبقى إلا إمامة علی علیه السلام التی کان النبی صلى الله علیه وآله وسلم یحذر فی تبلیغها عن مخالفة الناس ، ولذلک قال له الله تعالى ( والله یعصمک من الناس ) .
الشاهد الخامس : الأخبار الواردة فی نزول قوله تعالى ( الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی ) فی واقعة الغدیر بعد تبلیغ ولایة علی علیه السلام ، فهی تدل على أن إکمال الدین وإتمام نعمة الإسلام کان بتبلیغ ولایة علی علیه السلام وإمامته .
الشاهد السادس : قوله صلى الله علیه وآله وسلم فی بعض طرق الحدیث ( إن الله أرسلنی برسالة ضاق بها صدری وظننت أن الناس مکذبی فأوعدنی لأبلغها أو لیعذبنی ) .
الشاهد السابع : إلقاء هذا المقال الشریف عقیب أخذ الشهادة منهم بالوحدانیة والشهادة بالنبوة ، کما هو المذکور فی کثیر من طرق الحدیث ، مما یدل على أن ما أفاده بهذا المقال أمر مهم یبتنی علیه الإسلام .
الشاهد الثامن : أنه صلى الله علیه وآله وسلم قال قبله ( أنه یوشک أن أدعى فأجیب ) وهذا یدل على مخافته من ترک أمر مهم یجب علیه تبلیغه قبل ارتحاله ، وهل هو إلا ولایة علی .
الشاهد التاسع : أنه صلى الله علیه وآله قال بعد تبلیغ الولایة لجماهیر المسلمین ( فلیبلغ الحاضر الغائب ) فیدل هذا اهتمامه الشدید فی إیصال هذا الموضوع إلى جمیع المسلمین ، لم یکن معلوما لهم جمیعا .
الشاهد العاشر : أنه قال صلى الله علیه وآله بعد تبلیغ الولایة ( اللهم أنت شهید علیهم أنی قد بلغت ونصحت ) فدل على أنه قد بلغ أمرا جلیلا عظیما خطیرا وأداه إلى الناس ، وأتم الحجة علیهم ، وأفرغ ذمته بأدائه .
الشاهد الحادی عشر : القرائن الحالیة ، وهی کثیرة واضحة الدلالة على المقصود ، کنزوله صلى الله علیه وآله فی حر الهجیر ، وقد ذکر حفاظ الحدیث وأئمة التاریخ أن شدة الحر کانت إلى حد أن بعض الناس وضع ثوبه على رأسه ، وبعضهم کان یلفه برجله ، وبعضهم استظل بناقته ودابته ، وبعضهم استظل بالصخور . ثم ترتیب النبی صلى الله علیه وآله منبرا مرتفعا من الأقتاب أو الأحجار ، حتى یشرف على المسلمین ، الذین قدرهم بعض من المؤرخین بسبعین ألفا ( 70000 ) وبعضهم بثمانین ألفا ( 80000 ) وبعضهم بمأة ألف ( 100000 ) . ثم أمره صلى الله علیه وآله برجوع من تقدم ، وتوقف من تأخر . ثم ما رواه الجمهور من أنه صلى الله علیه وآله أخذ علیا معه على المنبر وأمسک بیده ورفعها حتى بان بیاض إبطیه بمجمع من الناظرین .کل هذا الاهتمام فی هکذا امر جاء فقط لیقول النبی صلی الله علیه وآله وسلم ان علیا ابن عمی فکونوا اصدقاؤه؟ ام ان هناک مسالة خطیرة الاوهی الولایة والتی نص علیها فی کلامه .
الشاهد الثانی عشر : بیعة الناس لعلی ومصافحتهم بیده ، وتهنئتهم النبی صلى الله علیه وآله وعلیا ورووا أن أول من قام بالتهنئة والبخبخة عمر بن الخطاب ، وقد ورد حدیث تهنئته لعلی علیه السلام بطرق کثیرة تربو على الستین ، فقد روى الحافظ أبو سعید النیسابوری المتوفى سنة 407 فی کتابه شرف المصطفى
على ما فی الغدیر ، بإسناده عن البراء بن عازب بلفظ أحمد بن حنبل ، وبإسناد آخر عن أبی سعید الخدری ولفظه ( ثم قال النبی هنئونی هنئونی أن خصنی الله بالنبوة ، وخص أهل بیتی بالإمامة ) فلقی عمر بن الخطاب أمیر المؤمنین فقال : طوبى لک یا أبا الحسن أصبحت مولای ومولى کل مؤمن ومؤمنة .
وروى المؤرخ الطبری فی کتاب الولایة بإسناده عن زید ابن أرقم أن النبی صلى الله علیه وآله قال ( قولوا أعطیناک على ذلک عهدا من أنفسنا ومیثاقا بألسنتا وصفقة بأیدینا ، نؤدیه إلى أولادنا وأهالینا ، لا نبغی بذلک بدلا ) إلخ .
وروى صاحب کتاب روضة الصفا ، أن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم جلس فی خیمة وأجلس أمیر المؤمنین علیا علیه السلام فی خیمة أخرى ، وأمر الناس بأن یهنئوا علیا فی خیمته ، ولما ختم تهنئة الرجال أمر رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم أمهات المؤمنین بأن یسرن إلیه ویهنئنه . (1)
وقال الغزالی فی کتاب سر العالمین فی المقالة الرابعة ما لفظه ( ولکن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهیر على متن الحدیث من خطبته علیه السلام فی یوم غدیر خم باتفاق الجمیع وهو یقول ( من کنت مولاه فعلی مولاه ) فقال عمر : بخ بخ لک یا أبا الحسن ، لقد أصبحت مولای ومولى کل مؤمن ومؤمنة ، فهذا تسلیم ورضى وتحکیم ، ثم بعد هذا غلب الهوى بحب الریاسة ، وحمل عمود الخلافة ، وعقود البنود ، وخفقان الهواء فی قعقعة الرایات ، واشتباک ازدحام الخیول ، وفتح الأمصار ، سقاهم کأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول ، فنبذوا الحق وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمنا قلیلا فبئس ما یشترون ) انتهى .
الشاهد الثالث عشر : واقعة الحارث بن النعمان الفهری ، وقد رواها جم کثیر منهم الثعلبی فی تفسیره ، أنه لما کان رسول الله بغدیر خم نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بید علی . وقال ( من کنت مولاه فعلی مولاه ) فشاع ذلک فی کل بلد ، فبلغ ذلک الحارث بن النعمان الفهری ، فأتى رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم على ناقة له حتى أتى الأبطح ، فنزل عن ناقته وأناخها وعقلها ، ثم أتى النبی وهو فی ثلة من الصحابة فقال ( یا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنک رسول الله فقبلناه ، وأمرتنا أن نصلی خمسا فقبلناه ، وأمرتنا بالحج فقبلناه . ثم لم ترض بذلک حتى رفعت بضبعی ابن عمک ففضلته علینا فقلت ( من کنت مولاه فعلی مولاه ) فهذا شئ منک أم من الله ؟ فقال صلى الله علیه وآله ( والله الذی لا إله إلا هو ، أن هذا إلا من الله ) فولى الحارث یرید راحلته وهو یقول : اللهم إن کان ما یقول محمد حقا فأمطر علینا حجارة من السماء أوائتنا بعذاب ألیم . فما وصل إلیها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله . انتهى . وقد روی بعدة طرق کثیرة أن قوله تعالى ( سأل سائل بعذاب واقع ) نزل فی هذه الحادثة .الشاهد الرابع عشر : استئذان حسان بن الثابت من النبی صلى الله علیه وآله وسلم فی أن ینظم الواقعة ، وشعره متواتر نقلته کتب الفریقین ، قال :
ینادیهم یوم الغدیر نبیهم * نجم وأسمع بالرسول منادیا
فقال فمن مولاکم ونبیکم ؟ * فقالوا ولم یبدوا هناک التعامیا
إلهک مولانا وأنت نبینا * ولم تلق منا فی الولایة عاصیا
فقال له : قم یا علی فإننی * رضیتک من بعدی إماما وهادیا
فمن کنت مولاه فهذا ولیه * فکونوا له أتباع صدق موالیا
هناک دعا اللهم وال ولیه * وکن للذی عادى علیا معادیا
قال ابن الجوزی وأبو عبد الله الکنجی الشافعی : فقال له النبی صلى الله علیه ( وآله ) وسلم : ( یا حسان لا تزال مؤیدا بروح القدس ما کافحت عنا بلسانک ) . وقال قیس بن عبادة الأنصاری وأنشدها بین یدی أمیر المؤمنین علیه السلام یوم صفین . قلت
لما بغى العدو علینا * حسبنا ربنا ونعم الوکیل
وعلى إمامنا وإمام لوانا * أتى به التنزیل
یوم قال النبی من کنت مولاه * فهذا مولاه خطب جلیل
الشاهد الرابع عشر : أن أمیر المؤمنین علیا علیه السلام جاء إلى رحبة الکوفة بمجتمع الناس واستنشدهم على هذا الحدیث ردا على مخالفیه فی أمر الخلافة ، فقال ( أنشد الله رجلا سمع النبی یوم غدیر خم یقول : ( من کنت مولاه فعلی مولاه ) فقام جماعة وشهدوا بالحدیث ، وقد کثر نقل هذه المناشدة بحیث کاد أن یبلغ حد التواتر أو بلغ .
فمنها ما رواه الحموینی فی فرائد السمطین : فقام زید بن أرقم ، والبراء بن عازب ، وسلمان ، وأبو ذر فقالوا : نشهد لقد حفظنا قول رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وهو قائم على المنبر وهو یقول ( أیها الناس إن الله عز وجل أمرنی أن أنصب لکم إمامکم والقائم فیکم بعدی ووصیی وخلیفتی ، والذی فرض الله عز وجل على المؤمنین فی کتابه طاعته ، فقرن بطاعته طاعتی ، وأمرکم بولایته ) إلخ .
الشاهد الخامس عشر : وقوع التعبیر عن هذه الواقعة فی بعض الأحادیث بالنصب وإن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم نصب علیا علیه السلام لمقام الولایة . ومن الواضح أنه لا یعبر عن مجرد إثبات المحبة بالنصب .
المصدر : کتاب شبهات حول الشیعة – أبو طالب التجلیل التبریزی ص 92 – بتصرف
المصدر: روضة الصفا – ج 1 ص 173

شاهد أيضاً

ثقافة الثورة عند الإمام الحسين عليه السلام

  قال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.